“التعاون الأمني المغربي الإسرائيلي: قرار إستراتيجي لتعزيز السلام بالجوار المتوسطي وإفريقيا
بقلم : البشير الحداد الكبير *
منذ إستئناف المغرب علاقته مع إسرائيل السنة الماضية، وهو يؤكد مرة أخرى لأعداء السلام بأنه أرض السلم والسلام وبأنه يعتمد على التنوع في سياسته الخارجية القائمة على المصداقية والشفافية، وكما سبق أن أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أسماه الله وأعز أمره في قمة دول الخليج سنة 2016 أن المغرب دولة ذات سيادة ولا دخل لأحد في قراراته.
قبل الحديث عن هذا الإتفاق الأمني الإستراتيجي والذي سيعود بالنفع على القارة الإفريقية بأكملها، لابد من التذكير أن المغرب في فترة جائحة كورونا لاسيما سنة 2020 كان قد قرر التوجه نحو الصناعة العسكرية، ولتعزيز منظومته العسكرية يأتي هذا القرار عبر مذكرة تفاهم بين المغرب وإسرائيل، وهذا شيء طبيعي لكن خصوم الوحدة الترابية يحاولون جاهدين تضليل الرأي العام الدولي، فالمغرب له إتفاقيات مع العديد من الدول في مختلف المجالات، وما أقدم عليه الآن يأتي في إطار تفعيل ديباجة دستور 2011 (1) التي تؤكد على تعزيز التعاون والشراكة.
إن جلالة الملك حفظه الله أكد في خطاب ثورة الملك والشعب 2021 أن المغرب له دور إستراتيجي في حفظ الأمن والسلام بالجوار المتوسطي وبإفريقيا، وتأتي هذه الإتفاقية العسكرية في إطار تحقيق نفس الهدف، نشر السلم ومحاربة التطرف والإرهاب، فكما هو معلوم أن القارة الإفريقية تواجه العديد من التحديات لاسيما في المجال الأمني، إنتشار جماعات مسلحة إرهابية كجماعة بوكوحرام والتي تزعزع الإستقرار،دون الحديث عن الحروب الأهلية، وبالتالي نظرا للمكانة التاريخية والإستراتيجية للمغرب،فقد انخرط بكل مسؤولية والتزام في محاربة الإرهاب والتطرف والمساهمة في إستقرار الدول،فلا يمكن لأحد أن ينكر الدور المغربي في الحفاظ على إستقرار العديد من الدول الإفريقية، فالمغرب يبعث رسالة أنه بلد السلم والحضارات والتسامح وأنه ضد الإيديولوجيات الظلامية وضد التطرف وضد الإرهاب.
إن المغرب عبر نموذجه الرائد في محاربة الإرهاب ساعد العديد من دول العالم وليس فقط الإفريقية في إجهاض العديد من المخططات الإرهابية،وبالتالي يأتي هذا الإتفاق لتعزيز قدرته العسكرية أيضا، فالمغرب له مساهمات أممية عديدة في إستتباب الأمن بإفرقيا نذكر بإفرقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونهر مانو،والآن نجده في ليبيا يحاول جاهدا قيام دولة ليبية ديمقراطية مدنية.
إن ما يحاول أعداء الوحدة الترابية الترويج له هذه الأيام أن المغرب قام بهذا التحالف الأمني مع إسرائيل من أجل حرب مع الجزائر، وهذه مجرد إشاعات، فالمغرب لن تكون له حرب مع الجزائر ولقد سبق لجلالة الملك نصره الله في خطاب العرش هذه السنة أن أكد على ذلك بأن الشر لن يأتي للجزائر من المغرب، أضف إلى ذلك أن المغرب له قوة عسكرية والتاريخ يشهد بذلك، فالإمبراطورية العثمانية احتلت العديد من الدول لكنها لم تستطيع احتلال المغرب،بل أكثر من ذلك أن المغرب دخل في حروب معها تاريخيا دفاعا عن جاره الشقيق الجزائر، فالمغرب لن يكون مصدر شر للجزائر ولعل الخطب الملكية السامية لجلالة الملك حفظه الله خير مثال على ذلك، فسلاطين المغرب الكرام عبر التاريخ كانوا مصدر خير ونماء وتطور وتقدم للجارة الجزائر، النظام الجزائري العسكري الحالي والغير الشرعي رغم استفزازاته ومحاولته جر المغرب لحرب مباشرة معه حتى يكتسب الشرعية ويحاول آنذاك تصريف أزمته الداخلية مع الشعب الجزائري الشقيق ، لكن المغرب فضل صوت الحكمة والسلم والسلام تحت قيادة ملك السلم والسلام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،وهنا تجدر الإشارة أن المغرب حتى في تحريره لمعبر الكركركات السنة الماضية، حرره بطريقة إحترافية دون إراقة دم، فالمغرب ملتزم بمبادئ وأهداف ميثاق سان فرانسيسكو المحدث لمنظمة الأمم المتحدة.
وفي الختام نقول أن هذا التعاون الأمني من أجل تعزيز السلم والسلام بإفرقيا فهناك مخاطر محدقة هناك جماعات مسلحة تنشط في دول الساحل وجنوب الصحراء، وفي ظل غياب التعاون الأمني الإستخباراتي من طرف الجزائر لوحدها، لأن المغرب مستعد للتعاون في أي لحظة، وبالتالي فمن حقه أولا تعزيز قوته العسكرية والأمنية لمواجهة الإرهاب والتطرف وكذلك لنشر السلم بإفرقيا وفي الجوار المتوسطي.
“المغرب قبل كل شيء ولا غالب إلا الله وحده لا شريك له 🇲🇦”.
الهوامش :
1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 بتاريخ 29 يوليوز 2011،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة :3600.
*باحث بسلك الدكتوراة في كلية الحقوق بطنجة