جلالة الملك: حرصنا على أن يقترن دفاعنا عن استراتيجيات التكيف والتخفيف على الصعيد الدولي بالالتزام بها على الصعيد الوطني من أجل تزويد المملكة بنموذج تدبيري شامل ومستدام
أبيدجان – أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطاب وجهه إلى المشاركين في القمة التي افتتحت أشغالها اليوم الاثنين بأبيدجان حول الجفاف والتدبير المستدام للأراضي، الحرص على أن “يقترن دفاعنا عن استراتيجيات التكيف والتخفيف على الصعيد الدولي بالالتزام بها على المستوى الوطني، وذلك من أجل تزويد بلادنا بنموذج تدبيري شامل ومستدام”.
وأبرز جلالة الملك في الخطاب الذي تلاه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السيد محمد صديقي، أن مكافحة تغير المناخ لا تنحصر في مسألة التخفيف من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بل تشمل كذلك الإدارة المستدامة للأراضي، مؤكدا جلالته أن “معركتنا تقتضي التزاما على عدة جبهات، لاسيما منها المحافظة على النظم البيئية، وحماية التنوع البيولوجي، وتقليص مظاهر الهشاشة لدى الفئات الضعيفة من السكان”.
وأكد صاحب الجلالة، في الخطاب الذي وجهه إلى المشاركين في القمة التي تنظم على هامش الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أن الأمر يتعلق ب” جهود نقوم بها، وبكل إصرار، على المستويين الإقليمي والدولي، مع ما يقتضيه ذلك، دوما، من عمل مواز على المستوى الوطني”.
ومن هذا المنطلق، ذكر صاحب الجلالة بقيام المغرب، الذي استضاف الدورة 22 لمؤتمر الأطراف (COP22)، بالرفع من مساهمته المحددة وطنيا فيما يخص الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى 45,5% بحلول عام 2030.
وفي معرض استعراضه للجهود التي يبذلها المغرب في مجال مكافحة تغير المناخ، أكد جلالة الملك أن استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030” واستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، ترومان معا تحقيق الهدف المتعلق بعكس منحى تدهور الأراضي، وتقليص حدة التصحر والتخفيف من انعكاساته، من خلال التنمية البشرية والاجتماعية.
ومن جهة أخرى حرص صاحب الجلالة على التأكيد على أهمية موضوع الماء والحفاظ عليه، والذي يتقاطع مع “التزامنا من أجل مكافحة الجفاف، والمحافظة على التنوع البيولوجي، وحماية النظم البيئية”.
وفي هذا الصدد، يؤكد جلالة الملك أن “المخطط الوطني للماء” الذي أطلقه المغرب، يهدف إلى ضمان الأمن المائي وتأمين الموارد المائية الضرورية، من حيث الكم والجودة، مشيرا جلالته إلى أن النموذج التنموي الجديد يضع المحافظة على الموارد المائية وتعزيزها ضمن الرهانات ذات الأولوية لإرساء نموذج تنموي منبثق من الحاضر، ومتطلع إلى المستقبل.
وأضاف صاحب الجلالة أنه اعتبارا للأهمية التي يوليها المغرب لقطاع الماء فإن “جائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء” تعد في الآن ذاته، مجالا لبلورة وعي شامل بقضايا الماء، وفضاء مرموقا للمنافسة، تتبارى فيه الحلول المبتكرة والمستدامة والمندمجة، من أجل النهوض بقضية الماء.
وشدد صاحب الجلالة على أن تغير المناخ ليس قضية نظرية ولا موضوعا للنقاش العقيم، بل هو واقع مؤلم وقاس، ما فتئت آثاره الوخيمة تتزايد بفعل تعاقب موجات الجفاف بشكل أكثر حدة وتدميرا، ولاحظ جلالته في هذا الصدد أن تعاقب فترات الجفاف، وما ينتج عنه من تدهور للتربة، أضحى يشكلان تحديا كبيرا وحقيقيا. فقد مست آثارهما، خلال العقدين الماضيين، أكثر من مليار ونصف المليار شخصا في العالم، وتسببا في خسائر اقتصادية تفوق 124 مليار دولار.