خبراء القوانين والعدل يفككون مشروع القانون التنظيمي بمراكش قبل عرضه على البرلمان ويصدرون توصيات مهمة
الكاتب:
مراكش 24
في إطار الأنشطة الثقافية والعلمية التي تواكب المستجدات القانونية على الصعيد الوطني، وفي وقت يشهد فيه المغرب نقاشا واسعا بين وزارة العدل والحريات ومختلف الهيئات والفعاليات القانونية والحقوقية والسياسية والنقابية حول موضوع “إصلاح منظومة العدالة”، نظم مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية، وهيئة المحامين بمراكش، والمركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، وودادية موظفي قطاع العدل، ندوة وطنية في موضوع ” قراءة في مشروع قانون التنظيم القضائي في ضوء الجهوية المتقدمة” و ذلك يومي 18 و19 مارس 2016 برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش جامعة القاضي عياض. وقد افتتحت هذه الندوة الوطنية بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها ترديد النشيط الوطني تعبيرا من المشاركين والمنظمين والمتنادين عن تشبثهم بثوابت ومقدسات الأمة.
إثر ذلك أعطيت الكلمة للسيد ممثل وزير العدل والحريات الدكتور بن سالم أوديجا مدير التشريع بوزارة العدل والحريات الذي ألقاها نيابة عن الأستاذ المصطفى الرميد، أشار من خلالها إلى أن غنى هذه الندوة يعكسه الحضور المتميز لصفوة المهتمين بالموضوع على الصعيد الوطني، كما يعكسه المستوى الرفيع للمشاركين الذين يعتبرون من اللبنات الأساسية للعدالة. وأن هذه الندوة تكتسي راهنية كبرى لأنها تتزامن مع إحالة مشروع قانون التنظيم القضائي على البرلمان الذي سيبدأ مناقشته على مستوى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل 22 مارس .
و قد اعتبر موضوع إصلاح منظومة العدالة من المواضيع الأساسية ضمن السياسات العمومية ببلادنا، و أحد المطالب المقدمة من طرف القوى الحية داخل المجتمع بمختلف مشاربها و أيضا من بين المحاور التي حظيت بعناية بالغة في الخطب الملكية السامية، منوها بأهمية انعقاد هذه الندوة التي تكمن في راهنية موضوعها و في مجموعة من الغايات من أهمها :
تبادل الرؤى بين كل المشاركين بمختلف مشاربهم و تخصصاتهم .
الوقوف على الإشكالات القانونية و الإكراهات الواقعية التي يثيرها موضوع الندوة.
الخروج بخلاصات و توصيات يمكن اعتمادها لتطوير التنظيم القضائي للمملكة تتجاوب مع سياق الجهوية المتقدمة.
ومن جهته رحب السيد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدكتور يوسف البحيري بالسادة الأساتذة وبالحضور الكرام من مسؤولين قضائيين ومن محامين وموظفين بقطاع العدل وأساتذة باحثين وخبراء في الميدان وطلبة.
وقد أبرز السيد العميد في كلمته أهمية الندوة التي تأتي في وقت انخرط فيه المغرب بشكل جذري في إصلاح منظومة العدالة مع تنزيل مضامين الجهوية المتقدمة.
وفي كلمة السيد النقيب الأستاذ مولاي عبد اللطيف احتيتيش أكد أن هيئة المحامين بمراكش وضعت على عاتقها ليس الأمس أو اليوم فقط بل منذ تأسيسها بتاريخ 16 مايو 1927 مسؤولية المساهمة الفعالة والإيجابية إلى جانب كل الفاعلين والمهتمين خاصة في مجال التشريع، وفي هذا الصدد ترى هيئة المحامين بمراكش أن كل تشريع لا يبسط قبل إحداثه أمام المعنيين ليبدوا ملاحظاتهم ووجهة نظرهم واقتراحاتهم على إثر المؤتمرات كما هو الشأن بالنسبة لمؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب أو ندوات كهذه الندوة أو غيرها لاستخلاص التوصيات الجديرة بالاعتبار.
واعتبر في الأخير أن الأسئلة المطروحة في هذه الندوة تتمحور حول مدى استجابة مشروع التنظيم القضائي لأهداف الجهوية المتقدمة، ومدى تناسبها معها، وما تأثير ذلك على مستقبل القضاء المتخصص وإلحاقه بالمحاكم الابتدائية؟
وفي كلمة للسيد رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية الدكتور سمير أيت أرجدال أكد بأن القراءة الأولية للمشروع توحي بوجود مؤشرات إيجابية ذات امتدادات دستورية وحقوقية كتفعيل وتفصيل حقوق المتقاضي وتوسيع دور الجمعيات العمومية. غير أن هذه المؤشرات تخللتها مجموعة من القواعد الإجرائية التي أثارت حفيظة بعض المهتمين الحقوقيين والقانونيين من قبيل تولي السلطة المكلفة بالعدل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم واعتباره مدخلا من مداخل المس بمبدأ استقلال السلطة القضائية.وأضاف بأن اعتماد وحدة القضاء واعتبار المحكمة الابتدائية بمثابة النواة الأساسية في مشروع التنظيم القضائي للمملكة والاكتفاء بإحداث أقسام متخصصة في القضايا الإدارية والتجارية جعل بعض المتتبعين يقرون بأن المشروع دشن لمرحلة التراجع عن مكتسب المحاكم المتخصصة التي كان لها الدور الكبير في إقرار قواعد مرجعية والمساهمة الجدية في تحقيق الأمن بشقيه القانوني والقضائي .
وأكد في كلمته بأن اختيار المغرب لتفعيل مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية يستوجب تأهيل المنظمة القضائية لمواكبة الحكامة الترابية وفق مقاربة شاملة وكاملة لإصلاح منظومة العدالة.
ومن جهته أبرز رئيس ودادية موظفي قطاع العدل الأهمية التي تكتسيها أبعاد هذه الندوة العلمية في تعزيز آفاق التعاون المشترك بين مختلف المتدخلين في منظومة إصلاح العدالة وتطوير أدائها. واستنادا إلى مضامين مشروع قانون التنظيم القضائي أكد المتدخل أنه تجاوب إلى حد ما مع بعض المقترحات التي عبرت عنها الودادية في جولات الحوار وخاصة ما تعلق منها بإعادة النظر في هيكلة المحاكم وماهية العلاقة بين الإدارة القضائية والسلطة القضائية والتي يفترض أن تحدد بالقانون وترتيب المسؤوليات.
كما أشار رئيس الودادية في كلمته بكون المسار التشريعي يبقى فرصة مواتية لتجويد هذا القانون وتدارك ما يمكن استنادا إلى ما يعد ضرورة لإخراج نص يقطع مع منهج الترقيع الذي خضع له قانون 1974 في أكثر من مناسبة.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية أكد الدكتور حسن زرداني نيابة عن رئيس شعبة القانون الخاص على أهمية الندوة وهنأ اللجنة المنظمة على اختيار موضوعها الذي تزامن مع ظرفية إحالة مشروع قانون التنظيم القضائي على البرلمان، كما ثمن دور الجامعة من خلال وظيفتها الثالثة المتمثل في خدمة المجتمع من خلال شراكة كلية الحقوق بمراكش بمجموعة من الشركاء على رأسهم هيئة المحامين بمراكش الشريك الاستراتيجي للجامعة وودادية قطاع العدل بالإضافة إلى المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، ونوه بالمجهودات المقتدرة لمختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية في الانفتاح على مجموعة من الشركاء بقيادة الدكتور عبد الكريم الطالب والذي ترأس الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة ممهدا لجلساتها العلمية.
واحتضنت هذه الندوة حوالي 22 مداخلة موزعة على خمس جلسات علمية وعالجت موضوعات وقضايا ترتبط بمشروع التنظيم القضائي والجهوية المتقدمة من خلال المبادئ العامة للتنظيم القضائي والإدارة القضائية والقضاء المتخصص واستقلال السلطة القضائية والجهوية المتقدمة، وقد ترأس هذه الجلسات باقتدار كبير كل من السيد نقيب هيئة المحامين بمراكش الأستاذ مولاي عبد اللطيف احتيتيش، والأستاذ سمير عيشوبي رئيس ودادية موظفي قطاع العدل، والسيد النقيب أبو الزهور عمر، والدكتور سمير أيت أرجدال رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، والدكتور محمد الربيعي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش
وقد أعقبت هذه الجلسات العلمية نقاشات عميقة ومستفيضة جعلت لجنة صياغة التقرير الختامي والتي ترأسها الدكتور عبد الكريم الطالب تنتهي إلى عدد من الخلاصات. وقد تكونت اللجنة إلى جانب رئيسها من السادة الأساتذة:
السيد النقيب الأستاذ الجيلالي حمومي
الدكتور حسن زرداني
الدكتور سمير ايت أرجدال
الاستاذ عبد المجيد كوبي
الدكتورة وفاء جوهر
الدكتور أشرف جنوي
وانتهت اللجنة إلى صياغة مجموعة من التوصيات أهمها :
إعادة النظر في عدد من الصياغات الشكلية والموضوعية الواردة في المشروع من قبيل المحاكم الابتدائية التجارية والمحاكم الابتدائية الإدارية وذلك لخلق الانسجام بين مختلف مواد المشروع وباقي القوانين ذات الصلة.
الإبقاء على المحاكم التجارية والمحاكم الإدارية مع الرفع من عددها تدريجيا انسجاما مع فلسفة الجهوية المتقدمة.
اعتبار إحداث الأقسام المتخصصة للقضاءين التجاري والإداري مرحلة انتقالية في أفق إحداث محاكم متخصصة قائمة الذات.
وضع معايير مضبوطة وموحدة لوضع خريطة قضائية تساعد على التوازن الجهوي وعلى رأسها القرب والفعالية والنجاعة القضائية وتعزيز مبادئ الحكامة القضائية الجيدة.
التركيز في التدبير القضائي على مبادئ الجهوية المتقدمة مع مراعاة خصوصيات مرفق القضاء.
تعزيز الأمن القضائي والقانوني تماشيا مع التوجهات الكبرى للدستور المغربي لسنة 2011.
إحداث مجلس تنسيق جهوي على مستوى دوائر الاستئناف مشكل من القضاة ومساعدي القضاء لخلق الملاءمة مع التقطيع الجهوي الجديد.
8- تحديد مهام الكاتب العالم للمحكمة بدقة تحول دون تداخل الاختصاصات
9 دعما للمؤسسة التشريعية تم خلق لجنة للتتبع والترافع في مشروع التنظيم القضائي.