دراسة: الأطفال البارعون بالكذب يتمتعون بذاكرة قوية
الكاتب:
وكالات _مراكش 24
بيّنت دراسة حديثة، أن الأطفال الذين يجيدون الكذب يتمتعون بذاكرة أقوى من غيرهم، خاصة الذاكرة العاملة اللفظية، أي المتعلقة بتذكر الكلام.
فبحسب الباحثين، الأطفال البارعون في الكذب يجيدون اختلاق قصص جديدة للتغطية على كذبتهم الأولى وليتجنبوا أن يكشف أمرهم.
و قالت د. إلينا هويكا، عضو في فريق الباحثين من جامعة شيفيلد البريطانية: إنه على الرغم “من أن الأهل في الغالب لا يفخرون بأن أطفالهم يكذبون، إلا أنهم على الأقل يستطيعون الاطمئنان الآن بأن طفلهم يكتسب مهارات تفكير وذاكرة جيدة من خلال اختلاق القصص”.
واعتمدت الدراسة على تجربة أجريت على 114 طفلاً في سن السادسة والسابعة، كانوا يميلون للغش في الاختبارات، إذ قام الباحثون بإجراء اختبار صغير للأطفال، وميّزوا من بينهم أولئك الذين حاولوا أن يغشّوا عن طريق الوصول للإجابات المكتوبة على ظهر بطاقة السؤال.
في البداية كانت الأسئلة بسيطة، مثل: ما هو صوت الكلب؟ أو ما هو لون الموز؟ أما بعد ذلك طرحت عليهم أسئلة أكثر صعوبة مثل السؤال عن اسم شخصية معينة في فيلم كرتوني، يذكر أن الأطفال تركوا لوحدهم في الغرفة مع بطاقة مقلوبة كتبت عليها الإجابات باللون الأخضر وطلب منهم عدم قلب البطاقة.
في هذه الأثناء لم يعرف الأطفال أنهم مراقبون عبر آلات التصوير المثبتة في مكان مخفي داخل صندوق كرتوني؛ وهو ما مكّن الباحثين من معرفة الأطفال الذين حاولوا الغش سواء عن طريق قلب البطاقة أو محاولة تخمين الإجابة عبر النظر والتدقيق بظهر البطاقة.
بعد انتهاء هذه المرحلة من التجربة، جزء من الأطفال الذين أجابوا إجابات صحيحة على الأسئلة ادعوا أنهم لم يغشوا (في حين أنهم غشوا)، فقام الباحثون بإجراء اختبار صغير آخر لهم، فقد طلب منهم تخمين لون الخط الذي كتبت به الإجابة على البطاقة، وعليه تم تصنيف الأطفال الذين أجابوا إجابات خاطئة وادعوا أنهم لا يعرفون لون الخط بأنهم “بارعون في الكذب”، وصنّف الأطفال الذي كشفوا عن غشّهم بأنهم “سيئون في الكذب”.
وللمقارنة، أجريت التجربة نفسها على مجموعة أخرى من الأطفال لكن لم يمنعوا فيها من النظر إلى البطاقة المقلوبة؛ بعد ذلك أجرى الباحثون فحصاً لقياس قوة الذاكرة العاملة اللفظية والبصرية، المتعلقة بتخزين صور متعددة في الوقت نفسه.
ونشرت نتائج الدراسة في مجلة “علم النفس التطبيقي للطفل”، الذي تبين منها أن الأطفال الذي صنفوا كبارعين في الكذب كانوا يتمتعون بذاكرة لفظية أفضل سواء من ناحية القدرة على المعالجة العقلية للمدخلات أو القدرة على تذكرها لاحقاً عند الحاجة.
لكن من ناحية أخرى لم توجد هناك فروق في الذاكرة البصرية بين الأطفال البارعين في الكذب والمجموعة الأخرى. ورجّح الباحثون أن هذه النتيجة تعود إلى أن الكذب غالباً لا يحتاج الاحتفاظ بصور بصرية في الدماغ في حين يتطلب تذكر الكلمات.
وفي تعليقه على الدراسة ونتائجها قال د. تريسي ألواي من جامعة “نورث فلوريدا” الأمريكية: إن هذه الدراسة تبيّن أن معالجة الأفكار وخاصة الذاكرة اللفظية هو أمر مهم في المواقف الاجتماعية المركّبة مثل الكذب، وذلك لأن الأطفال يضطرون لتزييف عدة معلومات مع الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الباحث (الذي كذبوا عليه).
إلى جانب ذلك قالت الباحثة، د. إلينا هويكا: فيما يخص الكبار، يعرف العلماء أن البالغين يكذبون تقريباً في 20% من المواقف الاجتماعية التي تتعدى مدتها الـ 10 دقائق. لكن من المثير للاهتمام معرفة السبب الذي يقف وراء قدرة بعض الأطفال على اختلاق أكاذيب أكثر من غيرهم.
وعليه يسعى الباحثون اليوم إلى إجراء دراسات تبحث في أصل الكذب، لتجيب على السؤال كيف يتعلم الأطفال الكذب منذ البداية؟