تعرف لأول مرة على البنود السرية ل “معاهدة مراكش” التي وقعتها الولايات المتحدة مع المغرب سنة 1786
كانت معاهدة 1786م والمعروفة بمعاهدة مراكش القاعدة القانونية للتوجهات السياسية الأمريكية بالمغرب، فالأمريكان وقعوا المعاهدة؛ ليحموا أنفسهم من إِجْتِياحات القراصنة، وليفتحوا أمامهم أبواب التجارة المتوسطية، لذلك سميت بمعاهدة «السلم والصداقة» فقد تركزت أغلب فصولها على حالات الحرب والسلم؛ لأن هدف الولايات المتحدة الأمريكية كان هو ضمان السلم مع بلدان شمال إفريقيا إضافة إلى تبادل الأسرى، وحماية السفن والأمتعة في حال دخول أحد طرفي المعاهدة في حرب سواء مع الدولة الموقعة على المعاهدة أو من طرف ثالث (الفصل 1-5) . كـــذلك تضمنت المعاهدة فصولًا تتعلق بمسألة التمثيل الدبلوماسي حيث سمح للأمريكيان بفتح قنصليات في المغرب إسوة بالدول الأروبية الأخرى تمتيع قناصلتهم للامتيازات نفسها التي يتمتع بها قناصل البلاد الأجنبية الأخرى، إضافة إلى منحهم اختصاصات تتعلق بالقضاء (الفصل 20-24).
كـــذلك تناولت المعاهدة الشروط المتعلقة بالملاحة البحرية وحماية الْأَفْـرَادِ الموجدين عل ظهر السفن مع الالتزام بنجدة تلك السفن، في حالة جنوحها أو تعرضها لكوارث بحرية وإعفاءها من كل مصادرة أو تفتيش.
الواضح أن توقيع معاهدة السلم والصداقة خلف ارتياحًا لدى جميع الأطراف، إذ أبرزت سياسة الإنفتاح التي نهجها السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وعدم رغبته في الإنخراط في الصراع بين القوى الأروبية أَثْنَاء هذه الفترة. وشكلت الإطار القانوني للحضور الأمريكي في حوض البحر المتوسط، وفي المغرب وحماية التجارة والسفن الأمريكية من إِجْتِياحات الجهاد البحري، وإيجاد منافذ جديدة للبضائع الأمريكية. إذ صرح باركلي بعد توقيع الاتفاقية:
«إن البضائع القليلة المنتجة بالمغرب ستجد إقبالًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه لاتوجد بضائع مصنعة بهذا البلد باستثناء قليل من الجلد المدبوغ، وهو رقيق وجيد، وأن توقيع معاهدة السلم والتجارة ستكون لها نتائج جديدة. حيث ستكون تجارتنا في البحر الأبيض المتوسط في أمان بفضل المغرب، إذ ستدخل سفننا موانئه، كـــذلك سيكون بإمكاننا إيصال الحبوب والبضائع إلى المغرب وإسبانيا أو البرتغال وإيطاليا، وعندما تتوقف الملاحة عندنا بسبب فصل الشتاء ستتمكن من الإتجار مع بلدان شمال إفريقيا وسيرنام ومع الهند».
لقد عرفت العلاقات بين البلدين فترة سلم لمدة أربع سنوات إلى تاريخ وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد الله في شهر أبريل (إبريــل) سنة 1790، حيث دخل المغرب في صراع مع بعض البلاد، وخاصة إسبانيا، إضافة إلى الاضطرابات التي عرفها عصر المولى اليزيد. وقد حاولات الولايات المتحدة الأمريكية معاودة ربط للاتصال مع المغرب بتعيين Barcly في الثالث من شهر أيــار (مــايو) سنة 1791 لإجراء اتصال مع المولى اليزيد لتجديد اتفاقية 1786 وتقديم أوراق اعتماده كأول قنصل أمريكي بالمغرب، إلا أن الظروف التي كان يعيشها المغرب آنذاك حالت دون ذلك، وبقي باركلي المبعوث الأمريكي بإسبانيا ينتظر إلى أن تهدأ الأحوال ليعبر إلى المغرب، إلا أن وفاته في 19 من شهر كانــون الثـاني (ينــاير) 1793 حالت دون ذلك. وقد نجحت بعد ذلك في تجديد الاتفاقية، وذلك سـنة 1836.