كمال أشكيكة يكتب : العدالة والتنمية…بين نظريتي الفضيحة والمؤامرة
كمال اشكيكة
مع اقتراب الإنتخابات التشريعية، بدأت تطفوا على السطح قضايا فساد، ومخدرات، وجنس وزواج عرفي..و كلها تتعلق بأعضاء الحزب الحاكم، أو بأعضاء تنظيماته الموازية.
خرجت إلى العلن قضية المتاجرة الدولية في المخدرات، والتي تورط فيها قيادي بالفرع المحلي لأسفي. وبعدها بأيام خرجت قضية الزواج العرفي، أو ما سمي ب “كوبل الميرسديس”، والتي تورط فيها قياديين كبار بحركة التوحيد والإصلاح، الدرع الدعوي للحزب… أما قضايا الفساد فلا يمكننا عدها، إنطلاقا من سيارات الشوباني مرورا بحادثة المحمدية وصولا إلى طريق بن سليمان… ونحن هنا لا نؤكد تورطهم في قضية، ولا نبرئهم من أخرى، وإنما سنتطرق إلى الموضوع، من وجهتين مختلفتين، الأولى ستعبر عن خصوم العدالة والتنمية، والذين يؤكدون تورط المنتمين إلى الحزب في هذه القضايا. أما وجهة النظر الثانية، فستكون مؤيدة إلى نظرية المؤامرة، ومحاولة إغتيال شخصيات الحزب، وهي النظرية التي يتبناها المنتمين إلى الحزب وتنظيماته، والمتعاطفين معه.
فبخصوص النظرية الأولى، والتي تقضي بتورط كل من تكلمت عنهم الصحافة، وكتبت عبر عناوين عريضة فضائحهم. فهم أناس مثلنا، والعدالة والتنمية ليس بحزب الملائكة. وهو كسائر الأحزاب والتنظيمات، يجمع بين هياكله تجار مخدرات، و شواذ، ومهربي سلع، ومزورين، ووصوليين طامعين في ولوج السلطة ليقتاتوا من فضلها… ومواطنين غيورين على بلدهم، جاؤوا لخدمته والرقي به… بين هؤلاء وأولئك، تقف مرجعية الحزب، وقوانينه الداخلية، وارتباطاته بالدولة ومؤسساتها… وهذا لن يمنع المنتمين إليه من المفسدين، من نشر فسادهم، والتغطية عليه، بمناصبهم، والطموح في الوصول إلى تلك المناصب بكل الطرق… ومنهم مكبوتون جنسيا، يختبؤون وراء لحيهم المزيفة، وقمصانهم القصيرة، ليقضوا مضاجعهم بإسم الدين، والأخلاق، ويجدون لكل أفعالهم مبررات تقيهم المتابعة القضائية، وتجفف أقلام الصحفيين… ويجندون شباب تنظيماتهم، المشبعين بأفكارهم، للدفاع عنهم، وتلميع صورهم إن خدشتها أفعالهم.
أما النظرية الثانية، والتي يقر بها أعضاء الحزب وتنظيماته، والمتعاطفين معه، وهي نظرية المؤامرة، ومحاولة إغتيال شخصيات الحزب، والتنظيمات الموازية له، والنيل منهم، عبر تلفيق التهم، ونسج السيناريوهات، وتوريطهم في قضايا حقيقية أو زائفة… وهذه النظرية تعد من أخطر ما يمكن تبنيه، حيث أن الحزب جاء إلى الحكومة عبر صناديق الإقتراع، التي تترجم إرادة الشعب. وبالتالي فكل من يريد التآمر عليه، فإنه يتآمر على الديمقراطية، وإرادة الشعب… وإن كانت هناك من مؤامرة فيجب على الحزب أن يحدد من يتآمر عليه، بشكل واضح، ودون الولوج إلى لغة التماسيح والعفاريت، أو الحزب المعلوم، والذي لا يعلمه إلا هم. وإلا فإنهم شركاء في التآمرة على إرادة الشعب الديمقراطية…
سنظل نتفرج على هذه المسرحيات، التي لا نعرف أين تكتب فصولها، ولا أين يتدرب ممثليها. حتى يخرجون علينا إلى هذا الركح الواسع، بأدوار يوزعها مخرج أحمق، على ممثيلن أقل ما يمكن وصفهم به، هواة، ويشركوننا فيها كل خمس أو ست سنوات، آملين في تصفيقاتنا، وإبداء الإعجاب بمسرحياتهم الرديئة… سنظل نتفرج عليهم، ونصفق لقدرنا العاثر، الذي رما بنا في هذا الوطن، بين أشخاص أعماهم الجشع، وأغرتهم رطوبة الكراسي، وباعوا أنفسهم، ودينهم ووطنهم من أجلها. سنظل نتفرج على مسرحياتهم تلك إلى أن تتحقق الديمقراطية الحقيقة التي نحلم بها، ولو مع جيل غير جيلنا.