سميرة بيهان وتجسيد القوة في الأدوار الثانوية
في عالم التمثيل، غالبًا ما ينظر إلى الأدوار الثانوية على أنها هوامش للسرد الدرامي، تملأ الفراغات وتضيف بعدًا تكميليًا. ولكن مع ممثلة مثل سميرة بيهان، ينقلب هذا المفهوم رأسًا على عقب. في مسلسل “فوق السلك” للمخرج نبيل بودرقة، جسدت بيهان شخصية عاملة تنظيف بحضور تجاوز بكثير حدود الدور التقليدي. ورغم قصر مدة ظهورها، نجحت في خلق تأثير عميق وشاعري، ما جعل جمهور المسلسل والنقاد يثنون على قدرتها الفريدة في إضفاء روح على الدور، وتحويل ما يُعتبر عادةً جزءًا عابرًا إلى لحظة دائمة في ذاكرة المشاهد.
ما يميز بيهان ليس فقط مهارتها في تقمص الشخصيات، بل فلسفتها العميقة حول الفن والتمثيل. فهي ترى أن “التأثير لا يُقاس بحجم الدور، بل بقدرة الممثل على جعله نقطة تحول في السرد”. من هذا المنطلق، يصبح الدور الثانوي، في رؤيتها، ليس مجرد وسيلة لخدمة القصة، بل مساحة حرة للإبداع، يتحول فيها الممثل إلى وسيط فني يعيد تشكيل المعنى ويعزز روح النص.
في هذه التجربة، يمكننا أن نستخلص أن الأدوار الثانوية ليست مرحلة عبور في المسيرة الفنية، بل هي فضاء للتعبير والاكتشاف. الأدوار الصغيرة، التي قد تبدو للوهلة الأولى هامشية، تحمل داخلها إمكانية الكشف عن أبعاد جديدة للممثل، وتعزز من التجربة الدرامية ككل. هنا يكمن جوهر الإبداع: تحويل الهامش إلى محور، وجعل كل لحظة على الشاشة تترك أثرًا لا يُنسى.
هذا النموذج الفريد الذي تقدمه بيهان يعيد تشكيل تصوراتنا حول قيمة الأدوار الصغيرة. في النهاية، ليست كل لحظة على الشاشة تتعلق بكمية الظهور، بل بجودة الحضور، وكيفية تحويل القليل إلى جوهر، ليصبح الفن أداة لإعادة التفكير في الحدود التقليدية بين الأدوار الرئيسية والثانوية.