عذرا حسناء فكلنا مذنبون
كمال اشكيكة
في البلدان الديموقراطية التي تحترم كيان الإنسان، وتعامله بكامل إنسانيته. يخرج الناس من مختلف شرائح المجتمع، للتظاهر والإحتجاج بطرق مختلفة، فتحضر قوات حفظ الأمن، مسلحة بعتادها. لكن قبل ذلك، مسلحة بثقافة إحترام الإنسان، وبمستوى فكري يميز بين العدو والمتمرد والمطالب بحقه.
لكن في بلد الإستثناء، الذي يعد أجمل بلد في العالم، والذي يكفل دستوره لكل المواطنين حرية التعبير، كما يضمن لهم الحق في الحياة، والعيش الكريم، والسلامة الجسدية، والتطبيب… والعديد من الحقوق التي لو اردنا ذكرها لاحتجنا لمقال اخر. في هذا البلد، يعتبر كل مطالب بحقه راغب في ايقاض الفتنة، تلك الفتنة التي يظنونها تغص في سبات عميق، بينما هي في واقع الأمر متيقضة في نفوس الكثيرين، ومستعدة للإنفجار بدون سابق إنذار، كبركان يغلي في أعلى الجبل.
حسناء زرقي، ككثيرات من بنات هذا الشعب، اللائي فظلن العلم عن الجهل. قرأت وثابرت، وحاولت تحقيق حلم الصغر. فمن منا لم تغريه وظيفة الأستاذ، ومن منا لم يحاول تقليد أساتذته في البيت… لكن حسناء كانت من القلائل الذين اهتموا بهذا الحلم، ورعوه حتى صار حقيقة. لتجد نفسها رفقة عدد من زملائها، يفترشون الكارطون بساحات المدن، ويتلقون هراوات المخزن. ذنبهم في ذلك أنهم طالبوا بإدماجهم في سوق الشغل، بطريقة تضمن لهم كرامتهم وحقوقهم.
حسناء، لم تحرم من حقها في الاحتجاج فقط، بل حرمت من حقها في التطبيب. وقد تجرد طبيب من القسم الذي أداه ليكذب عن حسناء، ويخفي عنها إصابتها بكسر قد يؤدي إلى شلل تام. كذب الطبيب، وأخلف وعده من أجل إرضاء المخزن!
قد نختلف مع حسناء وزملائها، لكن ما يجب أن نجتمع عليه، هو المطالبة باحترام إنسانيتنا، وحقوقنا، التي لا تقبل التجزيئ.
باسمي، وباسم كل ضمائر الشعب المتيقضة، أعتذر منك أختاه، وأدعو لك بالشفاء العاجل. ولا تنسوا أننا جميعا مذنبون.