سامي صبير يكتب : الدجاجة سكويلة والحاج بلمختار
الكاتب:
سامي صبير __مراكش 24
لم يكن السوق الأسبوعي يبعد عن “دوار السكويلة” إلا بأربع كيلومترات، وكان الحاج “بلمختار مثال” الذي يشغل منصبا مهما هناك، يفكر دائما في شراء دجاجة تعوض تلك التي فقدها منذ مدة طويلة بسبب الفيضان، وقد سمعه الجميع يردد مع نفسه. “ربما هي نعمة. فلم يكن لتلك الدجاجة شيء يستحق التحسر عليه، أجل لقد كانت دجاجة فاشلة لا تنتج أي بيض صالح”.
لذا قرر أن يتوجه للسوق بحثا عن دجاجة صالحة تخرج بيضا صالحا يمكن بيعه والتعويض به عن الميزانيات الخيالية التي ضيعها على مخططات تبيض دجاجة لا فائدة منها، وقد يفتح مصنعا للدواجن ويحل مشكل بطالة الشباب، فكان هذه المرة حريصا على شراء واحدة أجنبية لها تجربة جيدة في إنتاج بيض ممتاز يضمن حفظ ماء وجهه في “الدوار”، كما أنه إختار أن يدعوا دجاجته بـ”سكويلة” تيمنا بإسم منطقته.
ومن أجل كل هذا وضع قائمة بموصفات دجاجته الخصبة، ونزل إلى السوق بحثتا عنها، وهكذا. استمرت عملية بحثه طويلا قبل أن تقع يده على ضالته، لكن كان هناك عيب واحد فيها، حيث كانت عرجاء. وهو عيب إعتبره غير مهم، فالمهم في نظره هو البيضة وليست صاحبتها.
وبالفعل دفع الحاج ميزانية ضخمة، واشترى الدجاجة وهو واثق بأنها لن تخيب ظنه، وبدأ في الباستعداد لحصاد نتائج مجهوداته ببسمة ساذجة تعلوا ثغره الشبه فارغ من الأسنان.
وهكذا. قعد “بلمختار مثال” ينتظر تحقق أحلامه الوردية، وأخد يتفقد كل صباح مزرعته السعيدة دون أن يعثر على شيء مما ينتظر، وفي كل مرة يخيب أمله، ثم يعود ليخبر نفسه بأن الأمر يحتاج بعض الوقت، وبأن “السكويلة” ما تزال غريبة عن المكان وتحتاج الصبر قبل أن تتأقلم مع المكان، وبعدها يعود للانتظار دون جدوى.
على ما يبدوا فإنه لم يستطع تصديق فشل مخططه في إصلاح بيض “الدوار”، وفي النهاية خلص قرر بمرارة قتل الدجاجة وشراء واحدة أخرى بنفس المواصفات لتتكرر نفس المسألة ونفس النهاية.
في حقيقة الأمر لم يكن الذنب ذنب الدجاجات، بل كان ذنب الحاج كما هو ذنب العديد من “الفهيمية” الذين يحاولون إستراد إيجابات جاهزة لا علاقة لها بالواقع، بحيث تكون الإشكالات في الشرق والحلول في الغرب، ليشبه الأمر محاولة إدخال فيل في علبة كبريت والإيمان الخالص بنجاح الأمر، لدرجة في كثير من الأحيان وكاستحمار للشعب محاولة نشر هذه الأفكار والرغبة في إقناعنا بأنها حلول ناجعة والقول مع أنفسهم أن الحيلة قد انطلت علينا.