جنايات مراكش تدين وكيلي سوق الجملة للسمك بإختلاس أموال عمومية
بعد رحلة تحقيق ماراطونية، انطلقت مع طرق قضاة المجلس الجهوي للحسابات لأبواب سوق الجملة للسمك وتسجيل جملة من الاختلالات، لتصل إلى أعتاب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتعرج بعدها على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالغرفة الثالثة باستئنافية مراكش، قبل أن تحط الرحال بمنصة غرفة الجنايات الابتدائية وتدخل وكيلي السوق دوامة المتابعة بتهمة اختلاس أموال عامة موضوعة تحت يدهما بمقتضى وظيفتهما وجنحة الغدر، انتهى مشوار القضية خلال الأسبوع المنصرم بإدانة المعنيين والحكم عليهما بسنتين حبسا نافذا.
وقفت تحقيقات قضاة إدريس جطو، إلى إقدام وكيلي السوق على استخلاص أكثر من 248 مليون سنتيم بطريقة غير قانونية بين الفترة الممتدة من 2006 و2010، مع تسجيل تضارب صارخ في التصريح بالمداخيل للجهات المختصة، ما اعتبر تبديدا لأموال عامة وإفقارا لمالية المجلس الجماعي، دون احتساب ما نتج عن هذه الاقترافات من استغلال للنفوذ واغتناء غير مشروع.
أشار تقرير قضاة المجلس الجهوي للحسابات خلال زيارتهم الميدانية للسوق الذي يخضع منذ سنة 2000 لنظام التدبير عن طريق الوكلاء، إلى أن المكلفين باستخلاص الواجبات المحددة في 7 في المائة، دأبوا على فرض نسبة إضافية (1 في المائة)، حيث بلغ مجموع الأموال المستخلصة في هذا الإطار أزيد من 200 مليون سنتيم دخلت حسابات الوكيلين خارج القوانين المنظمة للمجال.
وإذا كانت هذه الاستخلاصات غير القانونية، قد شكلت باكورة تقرير قضاة المجلس، فقد تم تسجيل جملة من الاختلالات التي تدخل في خانة «الاستهتار بصحة المستهلك»، من قبيل غياب مستودعات التبريد التي تكفل حفظ هذه المادة الغذائية وتقيها من عثرات «الفساد» وتمكن من المحافظة على جودة الأسماك المعروضة واحترام سلسلة التبريد من المصدر إلى المستهلك، فتم الاكتفاء باستخدام قطع الثلج في عملية التبريد، سواء بالنسبة للأسماك التي يتم بيعها أو التي يُحتفظ بها للبيع في اليوم الموالي، دون أدنى مراعاة لما يمكن أن تسببه هذه الطريقة البدائية من آثار سلبية على صحة المواطنين.
تنضاف إلى ذلك ملاحظة غياب أو تغييب كافة الأنواع الممتازة من السمك داخل السوق، ما جعل السؤال مشروعا حول القنوات المعتمدة في تصريف هذه الأنواع وطريقة وصولها إلى الباعة والتجار، بعيدا عن مراقبة المصالح المختصة، وما ينتج عن العملية من تشجيع على التهرب من أداء الواجبات المتعلقة بها، يقول التقرير الذي أكد بأن العديد من المستودعات المتواجدة في المدينة تستورد الأسماك المجمدة دون أداء لأية واجبات للجماعة.
ثالثة الأثافي التي وقف عليها تقرير القضاة في ترويج الأسماك بالمدينة الحمراء، هي لجوء العديد من تجار الجملة لاستخدام سيارات وشاحنات تفتقر لأبسط شروط السلامة الصحية في نقل الأسماك، ما يضرب في الصميم شروط الجودة ويعرض الأسماك لفقدان الجودة ويحيطها بعوادي التلف، حيث ظلت المصالح الجماعية البيطرية تتابع هذا الوضع من موقع المتفرج، دون أن تكلف نفسها عناء التدخل لوقف النزيف وفرض احترام المقتضيات القانونية المنصوص عليها في بنود المرسوم الوزاري المنظم لعملية نقل المواد الحيوانية السريعة التلف والتفسخ.
رئاسة المجلس الجماعي على عهد مرحلة التدبير المنصرمة نأت بنفسها عن مجمل هذه الاختلالات، وأكدت في جوابها على الملاحظات المذكورة، بأن المجلس قد سبق له أن وجه رسائل إلى وكيلي السوق بخصوص استخلاصهما لنسبة من واجبات الدخول خارج القوانين المنظمة، مع التأكيد على أن الجماعة الحضرية قد قررت بناء سوق جملة جديد للسمك تراعى فيه جميع المواصفات المطلوبة للحفاظ على الجودة وصحة المستهلك، مع شرط مصادقة المجلس الجماعي على اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للصيد البحري.
وكيلا السوق اللذان حاصرتهما ملاحظات القضاة دفعا بكون النسبة المقتطعة خارج القوانين، تدخل في إطار واجب التمبر المؤدى من قبلهما لمصلحة الضرائب، وهو الدفع الذي أجاب عنه المدير الجهوي للضرائب بمراكش، بأن النسبة المفروضة في هذا الإطار لا تتجاوز 0،25 في المائة، في حين أنهما يستخلصان نسبة 1 في المائة، الأمر الذي ترتب عنه استخلاص مبلغ 2.046.690.69 درهم بشكل غير قانوني، لتكون الخلاصة أن الوكيلين يقومان باستخلاص نسبة مئوية من المشترين تتجاوز النسبة المحددة قانونا كواجب للتمبر بمقتضى الفصل 252 أ-ب من المدونة العامة للضرائب، وهي الحقيقة التي قادتهما للوقوف بقفص الاتهام بغرفة الجنايات وإدانتهما بالعقوبة المومإ إليها.
إسماعيل احريملة