كمال أشكيكة يكتب : صكع من درجة مدوخ
كمال اشكيكة
لابد لكل متتبع للخرجات الأخيرة لرئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران. أن يلاحظ الغضب و التوتر اللذين أصبحا باديين عليه من خلال تعامله مع المحيطين به. وهذه النرفزة بدت واضحة أكثر خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، والتي هاجم خلالها العديد من الزملاء الصحفيين.
إن هجمات بنكيران التي توجه في الغالب إلى خصومه السياسيين لم يسلم منها اليوم حتى من سماهم “بالمدوخين والصكوعة”، في اشارة لفئة عريضة من الشباب المتعاطفين مع الحزب والمنتمين إلى قواعده. هؤلاء المتعاطفين الذين شكلوا كتائب إلكترونية، أصبح خصوم الحزب يضربون لها ألف حساب، ويهابونها. شكلت جيشا قادرا على فضح عدد من القضايا، وإخراجها من رفوف المؤسسات إلى صفحات المواقع الإجتماعية، وإعطائها طابع قضايا رأي عام، وكانت أهمها قضية خدام الدولة، وهجماتهم الشرسة على وزير الداخلية، وأعوان السلطة… كما لم يسلم من مناوراتهم حتى حلفاء الحزب، وقد نال حزب التجمع الوطني للأحرار الحظ الأوفر من هذه المناورات. كما أن هذه الكتائب، التي يتهم خصوم حزب العدالة والتنمية، هذا الأخير بالوقوف خلفها وتمويلها، ساهمت بشكل كبير في حشد الجمهور للمهرجانات الخطابية التي كان يؤطرها عبد الإله بنكيران، بصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، خلال الحملة الإنتخابية الأخيرة، التي بوأت الحزب صدارة الانتخابات التشريعية.
هذه الكتائب التي يعرف بنكيران أكثر من أي شخص اخر، فضلها عليه وعلى حزبه بالأمس القريب، هي نفسها الكتائب التي يهاجمها اليوم ويحاول أن يتبرأ منها، في محاولات يائسة لإرضاء خصوم الأمس، الذين أضحوا حلفاء اليوم، ممن كانت تهاجمهم هذه الكتائب، وتنشر غسيل فضائحهم على مواقع التواصل الاجتماعي. والذين من المحتمل أن يكونوا قد وضعوا شرط إخماد شعلة هؤلاء المدونين من أهم شروط انضمامهم للتحالف الحكومي الذي يسعى بنكيران إلى تكوينه. أو ربما قد تكون جهات عليا هي من طالبت بنكيران بأمر هؤلاء “الصكعين” بدخول سوق جواهم. خصوصا بعد خوضهم في مطالب باستوزار أشخاص بعينهم، بوزارات حساسة كالعدل والأوقاف والشؤون الإسلامية والداخلية… كما يمكن أن تشكل هذه الكتائب وسائل ضغط على بنكيران لرفض استوزار بعض الأسماء التي يرغب حلفاؤه المحتملين في استوزارها، وهو الرفض الذي سيبرره أمامهم بإرادة الشعب.
لكن ما يجهله كبير “الصكعين” هذا، هو أن هؤلاء “المدوخين” الذين لا يقومون إلا بما تمليه عليهم قناعاتهم الشخصية، كان لهم الفضل الكبير في فوز الحزب في انتخابات السابع من أكتوبر الماضي، وقد يوجهون سهام نقدهم إلى زعيم الحزب نفسه، ويشنون حملاتهم الالكترونية عليه، ومن الوارد أن يوشحوه بوسام “صكع من درجة مدوخ”.