الرئيسية » 24 ساعة » التهمة : أستاذ متعاقد

التهمة : أستاذ متعاقد

كمال أشكيكة

بعد تراجعه عن عدة تصريحات سبق وأقسم فيها أنه لا تراجع عن قرار التشغيل بالتعاقد، وهو القرار الذي اعتبره قرارا استراتيجيا للحكومة، خرج مؤخرا السيد سعيد أمزازي، وزير التعليم، خلال ندوة صحيفة، مؤازرا بزميله الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، ليصب الزيت عن النار، وعوض أن يحث الأساتذة أطر الأكاديميات على العودة إلى أقسامهم من أجل إنقاذ ما يمكن انقاذه من موسم دراسي بدأت بوادر ضياعه تلوح في الأفق، خرج ليهدد بالعزل من الوظيفة، ويحرض الأكاديميات للجوء إلى القضاء ضد مواطنين/ أساتذة ذنبهم أنهم انخرطو في هيئة غير حكومية، الشئ الذي يضمنه لهم دستور البلاد.

ولم يقف السيد أمزازي عند حدود التهديد، بل أغلق باب الحوار في وجه التنسيقية التي استطاعت أن تحرك قرابة 50 ألف أستاذة وأستاذ، وتقنعهم بترك حجرات الدرس لأكثر من ثلاثة أسابيع متواصلة، ضاربين بعرض الحائط كل التهديدات بعزلهم من العمل، وواقفين فاتحي الأيدي في مواجهة خراطيم مياه قوات الأمن خلال ليلة باردة من ليالي العاصمة الرباط. الشئ الذي لا تستطيع أن تقدم عليه النقابات التي يعتبرها الوزير المحاور الوحيد في ملف جل المعنيين به غير منخرطين بها!. ولا يفوتني هنا أن أخبركم سيدي الوزير أن سر تفوق التنسقيات عن النقابات خلال أي دعوة للإضراب هو كون القياديين في التنسيقيات أطراف معنية مباشرة بالموضوع، وسيسري عليها أي إجراء اتخذته الإدارة في حق المضربين، عكس النقابات التي يسيرها إما متقاعدين وإما متفرغون لذلك، حيث لا يمكن أن تطبق في حقهم مسطرة الإقتطاع من الأجور خلال الإضرابات ولا العديد من المساطر الأخرى التي تتخذها الحكومة للتضييق عن الحريات النقابية للعاملين بمؤسسات الدولة…
إن ما وصل إليه اليوم التعليم من هدر للزمن المدرسي، وما وصل إليه البلد من إحتقان إجتماعي، سببه الرئيسي سياسة الأذن الصماء التي تنتهجها الحكومة في بداية أي شكل إحتجاجي. كأنها تطبق مقولة كم من حاجة قضيناها بتركها. كما أن ما تقوم به الحكومة الآن مع ملف أطر الأكاديميات، من محاولة إدخال الملف منعرج التخوين والقضاء… قد أقدمت عليه مع أشكال نضالية أخرى، وها نحن لازلنا نعيش تبعاته إلى اليوم، وليس ملف الريف و ملف جرادة ببعيدين عنا، وكان لهما الأثر الكبير في تراجع بلادنا في سلاليم الحريات التي تضعها المؤسسات الدولية.
هاهي أحزاب الأغلبية الحكومية تخرج من جديد ببيان تآزر من خلاله وزير التعليم، بيان لا يختلف عن البيان الذي أصدرته خلال إحتجاجات الريف إلا بسحب كلمة التخوين التي كانت السبب في تأجيج الصراع. وهاهي الأكاديميات تشرع في رفع الدعاوي القضائية عن منسقي التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وهو الشئ الذي لا يمكن إلا أن يزيد من توسيع رقعة المتضامنين معهم… فهل أصبح القضاء فزاعة يتم رفعها في وجه كل من عزف خارج اللحن الذي ترغب الحكومة في سماعه؟ وهل ستسمح المؤسسة القضائية لنفسها بلعب دور الجلاد للمختلفين مع السياسة الحكومية؟ أم سيتم إضافة جريمة التعاقد للقانون الجنائي المغربي؟!