سليمة الجوري تكتب : مراكش مدينة العلم والإيمان والبهجة والكسكس كل جمعة
سليمة الجوري
تخرج لنا بعض الوجوه المنحوسة على مواقع التواصل الإجتماعي، كلما مرت المدينة بطارئ مؤقت مرتبط بتعليق الرحلات الجوية بشكل إحترازي، ويشرع المناحيس في سرد تنبؤات سوداء عن العالم، وعن مدينة مراكش ، منهم من يشرع في التهويل و يستبق الأحداث بالعويل والنواح على مدينة مراكش، وكأن الحياة ستتوقف فجأة بواحدة من أكثر المدن بهجة في إفريقيا والعالم كله .
وجوه النحس والتشاؤم موجودون في جميع بقاع العالم، بدون إستثناء، لكن أن يتسللوا خلسة للتأثير على الرأي العام المحلي في مدينة البهجة، فهي مشكلة حقيقية، تهدد صورة مراكش التي ظلت طيلة قرون مليئة بالبهجة و محافظة على تراثها الحضاري والثقافي المتنوع الذي لا يمكن فصله عن هوية وخصوصيات المملكة المغربية العريقة.
وجوه النحس و”الفهايمية” ومعهم بعض الإنتهازيين، يتصيدون الفرص، لرسم صورة سوداء عن مستقبل المدينة في ظل جائحة كورونا، وكأنهم يصفون لنا مشاهد من يوم القيامة، ويتفننون في رصد بعض المظاهر المعزولة التي تؤثر على الساكنة و تدفعها نحو الكأبة والقلق والتشاؤم .
و على العكس تماما من الصورة التي يرسمها وجوه النحس علي المدينة في وسائل التواصل الإجتماعي، ففي الحياة الواقعية، لا زالت المدينة عموما بألف خير قادرة على تجاوز هذه المحنة المؤقتة ، سكانها متشبثون بأصالتهم وخصوصياتهم فنكهات كؤوس الشاي المنعنع تفوح بإنتظام كل صباح بأرجاء الفنادق الشعبية، ولا زالت التحيات الصباحية حاضرة عند الصنايعية المسلحين بالإيمان، الذين لا يثقون بكلام “الفهايمية” وجوه النحس ، وإنما يؤمنون بالكلام المرصع بالمهارة والحكمة، وكلهم إيمان أن طبق الكسكس بعد صلاة الجمعة المقبلة و القفشات مع الأحباب ستكون أفضل من الجمعة السابقة .
مدينة مراكش لها خصوصيات مجتمعية فريدة تحصنها ضد الكلام “الخاوي” الذي تتفوه به أفواه وجوه النحس ، فهي في الأصل ليست مدينة تتأثر بالكلام العبثي ، فهي مدينة العلماء والفقهاء والصنايعية و الملحون والدقة المراكشية والقفطان المغربي الأصيل و مدارس تجويد وحفظ القران الكريم والتبوريدة. .
مدينة مراكش لمن لا يعلم، قادرة على تجاوز كل المحن والصعوبات، وقادرة أيضا على كبح جماح المتشائمين والسوداويين ومن كان على شاكلتهم، لأنها مدينة قوية، تحافظ على جاذبيتها وتتفوق على المحن والصعوبات، لا تسري عليها التوقعات المتشائمة ، ولا التنبؤات المبالغ فيها، هي مدينة أصيلة لا تشبه أي مدينة أخرى في العالم، هي بإختصار مدينة مؤمنة أصيلة، وعالمة رزينة، تتشبث بالعلم والإيمان والبهجة والكسكس كل جمعة.