ضحايا الانتخابات:هكذا انتهوا منتحرين ومفلسين ومختلين ومعتقلين وأصحاب عاهات
الكاتب:
الأخبار
نقلا عن جريدة الأخبار
من الصعب البحث عن أسماء تحطمت مراكبها على صخرة الانتخابات، لأن أغلبية المبحرين في مياه السياسة لا يركبون زوارق خشبية، بل يمتطون مراكب فائقة السرعة لينتهي بهم المطاف على ظهر يخوت عالية الجودة لا يركبها إلا الضالعون في الجاه.
البحث والتنقيب عن رجال كسرت الانتخابات طموحهم ورمت بهم من أعلى هرم الوجاهة إلى قعر المجتمع، ليس بالأمر الهين، في زمن أصبحت فيه الانتخابات جسرا للعبور من ضفة البسطاء إلى ضفة الأعيان، مع ما يترتب على هذا الانتقال من تغيير في العادات والطقوس والملامح أيضا.
ضحايا اللعبة الانتخابية هم الاستثناء الذي لا يبرر القاعدة. يمكن أن نعثر عنهم متناثرين هنا وهناك، لكنهم موجودون يديرون ظهورهم للسياسة يلعنونها في سرهم وعلانيتهم، ويحصون رفاق الأمس الذين غادروهم إلى غير رجعة حين دخل الفقر والعجز بيوتهم.
ولأن المناسبة شرط، فإن الملف يرصد أيضا حكايات ضحايا الانتخابات الجماعية والجهوية التي شهدها بلدنا أمس (الجمعة)، من خلال حملة خلفت وراءها العديد من الضحايا، منهم من مات من شدة الغيظ ومنهم من لفظ أنفاسه الأخيرة من جراء عدوان انتخابي، ومنهم من انتحر بسبب تزكية تأخرت عن موعدها ومنهم من مات وهو ملفوف في رداء لون انتخابي، مرددا لازمة الحزب بدل قراءة الشهادتين.
بروكسي.. البرلماني الذي غادر البرلمان فقيرا
غادر لحسن بروكسي وزارة الداخلية سنة 1977 بعد أن عاش مع ادريس البصري الحلو والمر، لكن الرجل الذي شغل منصب مستشار للوزير الأقوى في تاريخ المغرب، لم يغادر السياسة بل عاش فترة أخرى في كنف البرلمان.
يعترف لحسن بنزوله في البرلمان بمظلة الداخلية، ويقول في سيرته الذاتية «الحسن الثاني، ادريس البصري وأنا»: «رماني القدر، مرة أخرى، في قلب المعركة السياسية، رغم أنني نزلت على غرار كثير من الزعماء السياسيين بمظلة البصري في قبة البرلمان، فقد كنت أكثر استعدادا لدخول تجربة نضالية جديدة كنت أعاقرها بنشوة لا مثيل لها، بعيدا عن تعليمات الداخلية، دون أن أقطع حبل الود مع البصري، الذي اكتشفت الكثير من مزاياه حين غادرت الوظيفة».
اقترح البصري على أحرضان تعيين لحسن على رأس خلية الأبحاث والدراسات لحزب الحركة الشعبية، وقدم ضمانات حول قدرته على الدفع بهذا الحزب المدعم بحقن الداخلية نحو الواجهة في برلمان الصقور. تعامل أحرضان مع بروكسي بحيطة وحذر لأنه سليل فريق عمل البصري، فقد كان يحرص على ترويض لسانه ولا يحوله إلى سوط كلما كنت في حضرته، مقابل اقتناعه بالعمل الذي قدمه إلى جانب نخبة المفكرين التي التحقت أو ألحقت بالحركة الشعبية. «كنا أمام محك حقيقي في برلمان تؤثثه رموز الفكر والسياسة، وكان علينا كفريق حركي أن نضاهي عبد الكريم غلاب في خرجاته وعبد الواحد الراضي في دقته وفتح الله ولعلو في تفتيته للمعادلات الاقتصادية ومحمد اليازغي في سبر أغوار السياسة الخارجية، وعلي يعتة في رؤيته الحداثية بلكنته الجذابة، ورجل القاسمي قاطرة الأحرار، والمحامي الذي لطالما واجه إعصار الاتحاديين والاستقلاليين. كان المعتصم رئيس الفريق الحركي مفتونا بمنهجيتي وتحاليلي، وكان الوزراء يقضون أسوأ لحظات حياتهم في البرلمان في مواجهة خاصة مع وزير المالية، فيما ظل البصري يشجعنا في الكواليس ويدعونا إلى رفع وتيرة السجال السياسي، وعلامات الحبور تسيطر على محياه وهو يعاين طريقة اشتغال قطع الغيار التي انتقاها بعناية لتشكل محرك المؤسسة التشريعية، لكنه ترك الدكتور بنهيمة في مواجهة استفسارات النواب خلال اجتماعات اللجن البرلمانية»..
استأنس لحسن بحياته كنائب برلماني يخوض مباريات غير متكافئة ضد صقور الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، لكنه كان يلجأ بين الفينة والأخرى إلى تجربته في أحضان الداخلية ليقلب الطاولة على كثير من صناع القرار، بل إن تقريرا أنجزه حول المكاتب الوطنية أثار زوبعة في قبة البرلمان ومكن الحركة الشعبية من لفت الانتباه وكسب بعض النقط.
في هذه الفترة الزمنية، عاشت حكومة عصمان على إيقاع فساد داخلي، وصل إلى حد تسريب الاختبارات النهائية للباكلوريا، تلاه اعتقال عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي والمقاوم البرلماني منصور، حينها تضامن فصيل النخبة السياسية لحزب الحركة الشعبية مع الاتحاديين، الذين هددوا بالاستقالة الجماعية من البرلمان. أصيب محرك البرلمان بعطل، وأصبح كثير من البرلمانيين الاتحاديين تحت مراقبة البوليس، الذي يتعقب خطواتهم وينصت لمكالماتهم ويقتحم خصوصياتهم، لكن فصيلا من الحزب لم يستسغ تضامن النخبة الحركية مع الاتحاديين، فانسلت شياطين السياسة تحت جنح الظلام للعبث بما تبقى من وئام، وهو ما دفعه إلى صياغة وثيقة احتجاج ضد التدبير السلطوي لأحرضان، الذي لم يهتم كثيرا بهذا الحراك.
انتهت ولاية لحسن ورفاقه، وغادر البرلمان فقيرا بعد أن دخله ثريا، واكتفى بمتابعة ما يجري في مقهى باليما قبالة مجلس النواب، وهو يقضي وقته في احتساء قهوته السوداء، سيما بعد أن خضع لأكثر من عملية جراحية استنزفت ما تبقى له من «تحويشة» العمر. وهو اليوم يقضي يومه بين المقهى ومسكن وظيفي منحته له الداخلية منذ زمان، في زمن لا وجود فيه لتعويضات البرلمانيين المغادرين للقبة، بل إنه لولا بعض المحسنين لما تمكن من تسديد مصاريف علاجه المكلف.
حكاية البرلماني الذي انتهى متسولا بسبب البصري
يذكر مرتادو خمارات العاصمة الرباط في بداية السبعينات اسم «العلوي مول البيران». هذا الرجل الذي كان يدير خمس حانات في العاصمة الإدارية للمملكة، ناهيك عن توفره على حانة في القنيطرة. ويذكر موظفو ومثقفو العاصمة كيف تحولت هذه الأمكنة إلى منتديات وتجمعات لشخصيات من عالم الفن والسياسة والثقافة والرياضة والأعمال، حتى الصعاليك كان لهم نصيب من جود وأريحية الرجل الذي كاد أن يصبح اسمه نوعا من أنواع المشروبات الروحية.
كان العلوي يشغل عشرات «الفيدورات» الذين يأتمرون بأوامره، ويحرصون على حراسة هذه الفضاءات ممن تجتاحهم العربدة بعد أن تفقد عقارب الدماغ دورانها حول نفسها.
تقول حكايات سكارى زمان إن العلوي تجبر بعد أن دخل عالم السياسة ونجح في الانتخابات التشريعية، فاعتقد أن الحصانة و«الفيدورات» قادران على جعله خارج المساءلة.
يروي عمر الوندالي الذي اشتغل حارسا للخمارة قبل أن يتسلل إليه مرض السكري قائلا «لقد جلبني من خمارة الوردة بالدار البيضاء ومنحني سكنا في سطوح إحدى عماراته ووعدني بشغل كشبح في جماعة حضرية، كان يوهم الناس بأن أصوله شريفة معتمدا على اسمه العائلي «العلوي» وحين نجح في الانتخابات قال إنه قرار فوقي، وكانت له علاقة قرابة مع وزير العدل العربي العلوي، وأحيانا كان يتصل بعبد الهادي بوطالب أمامنا».
كان ادريس البصري رئيسا لمصلحة الاستعلامات العامة بالأمن الإقليمي بالرباط ثم مديرا لديوان المدير العام للأمن الوطني أحمد الدليمي، وكان للبصري شقيق اسمه امحمد يعمل موظفا بمصلحة الخدمة المدنية التي كان مقرها محاذيا مباشرة لبنك الإنماء الاقتصادي سابقا بالعاصمة، «امحمد كان مدمنا على شرب الخمر ويتردد على الخمارات بصفة دائمة، وذات ليلة شرب حد الثمالة واستنفد نقوده فألقى به أحد الحراس خارج الحانة، وأصابه بجروح متفاوتة الخطورة بقيت مصالح الأمن المحلية إزاءها مكتوفة الأيدي لاعتقال الجناة بسبب تدخل عدة شخصيات وأطراف نافذة عرقلت مسطرة المتابعة. شعر ادريس البصري بالخجل فلم يجد بدا من إشعار وزير الداخلية محمد أوفقير بواسطة قنوات متعددة ليأمر هذا الأخير بنقل العلوي بالقوة لمدرسة تدريب رجال الشرطة ببوقنادل بدل إحالته على العدالة التي كانت تحميه بوجود صديقه وزيرا فيها ووضعه الاعتباري كمنتخب. هناك في تلك المدرسة خضع لفترة تدريب قاسية، فكانت سببا في إفلاسه وتشتت ثروته فعاد مدمنا هو الآخر يتسول بأبواب مقاهي الرباط إلى أن اختفى أثره». يقول الراوي إن هذه القصة عاش تفاصيلها حفيظ بنهاشم لحظة بلحظة، وهو شاهد عليها.
ضحايا في صفوف مناصري المرشحين
لقي شخص سبعيني مصرعه خلال الحملة الانتخابية، متأثرا بجروحه، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى محمد الخامس بمكناس، على خلفية صراع له علاقة بالانتخابات الجماعية، وحسب مصادر أمنية نقلتها الصحافة المحلية، فإن الضحية ح.م من مواليد 1947، متزوج وأب لتسعة أبناء، يقطن بدوار مسنانة بجماعة لخنيشات، أحاله المستشفى الإقليمي لسيدي قاسم على مستعجلات محمد الخامس بمكناس في حالة جد حرجة، حيث بذل طاقم طبي بهذا الأخير مجهودات جبارة لإنقاذه لكن دون جدوى، ليلفظ الشيخ أنفاسه الأخيرة في حدود الثانية بعد الزوال، متأثرا بجروحه، الناجمة عن اعتداء تعرض له بواسطة آلة حديدية في مناطق متفرقة من جسمه.
وعثر على الضحية مرميا بالقرب من مكان إقامته في حالة غيبوبة، حيث أكدت عائلته أنه من المرجح أن يكون المعتدون ليسوا إلا أتباع أحد المرشحين للانتخابات الجماعية بالمنطقة، له صراع مع الضحية، وإلى غاية كتابة هذه السطور لازالت التحقيقات جارية.
وأعلنت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الحملة الانتخابية التي يقودها حزب الاستقلال في مدينة غفساي، قد أسفرت عن وفاة شخص وإصابة 18 آخرين بجروح بليغة، وذلك في انقلاب لسيارة كانت تقل مناصري حزب الميزان. ونقل على إثر هذا الحادث خمسة من الذين أصيبوا بجروح خطيرة إلى المستشفى الإقليمي لمدينة فاس، بينما تلقى البعض الآخر العلاج بمستعجلات مستشفى مدينة تاونات.
وحسب الوكالة فإن السلطات المحلية قالت إن الشخص المتوفى وزملاءه كانوا على متن سيارة يقومون بالدعاية الانتخابية لحزب الاستقلال، إلى أن انقلبت بهم السيارة في إحدى الطرق بجماعة سيدي المخفي بدائرة عفساي. وفي مراكش تعرض رضى بلعباس الطعارجي، مرشح حزب الميزان لجهة مراكش آسفي، لعملية سرقة، خلال الحملة، باعتباره وكيلا للائحة الحزب بجماعة أولاد حسون ويطمح إلى رئاسة ثانية للجماعة ذاتها، وكان قد غادر لتوه وكالة بنكية بأحد شوارع جليز، بعد أن سحب مبلغا ماليا، وما إن غادر المصعد حتى فاجأه مجهولان وأشهرا في وجهه سلاحا أبيض ليسلباه مبلغ 15 مليون سنتيم، ثم لاذا بالفرار. ولأن الطعارجي يعد ثاني مرشح يتعرض لعملية سرقة خلال الانتخابات الجماعية، بعد أن سطا مجهولون على سيارة وكيل لائحة حزب المصباح محمد العربي بلقايد وسرقوا منه مبلغ 20 ألف درهم، فإن الغريب في هذه الوقائع عدم تقديم بلاغات للشرطة.
وكان محمد العربي بلقايد مرشح حزب «البجيدي» بمراكش والمنسق الجهوي السابق لحزب «المصباح» والنائب البرلماني، قد تعرض مساء الأحد 23 غشت للسرقة بعد تحطيم زجاج سيارته، والسطو على مبلغ مالي وملصقات من داخلها من طرف مجهولين بمنطقة الحسنى بحي لمحاميد بمراكش.
رسموا أسماءهم في عالم السياسة وانتهوا في دور المسنين
في دار الخير بتيط مليل أسماء نكرة وأخرى معرفة. في هذا الفضاء الذي أبعد عن المحيط الحضري للدار البيضاء بعشرات الكيلومترات، مر العديد ممن مارسوا السياسة بكل أطيافها قبل أن تتلبد سماؤهم بغيمة ترعد ولا تمطر. يذكر نزلاء المؤسسة القدامى اسم ادريس منتاوي الذي قضى بدار الخير ثلاث سنوات. كان مرهف الأحاسيس ولا يفارقه مذياع ضاعت موجاته، ينصت للأغاني الشرقية بصوفية غريبة، فقد كان واحدا من أعمدة الجوق الوطني لدار الإذاعة والتلفزة، وعضوا في مجلس الجماعة الحضرية في عهد العباسي، «حين زار المؤسسة الفنان عبد الهادي بلخياط، فوجئ بوجوده واحتضنه بين ذراعيه طويلا، وكأنه يقدم العزاء لرجل على قيد الحياة»، يقول مدير المؤسسة. وحين زارت جمعية من جمعيات المجتمع المدني الجناح الذي يقطنه ادريس، قبل أحد الأعضاء يديه دون أن يتمكن من فرملة الدمع المنهمر.
في دار المسنين بمدينة القنيطرة، يعيش عبد الرحمن دوليزال عزلته الاضطرارية، يحاول أن يعيد ترتيب وقائع الزمن الغادر، الذي حوله من منتخب ورجل أعمال إلى شخص مديون يقف في طابور قاعة الأكل إلى جانب عشرات النزلاء في انتظار وجبة غذاء، بعد أن كان يملك أحد أكبر المقاهي في المدينة.
قضى دوليزال سنوات عمره الجميلة في فرنسا، ضاعف جهوده من أجل توفير مبلغ مالي ينهي به سفر الغربة بمشروع مربح في بلده، وحين نال التقاعد كان المشروع جاهزا وأصبح عبد الرحمن من بين رجال السياسة والأعمال الذين قرروا الاستثمار في بلدانهم استجابة لنداء الوطن.
لم تسر الأمور وفق ما كان يخطط دوليزال وبدا وكأن الحلم يتحول تدريجيا إلى سراب، بعد أن ضاق به الحال وأصبح يواجه أرق المغامرة، ارتكب عبد الرحمن جرما في صفقة تجارية من موقعه كمنتخب، رمى به في أحد السجون، وحين انتهت العقوبة وجد نفسه محروما من لقب «السي» وأصبحت تطارده نظرات تزيد من حجم معاناته وتجعله يعض على شفتيه من شدة الندم على قرار العودة إلى الوطن ودخول السياسة.
زار طاقم برنامج «مختفون» الذي تبثه القناة الثانية، دار المسنين بالقنيطرة، ورصد حالة دوليزال من أجل تسليط الضوء على رجل كان صرحا فهوى، فاتصل بعض أهالي عبد الرحمن بإدارة المؤسسة من أجل لقاء «المختفي»، قبل أن يتبين أن للاختفاء سببا نفسيا أيضا.
في دار العجزة لمدينة أكادير، تعيش حالة مماثلة لنزيل القنيطرة، فقد رمت الأقدار بأحد الأثرياء المفلسين بهذا الفضاء الذي يعتبر أغلب قاطنيه ممن لا تاريخ ولا جغرافية لهم، في حجرة هادئة يقضي عمر النواري ما تبقى له في عداد الزمن من أيام. يقول مدير المؤسسة محمد الكنوني، إن الحالة الاجتماعية للمعني تحتاج إلى متابعة نفسية، لأن الرجل كان من أعيان المدينة متمتعا بوجاهته السياسة والاقتصادية، قبل أن ينتهي به المطاف بين نزلاء أغلبهم عانوا من صعوبات الحياة.
تحذير رسمي.. الحملة الانتخابية تقتل
انتهت وعود أحمد المعيدنات المستشار الجماعي السابق ومرشح حزب التقدم والاشتراكية للانتخابات المهنية (الغرفة الفلاحية) بالجماعة القروية عين تيزغة بإقليم ابن سليمان، وقضي الأمر بعد أن انتشر خبر وفاته صبيحة يوم الخميس 06 غشت الماضي، بمنزله على إثر سكتة قلبية، بعدما قام في ساعاته الأخيرة بحملته الانتخابية الممهدة لاقتراع يوم الجمعة 07 غشت وسط فلاحي المنطقة، إذ ظل يتحدث إليهم عن برنامجه المستقبلي إلى مساء الأربعاء وكانت له حظوظ وافرة للفوز بالمقعد أمام منافسه امحمد الشتيوي المرشح باسم حزب الاستقلال.
وفاة المرشح المذكور طرحت إشكالا قانونيا أمام السلطات، خصوصا وأن الجماعة القروية المذكورة لا يوجد بها سوى مرشحين كانا يتنافسان على مقعد واحد بالغرفة الفلاحية.
وفي اليوم الموالي، تناقلت الصحف والمواقع خبر وفاة مرشح بسكتة قلبية ينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، كان في طور التعبئة لدخول الانتخابات الجماعية ببلدية الخميسات، بعدما تم نقله إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي للمدينة.
وجاءت وفاة المرشح المسمى «الهيلالي محمد» بعد شعوره بالعياء والإجهاد بعدما استكمل جولة بأحياء المدينة، والتي تدخل في إطار الحملة الانتخابية استعدادا لاستحقاقات 4 شتنبر. وخلف خبر وفاة المرشح الذي سبق له أن كان عضوا ببلدية الخميسات وعضوا أيضا بغرفة الصناعة التقليدية، أسى وحزن لدى مناضلي ومناضلات الحزب وكذا أسرته ومعارفه ولدى العديد من وكلاء اللوائح الانتخابية الذين حلوا بمنزله بغرض تقديم التعازي ومواساتهم المصاب الأليم، ومنهم من استغل الحدث لتلميع صورته حين بدأ يتحدث عن الدنيا الزائلة، وفي اليوم الموالي استكمل الحملة.
وأقدم وكيل لائحة حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية بالقنيطرة على محاولة انتحار بعد تناوله سم الفئران احتجاجا على إغراء مرشحيه بالالتحاق بحزب منافس بالقنيطرة، ما أدى إلى إسقاط لائحته الانتخابية التي ظل لأيام منهمكا في إتمام أعضائها البالغ عددهم 65 مرشحا.
وفوجئ المرشح وهو بصدد الاستعداد لإيداع لائحته لدى السلطة المحلية، برفض عدد من المرشحين الذين اتفق معهم لخوض غمار الانتخابات تسليمه الوثائق المطلوبة، إذ بادر بعضهم إلى إغلاق هواتفهم، مما فوت عليه فرصة وضع لائحة حزبه في الآجال القانونية، وهو ما اعتبره ممثل لائحة «الدنفيل» مكيدة في حقه. بل إنه «وضع شكاية لدى وكيل الملك بابتدائية القنيطرة، يتهم فيها المنسق الإقليمي للحزب بابتزازه وطلب رشوة مقابل منحه التزكية للانتخابات، مستدلا بشريط صوتي بمكالمة جرت بينهما». حسب بلاغ في الموضوع. دخل عيسى امكيكي فجر الثلاثاء الماضي في غيبوبة، بعد حادثة سير، تعرض لها برلماني العدالة والتنمية بأحد جبال أولوز على مستوى جماعة أرزان، وهو المرشح الرابع ضمن لائحة المصباح، ونقل إثرها إلى المستشفى العسكري. وقد عاده والي الجهة محمد اليزيد زلوا بالمستشفى بقسم العناية المركزة خلال خمس دقائق ثم غادره، وأجريت للمرشح فحوصات على مستوى الرأس في إطار مراقبة فرضية الإصابة بأي نزيف دماغي. وتعرضت نجلة مرشح البيجيدي التي كانت معه في السيارة لكسر على مستوى الرجل واليد إذ أدخلت مستعجلات المستشفى العسكري بالدشيرة الجهادية بدورها حيث تتلقى العلاجات الضرورية، فيما إحدى مرافقات امكيكي لم تصب بأذى.
وكان امكيكي عائدا من تجمع انتخابي في إطار الحملة الجهوية. وقد عزت مصادر متفرقة سبب الحادث إلى الإرهاق وقلة الراحة والنوم، خاصة وأن برلماني أكادير إدوتنان، للمرة الثانية، يصر على الاستمرار في المركز السياسي بالمنطقة.
برلماني سابق ضمن المرحلين من بويا عمر
وقف أعضاء لجنة ترحيل خمسة مرضى من المحتجزين ببويا عمر إلى مستشفى الأمراض العقلية بالجماعة القروية سعادة ضواحي مدينة مراكش، في 12 يونيو الماضي، على وجود حالة شخص ستيني، قال أحد القائمين على الولي الصالح، إنه كان برلمانيا قبل أن يصاب بنوبة اكتئاب بعد خسارته لحملة إعادة انتخابه وينتهي به المطاف نزيلا في بويا عمر.
ويعتبر «س.ب» من الأشخاص الذين تمردوا على الترحيل من بين ثمانية مرضى كانوا محتجزين ببويا عمر إلى نفس المؤسسة الاستشفائية المذكورة، ورفض الترحيل عبر سيارات الإسعاف إلى ضواحي مراكش، في إطار ما سمي بمبادرة كرامة لفائدة المرضى النفسانيين نزلاء محيط بويا عمر، التي تم تفعيلها بتعاون وبتنسيق تام مع السلطات المحلية والمنتخبين، وإشراف من الحسين الوردي، وزير الصحة.
وفاجأ البرلماني المقنع عبد العالي العلوي البلغيتي، الكاتب العام لوزارة الصحة، الذي كان من بين المشرفين على الترحيل، بمناقشة المبادرة والحديث عن خباياها السياسية، متسائلا عن تزامنها مع انطلاقة الحملة الانتخابية وما إذا كان حزب التقدم والاشتراكية سيستغلها لكسب بعض المواقع.
السياسة والسيول تتحالفان على الزايدي
وصفت وفاة أحمد الزايدي بالغريبة بعد أن غرقت سيارته في واد الشراط حين كان متجها إلى بيته ببوزنيقة، إذ لم يلاحظ، حسب مقربين منه، ارتفاع منسوب مياه الوادي الهائج، وحين اكتشفه تعطل الجهاز الإلكتروني لسيارته ولم تفتح مخارج الإغاثة ليظل محاصرا في سيارة تحولت إلى بركة مياه مما أدى إلى وفاته داخل سيارته.
نهاية غريبة لرجل قاد آخر انشقاق في الاتحاد، سيما أن الزايدي كان عائدا إلى بيته بعد أن كان في ضيافة الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي، بل إنه ظل يردد على مسامع القيادي الاتحادي عبارة «الاتحاد الاشتراكي توفي في يد لشكر».
كان الزايدي مضطربا فاقدا للتركيز خلال الأيام التي سبقت وفاته المفجعة، بل إنه كان قلقا للوضعية التي آل إليها الحزب، داعيا في جلساته إلى إعادة إحياء «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية»، فرحل الرجل إلى دار البقاء وفي قلبه غصة الحزب وأزمته.
قالت الصحف إن السيول ليست المتهمة الوحيدة في مقتل الزايدي، بل إنه مات من شدة غضبه على رفاقه في درب النضال، إذ كان يقود في أيامه الأخيرة تيارا معارضا للقيادة الحالية لحزب الاتحاد الاشتراكي، وكان على خلاف كبير مع الكاتب الأول الحالي إدريس لشكر. وهو ما دفع بعائلة الراحل إلى تقديم شكاية إلى وكيل الملك لإجراء تشريح للجثة.
نافس السياسي المغربي الراحل الزايدي بشراسة على رئاسة حزب «الاتحاد الاشتراكي»، قبل أن ينهزم أمام إدريس لشكر، الزعيم الحالي للحزب، لتنشب بينهما معارك سياسية ساخنة حول مستقبل الحزب اليساري.
لكن رغم ذلك فإن السياسة كادت أن تعيد إلى الواجهة حرب لشكر والزايدي، حين تقدمت نجلة ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب «الاتحاد الاشتراكي»، خولة لشكر، للانتخابات الجماعية، قبل أن تنسحب، تاركة مكانها للاتحادي عزيز الدرويش، كمرشح في لائحة الحزب بمقاطعة السويسي بالرباط، ضد المنافِسة سعاد الزايدي نجلة أحمد الزايدي، التي ترشحت بلائحة مستقلة. بينما قاد الهوس السياسي ادريس لشكر، إلى الجنوب حيث ترشح وكيلا للائحة جهة كلميم السمارة، واضعا نصب عينه رئاسة الجهة، فيما ترشح نجله وكيلا بلائحة مقاطعة اليوسفية.
الكلاب تتصدى للحملة
تعرضت قافلة لمناصري حزب السنبلة بهجوم من فيلق كلاب مسعورة في منطقة فم العنصر، بضواحي بني ملال كان من نتائجها إصابة طفلين كانا في مقدمة الحملة وهما يوزعان المنشورات الحزبية، وهرب المرشح الذي دخل أحد المنازل بينما ترك أنصاره عرضة للهجوم المدبر من طرف الكلاب. وحسب المعطيات المتوفرة فإن مرور بعض الأطفال بجانب الكلاب واستفزازها أثار فيها غريزة الهجوم فانقض كلب على رجل طفل وغرز فيها أنيابه قبل أن تتابع الجماعة سيرها في الشارع أمام أنظار المارة الذين سخروا من الحملة.
وكان المستشار الجماعي محمد وغانم قد انضم في العام الماضي إلى قائمة ضحايا الكلاب الضالة في القصيبة، غير بعيد عن المنطقة، حيث تعرض لعضة كلب هائج وسط المدينة جعلته يتلقى الإسعافات الأولية في المركز الصحي للمدينة ويشرع في تناول حصص لقاح داء السعار.
للإشارة فإن المنطقة باتت تعرف انتشارا واسعا للكلاب الضالة التي تجوب شوارع المدينة دون حسيب ولا رقيب أمام عجز السلطات عن إيجاد الحلول الممكنة للقضاء عليها رغم توالي الشكايات وتزايد الضحايا.
ضحايا في صفوف الداعين لمقاطعة التصويت
تعرض أعضاء من حزب النهج الديمقراطي لهجوم من طرف رجال الأمن على مستوى منطقة البرنوصي، حين كان أفراده يواصلون حملة دعوة المواطنين على عدم المشاركة في الانتخابات ومقاطعة التصويت.
وكان بيان لـ«النهج الديمقراطي» قد أكد مواصلته «التعبئة لمقاطعة الانتخابات في حملة شعارها لنقاطع الانتخابات ولنناضل من أجل التغيير الديمقراطي»، مؤكدا أن الثقة الشعبية في حملات باقي الأحزاب منعدمة أو ضعيفة.
وأشار البيان إلى «اعتقال 11 من ناشطي الحزب وتحرير محاضر استماع والتزامهم على خلفية دعوتهم لمقاطعة الانتخابات، مع قمع واعتقال العشرات بعدد من المدن والقرى المغربية أثناء قيامهم بالدعاية الجماهيرية للمقاطعة، واستمرار هيمنة وزارة الداخلية على الجماعات الترابية بشكل عام، وعلى مقاطعات الرباط بشكل خاص بدعوى الطابع الإداري والسياسي للعاصمة».
برلمانيون لم تنفعهم حصانتهم
قاد نقاش برلماني حول ظاهرة غياب البرلمانيين وإصرارهم على مقاطعة الجلسات والاكتفاء بحضور افتتاح الدورة البرلمانية، إلى فضح أسماء برلمانيين لازالوا يحملون الصفة البرلمانية ويحصلون على تعويضاتهم الشهرية وهم يقبعون داخل السجون المغربية في قضايا جنائية، وسرد أحد البرلمانيين حالات لممثلي الأمة يقضون عقوبات حبسية أبرزهم حالة برلماني معتقل في قضية للنصب والاحتيال على مواطنين بمبالغ تبلغ قيمتها 17 مليار سنتيم، وبرلمانيون آخرون متابعون أمام القضاء.
كما أثارت المناقشات حالات برلمانيين أقعدهم المرض وتسلل السكري إلى أجسادهم بسبب عناء السياسة، وعلى الرغم من خطورة القضية، إلا أن رئاسة المجلس فضلت التداول في الموضوع سرا بسبب «الطابع الشخصي للموضوع». بل إن نائبة برلمانية من الأغلبية قالت، دون أن تأخذ الكلمة، «لا يجب نشر غسيل البرلمان في سطوح الصحافة».
وكان البرلماني محمد المستاوي قد عاش حالات العود والتكرار حين غادر جدران السجن لساعات وعاد إليه مجددا، إذ مباشرة بعد أن سرحت المحكمة الجنائية لسطات، البرلماني الاستقلالي عن دائرة مديونة المتهم في ملف سرقة «الفيول الصناعي»، المعتقل بسجن علي مومن منذ الثاني من ماي الماضي، حتى وجد في انتظاره عناصر الشرطة القضائية لمنطقة آنفا الذين قاموا بإيقافه في قضايا أخرى تتعلق بإصدار شيكات بدون مؤونة.
قبل انطلاق الحملة الانتخابية بأسابيع قليلة، أقدم مستشارو المجلس الجماعي مديونة بالأغلبية المطلقة على إقالة محمد المستاوي النائب البرلماني الاستقلالي للإقليم من مهامه كمستشار جماعي، بعد أن ظل هذا الأخير يشغل في السابق منصب رئيس المجلس الجماعي لأزيد من 18 سنة، كما حسمت سلطات الإقليم الصراع باللجوء إلى التصويت الذي أسفر عن إقالة البرلماني الاستقلالي والرئيس السابق لبلدية مديونة وإنهاء عضويته بالمجلس الجماعي بـ 13 مقابل 8 أصوات