“سرباية لاكلاس ” بمراكش ..أشياء كثيرة تغيرت بعد كورونا …
الصور من الأرشيف
عبد الحميد زويت_مراكش24
قبل وباء كورونا، و في كل حي من أحياء المدينة الحمراء، سواء المدينة العتيقة أو المدينة العصرية، كان هناك دوما شاب وسيم وأنيق يتكلم على الأقل لغتين بطلاقة خضع لتكوينات مكثفة في فنون الإستقبال وحاصل على دبلومات مهنية ، تخول له الإشتغال كنادل ممتاز بإحدى المؤسسات الفندقية الفخمة الممتدة على طول شوارع ودروب المدينة السياحية الاولى في إفريقيا، وهو ما كان يسمح لهذه النخبة المعروفة محليا بإسم “سرباية لكلاس” ، بتلقي هدايا وإكراميات يومية ، تخول لهم العيش بسخاء وبشكل مريح جدا.
سرباية لاكلاس في مدينة مراكش، كانوا يشتغلون 3 أيام في الأسبوع فقط ، وعلى الرغم من أن أجرهم الرسمي لا يتعدى في أغلب الأحيان 3500درهم، إلا أنهم كانوا يقدمون خدمات راقية وعالية الفخامة تمكنهم من الحصول على موارد إضافية فيها لمسة من كرم مشاهير الرياضة، أمثال رونالدو ، كارباخال، زيدان ، مادونا ، بدر هاري ، ويل سميت ، روبير دي نيرو ، و بن زيمة و اللائحة طويلة جدا جدا و لا يمكن حصرها.
ومنذ قرار إغلاق الحدود ما بين دول العالم، وما تلاه من شلل في الحركة السياحية بمراكش، تغيرت بشكل مفاجئ وصادم حياة أزيد من 400 نادل يشتغلون في إطار ما يسمى “نخبة المطاعم الفخمة بمراكش ” كانوا يقدمون خدماتهم بإستمرار لنجوم ومشاهير عالميين و أميرات من مختلف بقاع العالم ، وذلك قبل أن تتعطل عجلة مداخيلهم المالية الممتازة، وتتوقف في حدود 2000 درهم شهريا تمنحها الحكومة لأجراء القطاع السياحي منذ إعلان الوباء ..
و يحكي سفيان.ج (32سنة) ، وهو نادل كان يشتغل في مطعم راقي جدا بالمدينة العتيقة، أن وباء كورونا غير حياته رأسا على عقب ، حيث لا يستطيع الأن أداء 5 أشطر شهرية عالقة من مترتبات شقة إقتناها خلال سنة 2017 ب 45 مليون سنتيم ، أدى منها 20 مليون سنتيم، وإلتزم بأداء ما تبقى على مراحل شهرية قيمة كل مرحلة 5000 درهم، قبل أن يوقف الأداء منذ شهر أبريل المنصرم نتيجة إغلاق المطعم الذي كان يشتغل به والشلل الذي أصاب كافة الأنشطة السياحية بمراكش .
يقول سفيان،، كورونا صدمة، و” شمتة” غير متوقعة، لم تكن في الحسبان إنها كارثة جسيمة … كنا نعيش في مدينة مراكش دون هاجس مالي كانت الإكراميات ممتازة تتناسب مع قيمة زبنائنا ، و كان المطعم الذي أشتغل فيه يستقبل مشاهير وأغنياء من مختلف بقاع العالم .كانت الحياة رائعة نقدم خدماتنا بطلاقة وإبتسامة مشفوعة بإحترافية عالية والأن لقد تغير كل شيء ولا ندري متى يمكن أن تسترجع مدينة مراكش حركيتها المعهودة ، ولا ندري أيضا هل ستستمر الحكومة في صرف هذا الدعم الشهري إلى ما بعد سنة 2021 أم ستضطر لتوقيفه مع نهاية السنة الحالية . وأية عواقب تنتظر المشتغلين في القطاع السياحي؟؟ الذين حصلوا على قروض وهم عاجزون اليوم عن أدائها.. هل سيتم إعتقالهم أم ماذا؟؟
أنور 26 سنة حاصل على إجازة مهنية في فنون الإستقبال والمطعمة يشتغل منذ سنة 2018 في مطعم ضواحي مراكش بشكل منتظم ، يؤكد ل “مراكش24″ أن كورونا تشبه كابوسا لا ينتهي، لقد بعثر كل أوراقنا (يقول أنور) كنت أستطيع أن أتكلف بمصاريف تعليم أخي وأختي الصغرى دون أي مشكل، كما كان بمقدوري أيضا أن أشتري ملابس وأقتني مشترياتي بأريحية وأخصص مبلغا شهريا من المال لأمي وأبي، أما الأن فلا أستطيع، أتوصل ب 2000 درهم من صندوق الضمان الإجتماعي كل شهر k وتكفيني فقط في تدبر أموري البسيطة ،لم أعد أقوى على مساعدة جميع أفراد الأسرة ..الله غالب..
نزهة 54 سنة طباخة متخصصة في الطبخ المغربي الأصيل والحلويات المغربية إشتغلت لمدة 17 سنة في مطعم مغربي يبعد عن مركزمدينة مراكش ب5 دقائق ، تحكي ل”مراكش24” أن لا شيء إستمر على حاله منذ الإعلان عن وباء كورونا، إفتقدنا أحبابنا و أصدقائنا في العمل، كما إفتقدنا أيضا زبنائنا وإبتساماتهم ، و الفرح المرسوم على وجوههم قبل مغادرة المطعم ،… قبل كورونا وبالعمل الجاد مع المشاهير والنجوم العالميين تمكنت من إقتناء منزل في المدينة العتيقة نقطن به حاليا أنا وزوجي و3 أبنائي ..فعلا أموري صعبة حاليا و2000 درهم التي تصرفها الحكومة لا تفي بجميع الأغراض لكنها تذكرنا شهريا بقيمة العمل والمتابرة وشخصيا لا يسعني إلا أن أرفع أكف الضراعة والتوجه لله عز وجل برفع هذا الوباء .
من ضمن “سرباية لاكلاس” بمراكش هناك شريحة لم تستطع التوصل بالدعم الحكومي نتيجة عدم وجود إسمها في قاعدة البيانات الممسوكة لدى وزارة السياحة، وذلك راجع لعدم إشتغال هذه الشريحة وفق القوانين المعمول بها حيث كانت ترضى بالعمل دون عقد قانوني ودون أداء واجبات صندوق الضمان الإجتماعي وهو ما دفعها حاليا للإنخراط في مبادرات ذاتية صغيرة سواء عبر تجارة القرب او توزيع الخضر أو بيع الخبز من أجل تدارك الخلل المفاجئ في مداخيلها المالية حيث يمكن أن تسمع لحكايات أشخاص كانت مداخيلهم اليومية لا تقل عن 500 و600 درهم يوميا قبل أن تتقلص للصفر ويتم تداركها ب 80 أو 100 درهم يحصلون عليها يوميا في إدارة وتسيير أعمال صغيرة تدخل في خانة تجارةالقرب.
وباء كورونا على الرغم من قساوته وخطورته إلا أنه سيساهم لا محالة في خلخلة الأفكار الراكدة لدى مجموعة من المشتغلين في القطاع السياحي بمراكش ..حيث تستوجب المرحلة إعادة التفكير برزانة وعمق في الجوانب الإجتماعية لإجراء القطاع الخاص في السياحة التي تجلب لمدينة مراكش ما لا يقل عن 850 مليون أورو سنويا وهو ما يجب إستثماره مستقبلا بشكل متوازن يضمن تنمية سياحية شاملة يستفيد منها جميع العاملين في القطاع دون إستثناء