ابتدائية مراكش…الاكتظاظ سيد الموقف
الكاتب:
المصطفى صفر
بشكلها الهندسي الذي يؤرخ للحقبة الاستعمارية، ما زالت المحكمة الابتدائية بمراكش تقاوم تقلبات الدهر، في البداية كان عدد ملفاتها المعروضة عليها محدودة، لكن مع الانفجار الديمغرافي والعمراني بمراكش والضواحي، تحول الأمر إلى كابوس يؤرق بال القضاة والموظفين وممتهني مهن القضاء، الأمر الذي يتطلب تدخل الجهات المسؤولية لوضع حد لهذا الاكتظاظ الذي يؤثر على سير الجلسات وضمان جودة التقاضي، وهو ما ينتظره المراكشيون بعد وعود تلقوها منذ زمن طويل.
مع ولوج البوابة الرئيسية للمحكمة الابتدائية بمراكش، تضيق بك بوابتها المنشطرة إلى قسمين، قبل أن تلجها لتكتشف ما يشبه سوقا، فالبهو مملوء عن آخره بالراجلين وبينهم أصحاب البذل السوداء، فيما القاعات اكتظت بالمتقاضين، وحدها «الكابينة» الزجاجية الموجودة في المدخل فارغة إلا من موظف ينفث سيجارته غير آبه بمنع التدخين في الأماكن العمومية….
جولة سريعة بالمحكمة الثلاثاء الماضي، كانت كافية للوقوف على أجواء الاشتغال الصعبة التي يعانيها المنتسبون إلى أسرة العدالة من قضاة ومحامين ومفوضين وغيرهم ممن يرتفقون بهذه المؤسسة العمومية.
الطابق الأرضي مخصص قاعات للجلسات ومكاتب لمختلف المصالح، فيما الطابق الأول خصص جناح منه لرئيس المحكمة وكتابته الخاصة، ثم وكيل الملك ومكتب كتابته الخاصة، بينما الجناح المقابل خصص مكاتب للقضاة، سواء منهم الواقفين أو الجالسين.
الحركة لا تتوقف في الطابق الأرضي وصوت حديث الموجودين في البهو يمتزج مع أصوات المترافعين في القاعات، في سمفونية ألفها الوافدون على المحكمة.
حتى السلالم المفضية إلى الطابق الأول امتلأت بالجالسين بعد أن أضناهم التجوال بين مختلف المرافق، وبينهم من يحمل وثائق تبليغ وآخرون ينتظرون حلول محام قبل انطلاق جلسة.
مكتب زجاجي أنيق يشغل حيزا مهما عند بوابة المحكمة الابتدائية، كتب على جانب منه أنه مخصص للجالية المغربية المقيمة بالخارج، تحول إلى مكتب للعموم، يشغله عون يرشد السائلين ويجيب عن طلباتهم المألوفة، بحثا عن مصلحة أو قسم أو سؤال عابر، قد لا يكون له جواب.
المكتب نفسه، يخصص في العطلة الصيفية شباكا لاستقبال المتقاضين المقيمين خارج أرض الوطن، إلا أنه بمرور العطلة الصيفية يتحول إلى مكتب للكل، ويجد أفراد الجالية أنفسهم أمام مساطر عادية إسوة لهم بالعموم.
على يمين مكتب الاستقبال سالف الذكر، يوجد مكتب كتب على لوحة منصوبة أمام بوابته «خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف»، مكتب ضيق لا يسع إلا لمكتبين تشغلانهما موظفتان، فيما ببوابته نسوة ينتظرن الدور.
المحكمة كانت من الإرث الفرنسي، وقاعاتها الفسيحة تدل على ذلك، ولم تعد صالحة، إذ لم لم يضف إليها شيء مهم، بقدر ما أضيفت إليها الملفات المتراكمة، حسب ما صرح به مصدر مطلع.
وأضاف المتحدث نفسه أن المحكمة الابتدائية لمراكش، تهتم بقضايا المدينة كلها، إضافة إلى مراكز أيت أورير وتحناوت، والحوز كله. وهو ما يجعل القضايا التي ترد عليها كثيرة ويتولد عن ذلك الازدحام.
في انتظار استكمال بناية أخرى، لتقليص شعب المحكمة الابتدائية، فإن واقعها يبقى منذرا باكتظاظ متواصل وتراكم الملفات، فيما زوارها من المتقاضين أكثر من المحامين والقضاة.
تتكون المحكمة من خمس قاعات للجلسات موزعة بين المدني والجنحي التلبسي وقضايا الشغل ومنازعاته، وقضايا المسؤولية التقصيرية والقضايا الاستعجالية، ثم قضايا الجنحي العادي.
وتحدث المصدر ذاته على أن قاعتي الجلسات المخصصة للجنحي، تعرف رواجا طيلة اليوم، بل تبقى إلى وقت متأخر من الليل، وتعرف معدلات تصل إلى 200 ملف يوميا، ما يرهق القضاة وكتاب الضبط ومختلف العاملين فيها.
الصباح