شبح المعارضة
كمال أشكيكة
على الرغم من أن دستور 2011 يضمن بشكل واضح للمعارضة مكانة أساسية في البرلمان المغربي… إلا أن انتخابات السابع من أكتوبر الماضي، قلبت الموازين، وأصبحت جميع الأحزاب – باستثناء حزبي الأصالة والمعاصرة، وفدرالية اليسار الديموقراطي – تهرول قصد الدخول إلى الحكومة.
قد يتفهم المتتبع طموح السياسين للوصول إلى السلطة، نظرا لكونه الهدف من اللعبة الديموقراطية. لكن ما لا يمكن تفسيره؛ هو لهث بعض من كانوا يعارضون سياسة حكومة العدالة والتنمية، بل ويعتبرون فوزه في الانتخابات كارثة قد تؤدي بالمغرب إلى مثل ما يقع اليوم بسوريا وليبيا، إلى دخول حكومة يقودها نفس الحزب، وهو يحمل شعار “مواصلة الإصلاح”؛ وصوت له من صوت من الشعب من أجل استكمال ما بدأه… كما صوتت فئات أخرى على باقي الأحزاب تشجيعا لها على معارضتها لسياسة الحزب الحاكم، ورغبة في التغيير. لكن الغريب في المشهد السياسي هو أن نرى هذه الأحزاب التي ظلت تكيل الإتهامات والإنتقادات اللادغة لحكومة العدالة والتنمية ولرئيسها تغازله اليوم من أجل الدخول إلى تحالفه وتشاركه كعكة التسيير في تغييب تام للإختلافات الإيديولوجية، والإختلاف الكبير بين البرامج الانتخابية. وهو ما يفسر الإستهانة بأصوات الشعب التي أعطاها على أساس وعود وبرامج معينين ويرى اليوم أنها تسير نحو التهجين مع البرامج التي صوت ضدها، مما قد يؤدي به لا محالة إلى نفور تام من اللعبة السياسية.
إن شبح المعارضة بدأ يخيف العديد من قيادات “الدكاكين الإنتخابية” المسماة أحزاب، وبدأ يهدد استمرارها على رؤوس هذه الأحزاب، وهو ما أدى بها للخنوع تحت جبروت المخزن، طمعا في دفعة منه تدخلها إلى الحكومة من بابها الواسع، قصد إرضائها لمواليها من مناضلي الحزب بمناصب حكومية تضمن عبرها استمرار موالاتهم لها. إلا أن هذا التفكير لم يؤدي بهم إلا إلى طريق أصبح فيه اليساريون يمينيون أكثر من اليمييين أنفسهم، والإشتراكيون ليبيراليون أكثر من الليبيراليين… والعكس صحيح. وكل هذا أعطى للمخزن فرصة لحكم قبضته على المشهد السياسي وتسييره كما يشاء.