عمر بوري .الحرفي المراكشي الذي رصع القول الشعري بجواهر الكلام ودرره
الكاتب:
و م ع –مراكش 24
فيلالي الاصل، مراكشي المولد والنشأة، رجل حنكته التجارب وامتهن فن الملحون بعد تجربة طويلة مع الحرف التقليدية، انه عمر بوري الروداني شيخ الملحون الذي رصع القول الشعري بجواهر الكلام ودرره.
التحق عمر بوري، الذي كان جده المعلم امبارك قد انتقل من منطقة تافيلالت الى مراكش في القرن الثالث عشر للهجرة، بالكتاب وتعلم ما تيسر له من كتاب الله ، ليمتهن بعدها عدة حرف تقليدية من الحياكة والخياطة الى الدباغة والخرازة والجزارة التي توارثها عنه ابناؤه. مثله مثل أقرانه الشباب، كان عمر بوري يهوى، كما يحكي، مشاهدة الافلام السينمائية الاستعراضية والفكاهية ويتردد على سينما ” التونسي” القاعة الوحيدة التي كانت تعرض أفلاما مصرية وهندية وافلام الغرب الامريكي. انخراطه في العمل السياسي في بداية خمسينيات القرن الماضي قوى عزيمة الشاب عمر الذي ركب المخاطر أيام المقاومة ضد المستعمر وهو في عقده الثاني من العمر مكلف بحمل قفة مقتنيات غذائية للتمويه يدس في ثناياها أخبار وأسرار المقاومة الوطنية بمنطقته الى المرحومة فاطنة علال لتبلغها بدورها الى المعتقلين المحكومين بالأشغال الشاقة في بيوت المعمرين أو معتقل القصبة وقتذاك. هجرته الى فرنسا وبلجيكا واشتغاله هناك لمدة من الزمن في عدة خدمات في مجال الصناعة اكسبت عمر مزيدا من التجربة صقلت شخصيته ليعود بعدها الى تارودانت التي استقر بها ممتهنا بعض الاعمال الفلاحية وتدبير العقار. تفتحت قريحتي على ميدان الادب يقول عمر بوري،في تصريح صحفي بمناسبة توقيع أولى باكورة أعماله “ديوان فن الملحون” على هامش ملتقى سجلماسة لفن الملحون في دورته 21، ” فقد كنت شغوفا بحب المطالعة وفن الملحون وكان اصدقائي أمثال الحبيب حجي وبيه بن زكوط وأحمد الامين وغيرهم يشجعونني على السير قدما على خطى شيخ الادب الشعبي وقتها أحمد سهوم “. وشكل اطلاعه على كتاب القصيدة ” للأستاذ عباس الجراري البدايات الاولى بالنسبة لعمر بوري لشق طريقه نحو الابداع وخط أولى ما جادت يه قريحته الشعرية. بدأ الشيخ بوري ينظم قصائد الملحون كما يقول الاستاذ الجامعي عمر أفا وقد أتقن ادوات هذه الصناعة بما تشمله من بحور الشعر وطبوع الغناء وانواعها ومختلف ألحان بأنغام رودانية مغربية اندلسية ونظم في مختلف الاغراض من مدح ووصف ورثاء وغزل وإخوانيات وشعر ديني ووطني فتح باب التثقيف الذاتي، فكان من عشاق فن الحلقة يستمع الى المغنين وشيوخ الملحون المتجولين وأصحاب الحكايات فأعجب بما يحكون في مجال الثقافة الشعبية عن سيرة عنترة بن شداد وكتاب ألف ليلة وليلة. الى جانب المهن الحرفية التي مارسها عمر بوري، فقد تعاطى لبعض الهوايات الترفيهية كسباق الدراجات الهوائية، وما يزال يحتفظ ببعض الصور التذكارية بكل من مدينة أكادير وتارودانت ، إضافة الى عدد كبير من شواهد التقدير أو المشاركة في مختلف المهرجانات والملتقيات الوطنية التي تهتم بفن الملحون كتراث وإرث وطني بكل من الرشيدية وسلا ومكناس ومراكش، ومنها الملتقى الثقافي بفاس الذي يقام سنويا . كبير في تواضعه وهادئ في طبعه وحسن سمته ووافر معرفته بفن الملحون كما كتب الأستاذ عباس الجراري في تقديمه لديوان الشاعر فضلا عن ما يتميز به من حفظ غزير للقصائد الملحونية وعصاميته التعليمية وما لها من تأثير في صقل موهبته وتثقيف إبداعه وهو ما جعل منه هرما في فن نظم قصائد صنعة الكلام ومبدع في الزجل الشعبي نظما ولحنا وأداء.