"جوشوا كوهين" يكتب: أنا يهودي.. وأحب المسلمين
الكاتب:
مراكش 24
كتب الأمريكي جوشوا كوهين المنحدر من أصول مغربية ، طالب علوم سياسية بواشنطن، فى مقال له على موقع “ساسة بوست”، عن أفكاره ومعتقداته تجاه المسلمين قائلا ؛
في مايو الماضي، كنت أقضي رحلة ممتعة بالقطار بين مراكش والرباط، كانت زيارتي الرابعة إلى المغرب كأمريكي يهودي يزور أرض جدته المغربية التي غادرتها قبل فرض الحماية الفرنسية على المغرب في 1912م، وبعدها رحلت إلى أمريكا، واستقرت هناك.
كما اعتدت في المغرب، كان الناس في القطار وَدُودِين، عدد من المسافرين كانوا يبادرون إلى الحديث إليّ، وبداعي الفضول يسألوني: من أين أنت؟ ما الذي أتى بك إلى المغرب؟ أين تعلمت اللغة العربية؟
وكلما تعمق حديثنا، كلما أخبرتهم كم أحب زيارة المغرب، وكم أنا فخور أنّ لي جذورا مغربية، إلى أن سألتني إحدى المسافرات: هل أنت مسلم؟
لا أزال أذكر هذه اللحظة كما لو كانت بالأمس، في مقصورة القطار، كان يجلس رجل قبالتي وبالقرب منه تجلس امرأة وطفل صغير، وبجواري تجلس شابتين.
فقط أصدقائي في المغرب يعرفون أني يهودي، وحين كان يطرح علي السؤال من غرباء كنت أفضل التكتم على هويتي الدينية، لكني فجأة وجدتني أقول في نفسي “أنا في المغرب.. لمَ علي التكتم على يهوديتي.. هؤلاء ليسوا غرباء.. لقد قضينا ساعتين في الحديث، إننا الآن كعائلة كبيرة”، فوجدتني أرد على السيدة “لا سيدتي، لست مسلما، أنا يهودي”.
في هذه اللحظة، قفزت الدماء إلى وجهي الساخن، وبقيت مسمرا منتظرا رد فعل رفاقي في مقصورة القطار، حين نطق الرجل الذي يجلس قبالتي، وقال لي وملامح وجهه تنطق بالفخر”كلنا إخوة وأنت واحد منا، والدين لا يفرقنا”.
المرأة التي كانت تحمل طفلا بين يديها فتحت حقيبة يدها ومنحتني بضع قطع حلوى، الشابتان اللتان كانتا بجواري بدتا مندهشتين، لكن غمرهما أيضا حب الاستطلاع والتعرف على هذا الفتى اليهودي الأمريكي المغربي، الذي حين كبر أخبرته جدته أن وطنها الأول كان المغرب، فأصر على زيارة هذا البلد، وشجعه والداه على تحقيق حلمه رغم أنهما لم يزورا المغرب من قبل.
أذكر أنه حين اقترب القطار من محطة الوصول، أخرجت من حقيبتي علم المغرب، وقُمت بتقبيله، الرجل اغرورقت عيناه، الشابتان أخبرتاني أنهما فخورتان بلقائهما بي، والأم طلبت من طفلها أن يطبع قبلة على خدي.
أم مسلمة تطلب من طفلها أن يقبل خد يهودي بعد ثلاث ساعات من تعارفنا بالقطار، كان هذا نموذجا للمغرب الذي أحب، والذي تبين لي من خلال حديثي مع رفاق القطار أن الناس بعيدا عن السياسة هم الناس، وأن الأخوة والتعايش سهل أن يتحقق بينهم مهما اختلفت دياناتهم.
في تلك اللحظة، سألت نفسي: “لماذا لا يمكن للعلاقة بين المسلم واليهودي أن تكون مثلما هي العلاقة التي جمعتني بمسلمين في رحلة قطار بالمغرب؟”
من خلال إعادة التواصل مع هويتي المغربية، استطعت أن أبني علاقات قوية مع مسلمين، وأن أكون قريبا منهم. أنا يهودي وأنا أحب المسلمين، أحبهم لأن نصف أصدقائي مسلمون، أحبهم لأني حين أزور المغرب أصدقائي المسلمون يرحبون بي في منازلهم، أنام في فراشهم، آكل معهم من طبقهم، أخرج للتنزه معهم، أغني وأرقص معهم، أضحك وأيضا أبكي معهم، وحين تكون لدي مشكلة يكونون بجواري لدعمي.
حين كنت أبلغ من العمر ست عشرة سنة، ساعدتني امرأة فلسطينية مسلمة في إيجاد أول عمل لي وهي تعرف أني حفيد لعائلة إسرائيلية هاجرت في بداية الستينات إلى أمريكا.
عاش جدي وجدتي حياة مليئة بالأحزان المرتبطة بالكراهية والعنف تجاه الآخر، ومع ذلك فهم يصرون دائما أن يعلموني أن أساس التعايش والمحبة بين الناس هو الاحترام المتبادل الذي يجب أن يكون بينهم.
هذه هيّ الأخوة، هذه هيّ الإنسانية…فالمسلمون “الحقيقيون” ليسوا ولن يكونوا أبدا إرهابيين… وأنا لن أكون أبداً معاديا للإسلام أو المسلمين.