توصيات الندوة المغاربية حول المشترك المغاربي
أكد المشاركون في الندوة المغاربية التي نظمتها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل بمراكش يومي 14 و15 يناير 2017 في موضوع “المشترك المغاربي” وبحضور عدد من الباحثين والخبراء من الدول المغاربية؛ على أن المنطقة تمر بمرحلة حبلى بالتحديات والمخاطر تفرض التكتل والتنسيق.
وعلى امتداد يومين؛ وضمن ثلاث جلسات علمية؛ قدم المشاركون من الدول المغاربية الخمس؛ مداخلات تمحورت حول التأكيد على المشترك الذي تتقاسمه دول المنطقة في أبعاده وتجلياته الثقافية والتاريخية والحضارية والاجتماعية؛ كما وقفوا أيضا على التحديات الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية التي تواجه دول المنطقة مجتمعة.
ففي الجلسة العلمية الأولى التي ترأستها الأستاذة عائشة الحجامي الباحثة المغربية في قضايا المرأة؛ تطرق الأستاذ محمد بن حمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إلى خطورة التهديدات الامنية التي تعرفها المنطقة المغاربية وحذر من الوضع المتدهور في ليبيا، كما أشار إلى أن غياب التنسيق الأمني بين بلدان المنطقة خاصة منها المغرب والجزائر، ستكون له كلفة باهظة على مستوى الاستقرار الامني في المنطقة.
وفي نفس السياق؛ أكد الأستاذ المختار العبدلاوي (كلية الآداب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء) على أن الإرهاب يشكل تهديدا حقيقيا لبلدان المنطقة التي فوّتت مجموعة من الفرص التاريخية لتفعيل الاندماج؛ معتبرا أن المرحلة الحالية مصيرية، خصوصا وأن غياب الاتحاد المغاربي سيفتح المجال أمام هويات فرعية هدامة؛ كما دعا إلى إحداث قوات مغاربية تساعد ليبيا على الخروج من أزمتها الأمنية.
وفي مداخلته حول المشترك المغاربي وإشكاليات الاندماج لامس الأستاذ ديدي ولد السالك مدير المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية بموريتانيا، مجموعة من الإشكالات التي تعوق الاتحاد المغاربي كانتشار بنيوية الفساد في المنطقة، وغياب مجتمع مدني فاعل يمتلك القدرة على التأثير في السياسات العمومية، واعتبر أن البناء الديمقراطي هو حجر الأساس لبناء هذا الاتحاد.
أما الأستاذة رحمة جلولي من جامعة صفاقص بتونس؛ فقد أكدت على ثلاث مداخل يمكنها تعزيز المسار المغاربي، أولها خيار التحديث في المنطقة بالاستثمار في المكون البشري، وثانيها يتصل بالمكون السياسي وما يتصل بالمدخل الديمقراطي، وأخيرا استحضار المكون الاقتصادي وما يرتبط به من إصلاحات ودعم للاستثمار.
في حين ركزت مداخلات الجلسة العلمية المسائية التي ترأسها الأستاذ عبد المجيد أبو غازي(كلية الحقوق بمراكش) على تكلفة اللااندماج المغاربي، حيث قدمت الأستاذة فتيحة الداودي(مركز جاك بيرك؛ المغرب) خلاصات لأبحاث ميدانية قامت بها في المنطقة الحدودية بين المغرب والجزائر، حول المعيش الحدودي بين الجزائر والمغرب منذ 1994، وتعرّضت للإشكالات التي تواجه سكان المناطق الحدودية سواء الإنسانية منها، أو الاقتصادية؛ مؤكدة على ضرورة التفكير في فتح الحدود المغربية- الجزائرية، وإقرار وضعية خاصة للساكنة القاطنة في المنطقة. في حين ركزت مداخلة الأستاذ المدني بنحيون(الخبير المالي والاقتصادي؛ المغرب) على التكلفة الاقتصادية للااندماج، واعتبر لذلك تكلفة اقتصادية باهظة، كما قدم مجموعة من المعطيات الإحصائية التي تفرض على دول المنطقة التفكير الجدي في تفعيل الاتحاد المغاربي خاصة مع بروز تكتلات اقتصادية على المستوى الدولي.
أما الأستاذ عبد اللطيف الفكاك نائب رئيس المعهد المغربي للعلاقات الخارجية فقد تطرق ضمن مداخلته الموسومة: الاتحاد المغاربي: مفهوم سياسي مستدام أو قابل للتحلل، للعناصر الداعمة لبناء الاتحاد وجدوى هذا الأخير في المرحلة الراهنة؛ معرجا على بعض المحطات التاريخية في هذا الصدد؛ مع الإشارة إلى عدد من الإشكالات التي تهدد مسار هذا البناء في جوانبها المختلفة.
وتضمنت الجلسة العلمية الثالثة التي ترأسها الأستاذ إدريس لكريني (رئيس منظمة العمل المغاربي) مداخلة الأستاذ سعيد هادف الكاتب الجزائري المتخصص في الشأن المغاربي؛ الاتحاد المغاربي في سياق الصراع بين المخطط الإمبريالي والمدّ الديمقراطي؛ مشيرا إلى مجموعة من المفاهيم السياسية التي حاول تناولها في إطار المشهد العام بالمنطقة المغاربية؛ مشيرا إلى الوضع ما زال يتأرجح بين تبعات مخلفات الاستعمار من جهة وإشكالات التحول السياسي بالمنطقة.
واعتبر العربي بلا أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بمراكش ؛أنه منذ الاستقلال الى سنة 2011 عاش المنطقة المغاربية حالة من الجمود السياسي سمّاها بالسنوات الضائعة، وفي المرحلة التي أعقبت ما سمي ب”الثورات العربية” أوصى المتدخل بضرورة تحكيم العقل لتجاوز حالة الاحتقان التي تعرفها دول المنطقة. كما اعتبر عبد الفاضل الغوالي(الفاعل المدني والخبير التربوي المغربي) أن الرهان على الشأن التربوي يعد مدخلا أساسيا في عملية البناء الصحيحة للاتحاد المغاربي وتجاوز المقاربة السياسية الصرفة واعتماد مقاربات جديدة تركز على المشترك المغاربي.
فيما تطرق الأستاذ عبد المجيد بنشاوية (الباحث المغربي في الشؤون المغاربية) لأوهام الخلاف بين المغرب والجزائر على خلفية أزمة العقل السياسي؛ ملفتا إلى ضرورة تجاوز الخلافات والانفتاح على المستقبل خدمة للأجيال القادمة ومصالح المنطقة.
وبعد نقاشات مستفيضة؛ خلص المشاركون في هذا اللقاء إلى العديد من التوصيات التي وردت كما يلي:
1– بلورة استراتيجية مغاربية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تواجه المنطقة في إطار من التنسيق والتعاون؛
2 – السعي إلى إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة الليبية؛ مع التأكيد على أهمية مقتضيات اتفاقيات الصخيرات في هذا الصدد؛
3 – التصدّي للتهديدات الأمنية المختلفة دون المسّ بمبدأي الحكامة الأمنية ودولة الحق والقانون؛
4 – التأكيد على أهمية التعاون الاقتصادي؛ كسبيل لتعزيز العلاقات السياسية بين مختلف الدول المغاربية وتذليل المشاكل العالقة بينها؛
5- استحضار المشترك التاريخي الموسوم بالتطلعات والآمال العريضة في بناء جسر متين لاتحاد مغاربي وازن؛
7- الاستفادة من تجارب التكتل الوازنة على المستوى العالمي؛ كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوربي؛ من حيث التركيز على تشبيك المصالح الاقتصادية؛ والتدرج في الأولويات؛ وتجاوز تبعات الصراعات والحروب الماضية والاستجابة لتطلعات الشعوب؛
7- التأكيد على أهمية الحوار والتواصل في تدبير الخلافات ورتق اللحمة المغاربية؛ انطلاقا من إمكانيات المشترك الحضاري وإغناء ما ترسّب من مقالب ومناورات القوى الاستعمارية بعقل سياسي عقلاني ورؤية مستقبلية واثقة؛
8 – أهمية تعزيز الخيار الديمقراطي في المنطقة على مرتكزات مؤسساتية حقيقية تضمن احترام الحقوق والحريات؛ وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتعزيز دور المجتمع المدني في تجاوز حالة الركود التي تطبع أداء الاتحاد المغاربي؛
9- التحذير من الكلفة الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي يفرزها اللاندماج المغاربي؛
10 – التأكيد على أهمية المجتمع المدني في تعزيز الدبلوماسية الموازية وتجاوز الخلافات وترسيخ وعي بالمشترك وبكلفة اللاندماج المغاربي؛
11- الدعوة إلى استحضار الأبعاد الاجتماعية والإنسانية لساكنة الحدود بين المغرب والجزائر؛
12 – العمل على خلق شبكات لمنظمات المجتمع المدني ذات طابع مغاربي؛ وإقامة مراكز للدراسات والبحوث تعنى بالشأن المغاربي؛
13 – دعوة وسائل الإعلام المغاربية المختلفة إلى الانخراط في التحسيس بأهمية البناء المغاربي والترويج للمشترك في أبعاده المختلفة؛ وتعزيز التواصل بين الشعوب المغاربية؛ مع التركيز على الشباب المغاربي الذي يجسد المستقبل الواعد في هذا الخصوص؛
14 – تشجيع الطلبة في دول المنطقة على إنجاز بحوث في سلكي الماستر (الماجستير) والدكتوراه تهم الشأن المغاربي، وإحداث وحدات متخصصة في الدراسات المغاربية بالجامعات؛
15 – تعزيز التعاون العلمي والأكاديمي والتربوي بين دول المنطقة؛ وإعادة صياغة المناهج والبرامج التعليمية بصورة تدعم التعاون والتنسيق والشراكات بين الجامعات ومراكز الأبحاث في هذا الصدد؛
16– تشجيع التبادل الثقافي والرياضي بين دول المنطقة؛
17- التأكيد على الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الجماعات الترابية في تعزيز التعاون المغاربي من خلال اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي.. يشار إلى أن منظمة العمل المغاربي هي هيئة مدنية مستقلة تأسست عام 2011 بمراكش؛ وهي تسعى إلى التحسيس بأهمية البناء المغاربي.