البوليساريو المحاصرة على الساحة الأوروبية تتهرب من مواجهة الممثلين الحقيقيين للساكنة الصحراوية
كان المشهد مثيرا للشفقة يوم أمس الخميس 30 غشت بالبرلمان الأوروبي، وهو يظهر البوليساريو مضطربا، خجولا، وفاقدا للحجج، وخصوصا عاجزا عن مواجهة، ولو للحظة، الممثلين الحقيقيين للساكنة الصحراوية، الذين جاؤوا من العيون والداخلة للحديث باسم القوى الحية للمناطق الجنوبية للمملكة عن استفادة وانعكاس اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي على هذه الساكنة.
ونظمت هذه الجلسة من قبل لجنة التجارة الخارجية بالبرلمان الأوروبي التي تقوم بعملية المراقبة من أجل التأكد من استفادة الساكنة من المداخيل التي تدرها الاتفاقيتان.
وكان لرئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، ينجا خطاط ونائبة رئيس مجلس جهة العيون فاطمة سييدا الوقت الكافي لاستعراض، أمام النواب الأوروبيين، أعضاء لجنة التجارة الخارجية بالبرلمان الأوروبي، الامتيازات التي توفرها الاتفاقيتان، وانعكاساتهما على التنمية المحلية وحياة الساكنة.
وقبل دخولهما في صلب الموضوع، عبرا عن أسفهما في رؤية أعضاء من البوليساريو يفضلون الهروب إلى الأمام وتجنب المواجهة مع الممثلين الحقيقيين لساكنة الصحراء المغربية، وهم المنتخبون ومختلف الفاعلين في المجتمع المدني في الأقاليم الجنوبية، والذين يشاركون، بكل استقلالية، وبشكل ديمقراطي في تدبير الشأن المحلي ويستفيدون من ثمار التنمية الاقتصادية على غرار مواطنيهم بباقي جهات المملكة.
وأبرز ممثلا الجهتين، بهذه المناسبة، القيمة المضافة التي تم تسجيلها في مجال تشغيل الشباب والتنمية في القطاعين معا، داعين النواب الأوروبيين إلى دعم المصادقة على الاتفاقين الذين تبدو انعكاساتهما على المنطقة بشكل جلي.
ولم يفوت المنتخبان هذه المناسبة للتأكيد على الزخم الاقتصادي الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية للمملكة بفضل المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها في المنطقة تنفيذا للرؤية الملكية لتنمية متكاملة وشاملة تعود بالنفع على الجميع.
من جانبهم، أكد ممثلو منظمات غير حكومية على أن أثر اتفاقات الشراكة مع أوروبا فيما يتعلق بخلق مناصب للشغل والتنمية المحلية كانت مهمة، داعين إلى تعزيز هذه الشراكة لما فيه مصلحة للساكنة.
كما شدد المتدخلون خلال هذا اللقاء على المقاربة التشاركية التي اعتمدتها المفوضية الأوروبية لدى الساكنة والفاعلين المعنيين من أجل توفير جميع شروط تجديد الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى مداخلة المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية والضريبية والجمركية، بيير موسكوفيتشي، مساء أول أمس الأربعاء، أمام لجنة التجارة الخارجية والتي أكد فيها على أن جميع الفاعلين المعنيين تمت استشارتهم، معربا عن أسفه لكون بعض المنظمات رفضت مرارا الرد بشكل إيجابي على دعوة المفوضية الأوروبية.
وشدد السيد موسكوفيتشي على أن ” المفوضية وقسم العمل الخارجي قاما باستشارات واسعة وشاملة مع جميع الفاعلين المعنيين، والذين عبر غالبيتهم عن دعمهم للاتفاق ” معربا عن أسفه لرفض بعض المنظمات وخاصة البوليساريو، المشاركة في هذه الاستشارات.
وقال إن “اليد كانت ممدودة وتم بذل جميع الجهود من أجل دفع هذه المنظمات لحضور الاجتماعات التي برمجناها معها”.
وهكذا، أصبح التهرب الصارخ للبوليساريو معروفا لدى الجميع. فعجز ممثليه المزعومين على تطوير حجج قوية للدفاع عن أطروحاتهم الزائفة انكشفت للعيان. إن ناشطي البوليساريو وعقولهم المدبرة بالجزائر يفضلون التآمر والتلاعب والضغط بدل لغة الحقيقة والمواجهة والنقاش.
هذه المناورات تمكن البوليساريو من ترويج روايتها الخاصة بها لمن يريد سماعها، والاحتفاظ بالسكان المحتجزين في تندوف كرهائن، تحت الأعين اليقظة للجيش الجزائري، والتي تستعملها كورقة للمساومة مقابل المساعدات الإنسانية والتي تقوم بتحويلها.
المناورات ذاتها تعطي للجزائر الفرصة للبقاء من خلال استراتيجية التوتر التي تنهجها مع المغرب، وفي نفس الوقت تحجب مؤشرات ضعف النظام وعدم قدرته على توفير بدائل للشباب الجزائري.
إن المغرب بنهجه الرصين، والقوي بعدالة قضيته الوطنية والذي يحظى بدعم واسع من المجموعة الدولية، يعتمد من جانبه على مقاربة تقوم على الحجج والحقائق التاريخية والأسس القانونية، يدعمه في ذلك انخراط شعبي واسع، وإجماع وطني حول مغربية الصحراء.
ويشكل المقترح غير المسبوق للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية حلا وحدويا يضمن في نفس الوقت تسوية سياسية لهذا النزاع المفتعل، والاستقرار في المنطقة والاندماج المغاربي.