البيـــان الختــامي للدورة 25 للجمعية العمومية ومجلس إدارة الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب
الكاتب:
مراكش 24
في ختام أشغال الدورة 25 للجمعية العمومية ومجلس إدارة الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب التي احتضنتها المملكة المغربية في الفترة من 16 إلى 19 مارس 2015 بحاضرة مراكش، يسجل المؤتمرون الذين يمثلون المؤسسات والمنظمات 23 من 18 دولة عربية دقة المرحلة والظرفية الصعبة، التي يمر بها العالم العربي والتي تتسم بتزايد التوترات السياسية وتنامي النعرات الطائفية ونزوعات التطرف والإرهاب، الأمر الذي يضع إرادة تعزيز العمل العربي وتوحيد الصف العربي على المحك، ويملي واجب استثمار ما تزخر به الدول العربية من عوامل الوحدة والتكامل ونبذ أسباب الفرقة والخلاف واعتماد مقاربة للعمل قوامها حسن الجوار والتحلي بروح المسؤولية وطي صفحة الخلافات والتوجه نحو المستقبل في التعاطي مع القضايا العربية.
إن المشاركين في هذا الملتقى العربي الكبير والنوعي يستشعرون بقلق شديد ما آلت إليه عملية التسوية في منطقة الشرق الأوسط وتداعياته على الوضع الإقليمي والدولي، وينددون باستمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وهم يدعون إلى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي لا زالت تراوح مكانها، رغم كل الجهود والمساعي المبذولة والهادفة إلى دعم قضية الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما يطالبون بإطلاق ديناميكية جديدة داعمة ومحفزة وفق مبادرة السلام العربية والمبادرات الدولية ذات الصلة، ويحثون المجتمع الدولي وبالذات الأطراف الفاعلة فيه على رعاية عملية السلام، وبذل كافة المساعي والجهود الممكنة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتوصل إلى سلام عادل ودائم بالمنطقة، والإسراع في إيجاد حل لهذا الصراع، على أساس الدولتين، وبما يضمن الأمن والاستقرار لكافة شعوب ودول المنطقة.
ولا يفوت المؤتمرين التأكيد على تقوية وحدة الصف الفلسطيني ونبذ الخلاف من أجل الوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع الفرقاء الفلسطينيين، ودعم صمود أشقائنا الفلسطينيين وتقديم ما يلزم من المساعدات لهم، ومواكبة جهودهم في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وفق أولويات وثوابت القضية الفلسطينية.
ولن يكلأ المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس، جهدا من أجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية في إطار مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مع التأكيد على أن السلام العادل والشامل لن يتأتى إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
ويقف المؤتمرون للتعبير عن شجبهم التام واستنكارهم الشديد للتصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي يتحدى فيها مشاعر الأمة العربية معلنا عن رفضه المطلق لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.
وأمام تنامي ظاهرة الإرهاب، يعرب المؤتمرون عن إدانتهم الشديدة لهذه الآفة الخطيرة بكل أشكالها وصورها، ويدعون إلى محاربتها، وإلى تضافر كافة الجهود المخلصة لمواجهتها والقضاء على مسبباتها، وعدم ربطها بأية ثقافة أو حضارة أو دين، ويشددون على ضرورة إعلاء قيم التسامح وإبراز أهمية الحوار وإشاعة روح التعايش، مصداقا لقوله تعالى: “إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، وذلك لمواجهة التعصب العقائدي والإثني والعرقي، وما يصاحبه من مظاهر العنف ورفض الآخر عند فئات تقع ضحية لمروجي إيديولوجيات مغالطات دينية، همهم الوحيد تخريب القيم الإنسانية المنبثقة من المعتقدات الروحية.
كما يدعون إلى تعزيز التنسيق والتعاون، بشكل فعال وشامل ومستمر، مع كافة الدول المعنية من أجل مكافحة خطر الإرهاب والجرائم الأخرى المرتبطة به والعابرة للحدود الدولية مثل غسيل الأموال وتهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر والتي تهدف إلى ترهيب المدنيين الأبرياء وزعزعة الأمن والاستقرار في وطننا العربي، والدعوة إلى ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي لمحاربة هذه الآفة والتي تشكل تهديدا كونيا وتعيق مسيرة التنمية والاستقرار في العالم أجمع.
ويسجل المؤتمرون إدانتهم الشديدة للهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو بتونس الشقيقة، مقدمين خالص عبارات التعازي والمواساة إلى أسر الضحايا مع متمنياتهم بالشفاء العاجل للمصابين في هذا الفعل الشنيع الجبان.
وإذ يعبرون عن انشغالهم الكبير بالتصعيد الخطير في سوريا وما يشهده هذا البلد العربي الشقيق من أعمال العنف والقتل والإرهاب، يشددون على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة من خلال حوار سوري سوري يمكن هذا الشعب من تحقيق طموحاته في الديمقراطية والأمن والاستقرار وبما يحفظ وحدة هذا البلد العريق وسيادته الترابية والوطنية ويصون وحدة مؤسساته كافة بعيدا عن أي تدخل خارجي.
وفي نفس السياق، يدعون إلى اتخاذ خطوات عملية وعاجلة تسمح بتأمين الحماية المناسبة للمدنيين وبدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب مساعدة دول الجوار على تحمل أعباء اللاجئين السوريين الوافدين عليها.
وإن المؤتمرين وهم يتابعون بقلق بالغ المنحى الذي أخذته الأحداث المتسارعة في الجمهورية اليمنية الشقيقة خلال المدة الأخيرة، والتي تجسدت في اللجوء إلى خيار العنف والقوة والتحايل على الشرعية، مما ينذر بنسف محددات المسار السياسي التي انبثقت عن الحوار الوطني اليمني الشامل والمبادرة الخليجية ومساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، يحذرون من أية محاولات لتحويل اليمن إلى ساحة صراع إقليمي أو دولي تحت مبررات واهية، ويناشدون جميع الفرقاء اليمنيين لنبذ العنف ومسالك التطرف، والتمسك بالمصالحة الوطنية وبمكتسبات الحوار الوطني ومخرجاته، وعدم فرض حلول مخالفة لمبدأ الإجماع الوطني، حفاظا على أمن واستقرار اليمن ووحدته الترابية.
ويدعون إلى مساعدة الشعب اليمني على تجاوز الأزمة الأمنية والسياسية، مع الأخذ بعين الاعتبار دعم حاجات المجتمع اليمني في التنمية المستدامة التي تفوق إمكانات الدولة.
وفي موضوع الوضع في العراق، يعرب المشاركون في هذا الملتقى العربي الهام، عن الأمل في أن تعمل الحكومة الجديدة على تعزيز اللحمة الوطنية بين جميع مكونات الشعب العراقي، على أساس المواطنة والمصير المشترك، بعيدا عن النزوع الطائفي الذي يشكل بنية جذابة للتطرف والإرهاب، ويدعون أبناء العراق الشقيق إلى وحدة الصف ونبذ الخلاف بما يمكنهم من اقتلاع جذور وأسباب التطرف ومواجهة كافة الأعمال الإرهابية التي يذهب ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء.
ويناشدون المجتمع الدولي لتقديم كافة أشكال الدعم لإعادة إعمار العراق واندماجه في محيطه العربي والإقليمي، ومساعدته في مكافحة الإرهاب، بكل أشكاله ومهما كان مصدره، ويؤكدون على ضرورة الحفاظ على الوحدة الترابية للعراق ورفض التدخل في شؤونه الداخلية.
كما يعبر المشاركون عن انشغالهم الكبير بالمحاولات المستمرة لهدم مؤسسات الدولة الليبية وتقويض شرعيتها، ويشددون على أهمية وقف فوري لجميع مظاهر العنف التي تسود هذا البلد المغاربي الشقيق، ويناشدون كافة أبناء الشعب الليبي للانخراط الفاعل في حوار وطني جاد وبروح منفتحة وبناءة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السياسية والأمنية في ليبيا.
كما يشيدون بالأجواء الإيجابية التي تمر فيها جولات الحوار الشامل بين الفرقاء الليبيين تحت إشراف المبعوث الخاص للأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا بما في ذلك استكمال بناء الدولة الليبية وتحقيق الاستقرار والتقدم في إطار الوحدة الوطنية، حتى يسهم هذا البلد في الدفع بالاندماج المغاربي في إطار من الوحدة والتقدم لما فيه مصلحة الشعوب الخمسة للمنطقة.
ويتشرف المشاركون في هذه الدورة 25 للجمعية العمومية ومجلس إدارة الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب برفع عبارات الإكبار والإجلال لحضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب لتفضله بإضفاء رعايته السامية على أشغال هذه الدورة، كما يوجهون تحية تقدير وامتنان للسيد رئيس الدورة ومن خلاله إلى كافة الشعب المغربي على جودة التنظيم وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظيت بها الوفود المشاركة في هذا الملتقى العربي البالغ الأهمية والكبير الأبعاد.