في رحيل السي امحمد بوستة…الحكيم الثائر والجاهر بصوت الحق
مصطفى تاج
الذين يروجون أكذوبة “الحكيم الصامت” نعتا ووصفا لفقيد الأمة الأستاذ مولاي امحمد بوستة رحمه الله، إنما يحاولون متجنين وعابثين طمس مواقف كبرى سجلها الراحل في تاريخ المغرب المعاصر، وهو الذي قاد رفقة آخرين أحزاب المعارضة طوال عقود من الزمن قائدا ممانعا، ثائرا وجاهرا بصوت الحق، رافضا للتحكم، مكافحا ضد الظلم والتهميش، منافحا عن الفقير والمظلوم.
نعم، كان السي امحمد بوستة رجلا حكيما ولكنه لم يكن أبدا مناضلا صامتا، وهو الذي قدم استقالته رفقة المجاهدين علال الفاسي وامحمد الدويري من حكومة 1963، وكان أول من وقع ملتمس الرقابة ضد حكومة لا شعبية متحكم فيها في كل من 1964 و1990، وفي 1993 رفض رئاسة حكومة تضم ادريس البصري ضمن تشكيلتها، وقبلها، كان أول من دعا لمقاطعة التصويت ورفض الدستور الممنوح لسنة 1992.
لذا فعار أن تسعى جهات نعرفها ونعرف خلفياتها للتجني على قائد سياسي فذ من طينة الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال المرحوم امحمد بوستة، الذي وإن انتهى أجله في الحياة، فقدرنا نحن أبناءه وأحفاده في الحزب أن نظل على العهد معه حيا وميتا كما كنا دائما…فحزب الاستقلال الفكرة أنشئت في أول الأمر وآخره كمشروع وطني ينتصر للحكمة ولكن كذلك يحارب الصمت ويأبى أن يرضى بالواقع المهين، وذلك بمشاكسته أولا في أفق تغييره ثانيا…
إن مسار تحقيق استقلال الحدود الحقة وإحقاق الديمقراطية الحقة لا زال طويلا وعلينا الاستمرار في النضال من أجل تحقيق غاياتنا ومن أجل المشروع الذي لأجله كان ولازال حزب الاستقلال.
من جهة أخرى، فإننا نعي جيدا أن ترويج أطروحة “الحكيم الصامت” بالتزامن مع وفاة السي امحمد بوستة وبالتزامن مع الحملة الممنهجة التي يتعرض لها حزب الاستقلال ومؤسساته، إنما هي رسالة للأمين العام الحالي السي حميد شباط حتى يلجم لسانه ويوئد أفكاره ويدفن مواقفه التي نعرف حق المعرفة أنها تزعجهم ولا تريحهم، تقض مضجعهم وتذكرهم والناس أجمعين بالحقيقة التي يخافون الاعتراف بها.
ولكن، ولأن قدر السي حميد وقادة الحزب الحاليين كما قدر السي محمد ومعه زعماء الأمس أن يترجموا مواقف قواعد حزبهم وأن يعكسوا رسالته التي من أجلها لا زال ينبض بالنضال والممانعة فإن محاولة المتجنين ستفشل في إسكات صوت الحق، صوت حزب الاستقلال، كما في إقبار المواقف التاريخية لزعمائه أمواتا وأحياء…انتهى الكلام.