عيد الاستقلال.. حدث وطني بدلالات وحمولات تاريخية وملحمية
أنوار دحني
يصادف اليوم الإثنين 18 نونبر2019 الذكرى الـ64 لعيد الاستقلال المجيد، هذا الحدث الوطني الذي يعد من الأحداث الراسخة في أذهان الشعب المغربي لما له من دلالات وحمولات تاريخية وملحمية، ونظرا لسياقه التاريخي والاجتماعي، الذي كان المغرب يعيش فيه مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية والتحرر، و التي عبر فيها رجال المرحلة عن شجاعة وتضحية منقطعي النظير
وتتميز هذه الذكرى برمزية خاصة لدى المغاربة لما تحمله من دروس وقيم وعبر تعززها مشاعر الافتخار والاعتزاز، ولما تجسده من روح الكفاح الوطني والتضحية في سبيل الوطن، حيث سعى المستعمر الفرنسي بتاريخ 30 مارس 1930 بشتى الوسائل للنيل من الشعب المغربي وطمس هويته ونهب خيراته وموارده والسيطرة على مؤسساته، قبل أن يصطدم بمقاومة شرسة من قبل الشعب المغربي الذي لم يستسلم يوما، مصرا على التشبث بملكه وأرضه، مقدما بذلك دروسا في المقاومة والنضال في أسمى مظاهرها.
وأمام إصرار المغاربة والتحامهم بالعرش العلوي في الدفاع عن أرضهم و ملكهم حاول المُستعمر الفرنسي بشتى الوسائل تفريق هذه الوحدة عبر إقرار الظهير البربري، الذي أصدرته الحماية الفرنسية في 16 ماي 1930 بهدف التفريق بين مكونات الشعب المغربي، إلا أن مخططه باء بالفشل حيث خرج المغاربة بأشكال من المقاومة السياسية والسلمية نحو المقاومة المسلحة والمنظمة، ما تسبب في نفي المغفور له محمد الخامس وعائلته إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر النقطة التي أفاضت الكأس، وساهمت في اندلاع ثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953.
ولم يهنأ للمغاربة بال بعد نفي ملكهم ” المغفور له محمد الخامس ” حيث ناضلوا بشتى الطرق، حتى تحقق المراد وعاد رمز الوحدة جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى، معلنا بذلك استقلال المغرب وانتهاء الوصاية والحماية الفرنسية، وهو ما أشر على بداية مرحلة جديدة في مسلسل تحرير البلاد من ترسبات الاستعمار وإرساء الأسس واللبنات الأولى لمغرب مستقل وحديث.
دوليا ساهم حصول المغرب على استقلاله سنة 1955 في تحقيق استقلال الجارة الجزائر بعدما دعمه للجارة الجزائر بكل الوسائل لمقاومة الاحتلال الفرنسي، لتستطيع بدورها تحقيق استقلالها في 5 يوليوز سنة 1962، حيث تعتبر هذه الذكرى فرصة سانحة للأجيال الصاعدة لاستحضار هذه الملحمة، مع الأخذ بعين الاعتبار كل التضحيات ونكران الذات في سبيل الوطن التي اتسم بها مسار رجالات هذه المرحلة، الذين بصموا بأصابع من ذهب على أسمائهم في كتاب التاريخ الحديث للمملكة.
وعلى الصعيد الوطني ، شكل الاستقلال بداية عهد جديد، عملا بالمقولة الشهيرة لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ” لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، حيث انخرطت المملكة في العديد من الاصلاحات التي أطلقها السلطان الراحل همت كل القطاعات الحيوية، ليسير بعده المغفور له الحسن الثاني على نفس الدرب، موليا عناية خاصة للجانب المؤسساتي للدولة وتنظيمها السياسي والديموقراطي، قبل ان يتسلم المشعل بعد ذلك الملك محمد السادس مؤسسا لدولة عصرية ومتقدمة على المستوى الاقليمي، ومسايرة للتطور التكنلوجي الذي يعرفه العالم، ومكرسا لقيم المواطنة والتسامح والتعايش.