زليخة.. قصة حب بين يهودية ومسلم انتهت بالإعدام
ولدت زليخة حتشويل بمدينة طنجة سنة 1817 لأسرة يهوية معروفة في المجتمع الطنجاوي آنذاك، وترعرعت بين أزقة ودروب طنجة التي لم تكن تفرق بين اليهود والمسلمين، وفي سن السابعة عشرة كانت قد أصبحت فتاة حسناء تسحر الرجال، كما وصفها اليهود في كتبهم.
وكانت أسرة زليخة تسكن قرب بيت لأسرة طنجاوية مسلمة عريقة، وكانت العلاقة بينهما علاقة جوار حسنة، إذ أن زليخة كانت دائما ما تزور صديقتها الطاهرة في البيت، وكان للطاهرة أخ هو البطل الثاني لهذه القصة أو الواقعة.
وقع أخو الطاهرة، الشاب الطنجاوي المسلم في حب زليخة، وعندما توطدت أواصر علاقته بها طلب منها ان تدخل في الإسلام والزواج بها، لكن زليخة رفضت الخروج عن يهوديتها، وحاول معها ذلك الشاب كثيرا، إلا أن محاولاته جميعا باءت بالفشل.
بعض المصادر اليهودية المؤرخة لهذه الحادثة تقول أن ذلك الشاب أراد بالحيلة أن يجعلها تدخل في الاسلام حتى يتزوج بها وقام بإرشاء بعض الشهود الذين شهدوا زورا أن زليخة دخلت في الاسلام، حتى ترضخ لطلبه، لأن حينها كان يطبق حكم قتل المرتد عن الاسلام إذا ثبت دخوله فيه قبلا.
وبعض المصادر الأخرى تقول أن صديقتها الطاهرة شهدت أمام باشا طنجة أن زليخة قد دخلت الاسلام، في حين مصادر أخرى تقول أن زليخة فعلا دخلت في الاسلام تحت تأثير حبها لذلك الشاب ثم تراجعت في الأخير.
وتضارب الآراء في هذه المسألة يظهر الغموض الذي يغلف حقيقتها وإن كان الترجيح يذهب إلى عدم دخول زليخة في الإسلام بشكل مطلق، وذلك ما أصرت عليه أمام الباشا في طنجة رغم تهديده لها بتطبيق حكم المرتد في حقها.
امام اصرار زليخة على انكار دخولها في الإسلام تدخل يهود طنجة على رأسهم أبوها حاييم وأمها سمحة وأخوها ايسشار وطلبوا منها أن تعلن إسلامها حتى تنجو بحياتها، إلا أن زليخة أصرت على موقفها فقرر باشا طنجة ترحيلها إلى فاس للمحاكمة هناك.
في فاس طلب منها السلطان مولاي عبد الرحمن عبر ممثليه أن تدخل في الاسلام وتتزوج بذلك الشاب الطنجاوي، وطلب منها ذلك أيضا حاخام اليهود بفاس كي تفلت من عقوبة الاعدام، إلا أن زليخة ظلت مصرة على موقفها، فأعلن القاضي أحمد البناني آنذاك بعد استشارة الفقهاء ومفتى فاس أبو يحيى السراج حكم الاعدام.
قطع رأس زليخة في فاس وعمرها 17 سنة حسب أغلب المصادر اليهودية وذلك في خريف سنة 1834، وتم دفنها هناك، وقبرها لازال إلى اليوم يستقبل وفودا هامة من اليهود الين يتبركون بها باعتبارها صارت شهيدة وولية من أولياء اليهود المباركين.
وهي عند اليهود اليوم مشهورة باسم سول، اختصار لزليخة أو سوليكة كما يكتبونها باللغات اللاتينية، وتغنى بإسمها الكثير من المغنيين اليهود وشعراءهم، وألفت حولها العديد من المسرحيات والقصص، وفي كندا يحيي اليهود هناك ذكراها كل سنة.
وقد عرفت هذه الحادثة الكثير من المبالغات حتى أنها اقتربت من أن تكون أسطورة على أن تكون واقعة حقيقية، غير أن مما لا شك فيه هو أن الحادثة وقعت، وزليخة حتشويل التي ولدت في طنجة، أعدمت في فاس بتهمة الارتداد عن الإسلام والسبب، من وجهة نظر اليهود، هو ذلك الشاب الطنجاوي الذي تحول حبه لزليخة إلى انتقام قاتل بعد رفضها الارتباط به.