طحن مو…اطنون نفايات
كمال اشكيكة
بعيون تملأها الحسرة والأسف ، شاهدنا فيديو يوثق لحظة مقتل ابن وطننا، ابن الريف الشامخ، شاهدنا كيف سحقت الة شفط النفايات، جسده الصغير، بين فكيها الحديديين. شاهدنا كيف ماتت فيهم الانسانية وهم يأمرون بطحنه وكأنه جزء من نفايات بيوتهم.
محسن سيظل حيا في عقولنا وقلوبنا، كما سيظل هذا الوطن ملطخا بدمه الطاهر، إلى جانب كل من ماتوا لكي يحيى الوطن. لكن، هم ماتوا ولم يحيى الوطن. قتل محسن دفاعا عن لقمة عيش حلال، وضدا عن الحكرة.. مات مغدورا، وبأمر ممن يفترض فيهم حمايته.
متى سيكتفي هذا الوطن من مص دماء ابناءه؟!. متى ستتغير عقلية هؤلاء البصراويين القابعين بالإدارات المغربية؟! متى سنعيش بكرامة في هذا الوطن الذي نعزه ونعتز بالانتماء إليه؟! هذه أسئلة ضمن أخرى، معلقة تنتظر الجرأة السياسية منكم مسؤولينا للإجابة عنها.
لازال أحرار هذا الوطن لم يستفيقوا من هول صدمة موت عدد من أخواتهم وإخوانهم، ممن وهبوا دمائهم فداء كرامة الشعب. لكن وللأسف عوض أن تندمج إداراتنا في حماية الشعب، تخرج علينا ببيانات تفتقر إلى أبسط شروط الحيادية، وتحاول ابعاد الشبهات عن موظفيها.. هذه المؤسسات التي تشغل من يحمي ظهور مسيريها حتى وإن كان على حساب أرواحنا نحن. وعوض الخوض في الأخطاء المهنية والقانونية الكثيرة التي عجلت بوفاة الشاب محسن فكري، يحاولون تحوير النقاش إتجاه أمور أخرى، وإعطاء الموضوع صبغة الإنتحار، وهو الشئ الذي حتى وان كان، فهو بدافع وجب معاقبة من تسبب فيه بغير وجه حق.
أيها المغربي الحر، ما عليك اليوم إلا أن تختار (إن منحوك فرصة لذلك) الطريقة التي تريد أن تموت بها، فإننا أصبحنا نعيش بجناح كبير للمحكومين بالإعدام، ننتظر متى سيتم النداء على اسمائنا. واختياراتنا ان تركوا لنا الحق في ذلك، ستكون محدودة مابين سكة قطار، وعجلات سيارة، والموت حرقا أو تحث ركام بناية، ومنا من ستجرفه سيول المياه إلى قبره… الأهم هو أننا جميعا سنجد شاحنة نقل النفايات في انتظارنا لتشفطنا بين فكيها ورفقة ما تبقى من كرامة مواطني هذا الوطن الجريح.