شيوخ التكفير وراء جريمة إمليل..والبسيج مدعو لتوسيع دائرة التحقيق بمراكش
عبد الحميد زويتة
أوضحت الوقائع والمعطيات الأولية في جريمة إمليل, أن منفذي الجريمة البشعة التي راح ضحيتها ضيوف من الدنمارك والنرويج تكتسي طابعا إجراميا بخلفيات إرهابية, أو ما يتم تسميته في القاموس الأمني بالتشبع العقدي بالفكر المتطرف وهو السبب والدافع الرئيسي لإرتكاب هذا الجرم الذي يجمع المغاربة بحسهم الجماعي على نبذه وتصنيفه في خانة الفكر الدخيل.
وبقراءة تقنية لتصريحات السيد بوبكر سبيك الناطق الرسمي بإسم المديرية العامة للأمن الوطني و مديرية مراقبة التراب الوطني يتضح جليا أن مرتكبي الجريمة لم يخططوا أو يترصدوا للضحيتين ,ولم ينفذوا عملهم الإجرامي بتنسيق مع منظمات إرهابية خارجية ولا مع خلايا داخلية, بل هذا العمل الإجرامي المتوحش جاء نتيجة حمولة فكرية دموية لدى مرتكبي الفعل الإجرامي إنضافت لها وقائع الزمان والمكان ,وأسفرت عن صدمة إنسانية عميقة حركت لدى المغاربة سؤالا جوهريا وطبيعيا وهو “من المسؤول الخفي عن هذه الأفعال اللا إنسانية ” ..
وبقراءة تقنية سريعة أيضا لتصريحات جيران وأسر منفذي هذا العمل الإجرامي نكتشف أن أغلبية التدخلات أجمعت على ضرورة البحث عن المحرضين الرئيسيين الذين تلاعبوا بعقول هؤلاء الشباب مستغلين أوضاعهم المعيشية الصعبة وقلة زادهم المعرفي بجوهر وروح الدين الإسلامي . أي أن المغاربة يستشعرون بحسهم الجماعي وجود فكر متطرف دخيل على معتقداتهم الدينية , يحسون بمشاركته في جريمة إمليل دون التمكن من تحديد هويته أو معرفة أساليب تأثيره في الأوساط الهشة .
وعلى الرغم من يقظة عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني إلى جانب باقي المؤسسات الأمنية ونجاعة تدخلاتها في حل خيوط هذا الفعل الإجرامي إلا أن مدينة مراكش باتت تطالب أكثر من أي وقت مضى بتوسيع دائرة التحقيقات وتوقيف كل من يتبنى الفكر الدموي والتكفيري ومعاقبته طبقا للقوانين الجاري بها العمل . لأن شرائح واسعة من المراكشيين باتت تتداول في السر والعلن سؤالا مطلبيا واحدا ” راه خاصهوم يقبضو حتى هاذوك اللي لعبوا ليهم بعقولهم” .وهو كلام بسيط في ظاهره إلا أنه يختصر جوهر المشكل وهم المتلاعبون بالعقول من شيوخ التكفير الذين باتوا ينفردون بالشباب الطائش لزرع الأفكار التكفيرية بطرق تكتسي الحس الإجرامي وتعتمد كسب الثقة عبر تمويل مشاريع صغيرة أو لعب دور الوساطة في الزواج والوعد بشعائر الحج بالمجان وتستهدف شباب منطقة تسلطانت وسوق الخميس وجماعة الويدان وحي الزرايب و حي سيدي يوسف بنعلي .ومنطقة شعوف و حي أبواب مراكش .
ما يتداوله المراكشيون في المقاهي وداخل البيوت بخصوص “المتلاعبين بالعقول”يستدعي إهتماما أكبر لخلق نقاشات عمومية يساهم فيها الكل لأن القضاء على الفكر المتطرف ليس مسألة أمنية فقط بل هو إمتداد لترسبات ومغالطات تسللت خلسة لحياتنا اليومية وحمل أجزائها الصغيرة والكبيرة من الشرق شيوخ التطرف منذ بداية الستينيات وأرسى دعائمها وسط مجتمعنا شيئا فشيئا شيوخ الغل والدم ,.ونشرها مجرمون وإرهابيون يحظون بثقة الجيران ويحرصون على ترك إنطباع جيد لدى أسرهم ولدى بقال الحي وفق إستراتيجية مدروسة لا يحسها إلا المتخصصون وتمر مر الكرام على عامة الناس .
وإذا كان المكتب المركزي للأبحاث القضائية قد أظهر منذ إحداثه صرامة ويقظة مشهود بها في العمل الإستباقي و التدخلات الميدانية عبر تفكيك خلايا إرهابية على علاقة بتنظيم داعش في الوقت والتوقيت المناسب لتجنبب المغرب أحداثا إرهابية إلا أن جريمة إمليل باتت تستدعي تظافر الجهود للقيام بحملات توعوية وتحسيسية لنبذ التطرف والإرهاب والتذكير ب”جوهر وروح الدين الإسلامي”