ما معنى أن تكون متنمرا في زمن كورونا ؟
زوهير خربوش
في مجمل التفسيرات، التنمر كتعريف بسيط هو تسلط وعدوانية قد لا يخلو من الإيذاء بشتى أنواعه سواء كان جسدي أو نفسي أو لفظي أو عائلي أو مدرسي، من قبل شخص أو عدة أشخاص، اتجاه شخص أو عدة أشخاص آخرين، ؛ وهو ظاهرة اجتماعية تفشت بشكل خطير في مجتمعنا المغربي خاصة مع فرض حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار فيروس كورونا.
وبحسب ما تم تجميعه من معطيات ميدانية منذ بداية انتشار الوباء، سيتضح أن رجال الأمن المغربي كانوا أكثر عرضة للتنمر في الشارع العام خلال فترة حالة الطوارئ، من طرف أشخاص غالبيتهم من الشباب الذكور الذين ما فتئوا يمارسون التنمر الجسدي على مرأى ومسمع مواطنين آخرين، لأسباب قد تبدو نفسية بحتة حسب المختصين في علم النفس الاجتماعي، فيما سجلت حالات التنمر اللفظي و العاطفي من طرف الإناث وإن بشكل ضعيف، ويليهم رجال ونساء الصحة العمومية ثم أفراد القوات المساعدة المرتبطين بالسلطات المحلية الذين يواجهون هؤلاء المتنمرين يوميا عبر أرجاء الأحياء السكنية.
ففي علاقة ظاهرة التنمر، القديمة الجديدة، بقانون حالة الطوارئ الذي عرفه بلادنا، والذي فرض على المواطنين الالتزام والخضوع إلى شروط حياتية استثنائية؛ ستظهر إلى العلن ردود أفعال وسلوكيات غريبة من طرف قلة من المواطنين المغاربة الخارجين عن القانون، باتباعهم سياسة التخويف والترهيب والتهديد أحيانا، ضد الأشخاص والمؤسسات والممتلكات، عبر الإنترنت باستخدام المعلومات ووسائل وتقنيات التواصل كالرسائل النصية والمدونات، بهدف القيام بعمل عدائي يكون الغرض منه أساسا الإيذاء والتشويه. إذ تشير بعض الأرقام التي أوردت قائمة لحالات مسجلة بعينيها، تصنيفا للنتائج السلبية لهذه الظاهرة الإجتماعية، أن نسبة مهمة لمواطنين كانوا عاديين أومن ذوي مسؤوليات رسمية كالقضاة والمحامين ورجال أعمال، قد تعرضوا للتنمر اللفظي عبر وساءل التواصل الاجتماعي الفايسبوك والواتساب وغيرها، خلال فترة الحجر الصحي، ما يحيلنا على أن ظاهرة ” قلة ما يدار” أنتجت لنا فئة اجتماعية معينة تتكون من أفراد، في عروقهم تجري دماء إيداء الآخرين، كرد فعل غير مباشر على الأوضاع التي فرضها فيروس كورونا على الجميع، وعلى سبيل المثال ما تعرض له مولاي سليمان العمراني نقيب هئية المحامين بمراكش من تنمر على اليوتوب من طرف امرأة تنتمي إلى ما يسمى بجمعية حقوقية، وما لهذه الأخيرة من سجل حافل بمثل هذه التصرفات ،إذ من المفروض فيها أن تكون حقوقية وليس بارعة في نسج الإيداء للآخرين.
وإذا كان التنمر النفسي شكلا من أشكال الإيداء الشائع بين الشباب خلال فترة حالة الطوارئ لأسباب نفسية، فالتنمر اللفظي عن طريق نشر معلومات خاطئة والتحدث في أعراض الناس، ونشر الشائعات وتهديد شخص ما، من طرف مجموعات معينة، كلها سلوكيات باتت أكثر شيوعا في ظل غياب ضمير واع وقانون صارم يعتمد على الأدلة لا على “سمعنا وقالو”، بقصد إيذاء سمعة الأشخاص، لمكانتهم الاجتماعية على سبيل المثال. كل هذا يجري بالموازاة مع ظهور تنمر جديد وهو التنمر الإلكتروني الذي يستخدم التكنولوجيا لمضايقة شخص آخر أو تهديده أو إحراجه أو استهدافه، وهي جريمة يمكن أن تكون لها عواقب قانونية وضعها المغرب لمحاربة المتنمرين بعقوبات الحبسية، ويتضمن ذلك البريد الإلكتروني والرسائل الفورية ومواقع الشبكات الاجتماعية والرسائل النصية والهواتف المحمولة.وعلى العموم فالتنمر كيف ما كان نوعه، هو سلوك عدواني ينشىء جيلا غير سوي، وعلينا جميعاً مؤسسات وأفراد المساهمة لوقاية المجتمع وجيل المستقبل من الظاهرة التي تُسيء لنا ولمجتمعنا المغربي وتشوّه سمعة مؤسساتنا، فلنساهم في بناء مستقبل مغرب جديد لما بعد الجائحة خال من العنف والعدوانية، والبداية أكيد ستنطلق من بيت العائلة.