المساهمة الاجتماعية للتضامن المطبقة في مجال الضريبة على القيمة المضافة
قلم: المختار السريدي
لقد تم إحداث المساهمة الاجتماعية للتضامن المطبقة في مجال الضريبة على القيمة المضافة على” ما يقدمه الشخص لنفسه من مبنى معد للسكن الشخصي “، بمقتضى قانون المالية لسنة 2013 ، وذلك بغية تبسيط الإجراءات والمساطر واختصار أيسر الطرق من اجل تصفية الضرائب و الرسوم، دون إرهاق للخاضعين للضريبة بكثرة الوثائق والأوراق والفاتورات… وكذاك من اجل الرفع من المداخيل الجبائية بكل مرونة وسهولة ويسر، بعيدا عن التعقيدات والمعوقات والتقديرات الحسابية التي غالبا ما لا ترضي المتعاملين مع الإدارة الضريبية الذين يشتكون كثيرا من بعض الحيف في التعامل مع ملفاتهم سواء برفض هذه الفاتورة أوهذه الوثيقة أو تلك أو الاستفادة من إعفاء أو امتياز ضريبي من غيره.
فما المقصود إذن بهذه المساهمة؟ وما هي عمليات البناء الخاضعة لها؟ وما هي طريقة تصفيتها والسعر المطبق عليها؟ وما هي شروط الإعفاء منها ومختلف الالتزامات المفروضة على الخاضعين لها؟
إن “ما يقدمه الشخص لنفسه من مبنى” أو من بناء ،التي هي ترجمة حرفية للمشرع عن العبارة الفرنسية livraison à soi-même de construction ، هو عملية عرضية بموجبها يتحمل الخاضع للضريبة أو للمساهمة، بصفة شخصية، أو عن طريق الغير، جميع عمليات بناء عقار، سواء كان هذا الخاضع شخصا طبيعيا أو معنويا، وذلك مع مراعاة الإعفاءات المنصوص عليها في القانون . وقد جاء في المادة 274 من المدونة العامة للضرائب، بأنه تحدث مساهمة اجتماعية للتضامن على العمليات التالية المتعلقة بما “يسلمه الشخص لنفسه من مبنى معد للسكن الشخصي”: – عمليات البناء التي يقوم بها أشخاص طبيعيون لمباني معدة خصيصا لسكناهم الشخصية. – عمليات البناء التي تقوم بها الشركات المدنية العقارية التي يؤسسها أفراد الأسرة الواحدة من اجل بناء وحدة سكنية مخصصة لسكناهم الشخصية. – عمليات البناء التي تنجزها التعاونيات السكنية المؤسسة والمزاولة عملها وفق التشريع الجاري به العمل، لوحدات سكنية معدة للسكن الشخصي لفائدة المنخرطين فيها. – عمليات البناء التي تنجزها الجمعيات المؤسسة والمزاولة لعملها وفق التشريع الجاري به العمل، لوحدات سكنية معدة للسكن الشخصي لأعضائها. ويراد بالوحدة السكنية، السكن غير القابل للقسمة الذي سلمت في شأنه رخصة للبناء.
ويقصد بالسكن الشخصي حسب ما جاء في المذكرة التفسيرية عدد 721 الصادرة عن المديرية العامة للضرائب والمتعلقة بالمقتضيات الجبائية لقانون المالية رقم 12-115، للسنة المالية 2013 ،صفحة 69، المحل المبني المعد من طرف مالكه سواء : – للسكنى الرئيسية. – أوللسكنى الثانوية . – أو للسكنى التي يشغلها أصوله أو فروعه. – اوالمحلات المكتراة ذات الاستعمال السكني بما فيها المحلات التجارية المتصلة أو الملتصقة بها.
أما عمليات البناء التي تكتسي طابع الاعتياد والتكرار والانتظام- كما جاء في نفس المذكرة السالفة الذكر في صفحتها رقم 70- وكان الهدف منها إعداد محلات مبنية سواء للبيع أو للكراء ،فإنها تدخل في إطار الإنعاش العقاري، وتخضع بالتالي للضريبة على القيمة المضافة كما هي منصوص عليها في المواد من 87 إلى 125 مكرر من المدونة العامة للضرائب، خصوصا المادة 89 في فقرتها السابعة التي تم تغيير أحكامها بمقتضى البند 1 من المادة 9 من قانون المالية لسنة 2013، والتي تتحدث عن ما يصطلح على تسميته ب :”ما يسلمه الشخص لنفسه من الأعمال العقارية وعمليات التجزئة والإنعاش العقاري “.
غير انه تعفى من هذه المساهمة الوحدة السكنية التي لا تزيد مساحتها المبنية المغطاة عن 300 متر مربع، وعليه فان كل مساحة مغطاة تتعدى هذا الحد تخضع لأداء المساهمة بالنسبة لمجموع المساحة المغطاة. وتصفى هذه المساهمة على أساس 60 درهم عن كل متر مربع من المساحة المغطاة لكل وحدة سكنية ، تطبيقا لمقتضيات المادة 275 من المدونة العامة للضرائب. وهذا يشكل استثناء من السعر العادي للضريبة على القيمة المضافة المحدد بنسبة 20% من الأساس الخاضع للضريبة. وتلك طريقة بسيطة ومبسطة لتصفية الضريبة تنم عن توجه جديد وعن حكمة وفطنة من المشرع الجبائي المغربي نتمنى أن يعممها على بعض الضرائب والرسوم الأخرى ،خصوصا الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية التي لازالت تجتر وراءها مشاكل كثيرة ومعقدة فيما يخص تصحيح الأساس الضريبي واعتماد عناصر المقارنة المطابقة وعقود التملك التي يجب الاخد بها في احتساب الضريبة والاخد أو عدم الاخد بالاستثمارات المصرح بها…..
أما بالنسبة لإيداع الإقرار الضريبي وأداء مبلغ المساهمة، فانه يجب على الخاضعين أن يدلوا لدى قابض إدارة الضرائب الذي يوجد بدائرته الترابية موقع المبنى المفروضة عليه المساهمة، بإقرار معبئ وفق نموذج معد من طرف الإدارة لهذا الغرض، تحدد فيه بدقة المساحة المبنية المغطاة بالمتر مربع، وكذا مبلغ المساهمة، مشفوعا برخصتي البناء والسكن أو أي وثيقة رسمية تقوم مقامهما تبين بكيفية واضحة حجم المساحة المبنية المغطاة بالمتر مربع، وذلك داخل اجل 90 يوما الموالية لتاريخ رخصة السكن.
الآن وقد مرت سنتان اثنتان تقريبا على دخول هذه الضريبة-المساهمة حيز التطبيق دون أن نسمع عن الإدارة الوصية بما يفيد تحقيق أو عدم تحقيق الاهذاف المتوخاة منها ،نتمنى من المشرع الضريبي أن يسير على هذا المنوال في تصفية العديد من الضرائب التي غالبا ما تخلق جدالات عميقة سواء على مستوى ربطها أو تأسيسها أو الأسس الخاضعة لها، لما في ذلك من تخفيف على الخاضعين للضريبة وحتى على مفتشي الضرائب من كثرة الوثائق و الأوراق والفاتورات وما يليها من عمليات حسابية من اجل تصفية ضريبة معينة قد لا تروق في الغالب الأعم الخاضع لها. كما أن هذه الطريقة البسيطة في تصفية الضريبة قد تسد الباب نهائيا أمام أي تزوير أو متاجرة في الوثائق أو الفاتورات التي لازالت تتغذى عليها بعض الشركات الفاشلة التي اتخذت منها حرفة – وفي وضح النهار –من اجل ربح سهل وسريع ودون أي عناء يذكركما سبق وقلت في مقالات عديدة.
وبهذا يمكن أن نخفف عن مفتش الضرائب جزءا من الأعمال المرهقة التي تضغط عليه يوما بعد آخر، خصوصا حينما يجد نفسه أمام فاتورات صحيحة من حيث الشكل، لكنها في واقع الأمر عبارة عن فاتوارت من صنع الخيال أو فاتورات مزورة بإتقان وتأخذ من وقته الشيء الكثير من اجل فحصها وتمحيصها ومن تم التعامل أو عدم التعامل معها.
كما يمكن أن نخفف على الخاضعين للضريبة –وهذا بيت القصيد- جزءا كبيرا من المتاعب في الحصول على هذه الوثيقة أو تلك أو البحث عن هذه الفاتورة أو تلك من اجل استكمال ملف ضريبي لا يعرف احد الضريبة التي ستترتب عليه.