دراسات حديثة : التعافي من مضاعفات “كورونا” يتطلب شهورا طويلة
كشف تقرير نشره موقع Business Insider الأمريكي يوم الثلاثاء 18 غشت 2020، أن الدراسات أثبتت عدم تعافي مرضى فيروس سارس الذي انتشر في 2003، حتى بعد 6 أشهر من ظهور الأعراض عليهم، وهي نفس المؤشرات بخصوص مرضى فيروس كورونا. حيث وجدت دراسة أُجريت عام 2011 على 109 من مرضى سارس في مدينة تورنتو، أن أكثر من نصفهم لم يعودوا إلى العمل بعد مرور عام على خروجهم من العناية المركزة.
ووجد بحث أُجري عام 2009 في هونغ كونغ، أن أكثر من 40% من مرضى سارس الذين خضعوا للدراسة هناك أبلغوا عن إصابتهم بإرهاق مزمن بعد مرور 4 سنوات من بدء مرضهم. وبالمثل، أبلغ العديد من مرضى كوفيد-19، أن الأعراض قد تستمر لعدة أشهر. وفي يوليوز 2020، تحدّث موقع Business Insider الأمريكي مع 17 مريضاً بفيروس كورونا، استمر ظهور الأعراض عليهم لأكثر من 100 يوم.
كذلك قيَّم باحثون إيطاليون مؤخراً 179 مريضاً تقريباً بعد شهرين تقريباً من ظهور أول أعراض كوفيد-19 عليهم، ووجدوا أن نحو 44% منهم يملكون جودة حياة متدنية، ولا تزال معاناة الكثيرين من التعب وضيق التنفس وآلام الجسم والصدر مستمرة. حيث يشبه فيروس كورونا المستجد من الناحية الوراثية فيروس سارس؛ إذ يشترك الاثنان فيما يقرب من 80% من شفرتهما الوراثية، وكلاهما ينتميان إلى عائلة فيروس كورونا، التي تضم مئات الفيروسات التي تنتشر في الغالب بين الحيوانات، لكن سارس وفيروس كورونا المستجد، المعروف سريرياً باسم سارس-كوف-2، اثنان من فيروسات كورونا الثلاثة الوحيدة التي قد تكون قاتلة للبشر.
لذا فإن فالأبحاث السابقة حول مرضى سارس، تقدم أدلة حاسمة حول مستقبل المصابين بأعراض طويلة الأمد لكوفيد-19، حيث يوفر سارس أدلة مبكرة على الأعراض طويلة الأمد. وأعُلن احتواء تفشي فيروس سارس، في يوليوز 2003، بعد أقل من أربعة أشهر من تعرُّف منظمة الصحة العالمية عليه. وبحلول ذلك الوقت، بلغت الإصابات ما يقرب من 8100 إصابة وحالات الوفاة 774 حالة في جميع أنحاء العالم. واقتصر تفشي المرض في الغالب على الصين.
كذلك، وبعد دراسة العاملين في مجال الرعاية الصحية لمدة عامين في المتوسط، وجد هارفي مولدوفسكي، الأستاذ الفخري الذي درس حالات سارس بجامعة تورنتو، أوجه تشابه بين مرضى سارس ومَن يعانون من متلازمة الإرهاق المزمن.
وأضاف أن بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية انتهى بهم المطاف في الدخول والخروج من المستشفى على مدار سنوات. فيما حدّد بحثه أيضاً مجموعة من الأعراض، وهي الإرهاق المستمر، وآلام العضلات، والضعف، والنوم غير المريح، التي كانت فريدة لمرضى سارس. وسمَّى الحالة بـ”متلازمة ما بعد سارس المزمنة”.
لكنّ الباحثين الآن يركزون على صياغة تشخيص للمرضى الذين يتعافون من كوفيد-19، بحالة مشابهة للحالة التي وجدها مولدوفسكي لدى مرضى سارس. كذلك كتب باحثون في جامعة مانشستر، في يونيو 2020: “كما حدث بعد تفشي مرض سارس قد تستمر نسبة من المصابين بكوفيد-19 في المعاناة من متلازمة ما بعد الفيروس الحادة التي نطلق عليها اسم متلازمة ما بعد كوفيد-19”. وعرّفوا الحالة بأنها “حالة طويلة الأمد من الإرهاق المزمن”، حيث يعاني الناس من ألم إضافي أو تشوش الوعي بعد زيادة النشاط البدني.
يتمثل التحدي الرئيسي في دراسة آثار كوفيد-19، بالإضافة إلى نقص البيانات طويلة المدى، في أن المرضى الذين يشعرون بالمرض قد يظهرون بصحة جيدة على الورق. فقد قال مولدوفسكي إن النغمة الحالية بين الأطباء مشابهة لتلك التي سمعها في عام 2011: “لا نعرف ماذا نفعل مع مرضانا، إنهم يشتكون من أنهم مرضى، لكنهم ليسوا مرضى، لا يمكننا العثور على شيء غير طبيعي فيهم”.
أضاف أن الأطباء أُربكوا بنفس الشكل بسبب الاعتلال الغامض طويل الأمد لدى مرضى سارس؛ لأن التصوير بالرنين المغناطيسي لم يظهر تلفاً واضحاً في الجهاز العصبي، خصوصاً أن المرضى لم يستجيبوا للعلاجات كذلك. فيما ختم مولدوفسكي كلامه بالقول: “لقد جرّبوا كل شيء، جرّبوا العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي، حاولوا معالجتهم عند علماء نفس، ولم يتمكنوا من الوصول إلى أي نتيجة”. :