كمال أشكيكة يكتب : عن بنكيران قالت لي والدتي…
كمال أشكيكة
بعيدا عن خدام الدولة، ومخدوميها (بمعنى من يخدمهم خدام الدولة، ليس تلك الخدمة التي فهمتم، وإنما ما تعنيه هذه الكلمة في لهجتنا الدارجة، أي سارقوهم فهم خدام ونحن مخدومين أي أننا نحن المسروقون، وبالتالي فهم سارقوا الدولة)، بعيدا عن كل هذا، سأقتدي بالسيد رئيس الحكومة، الذي إستطاع أن يشرك كل فئات المجتمع في السياسة، واستطاع أن يشد انتباه ملايين المغاربة إلى شاشات التلفاز أثناء مروره بها… لقد رأينا كيف يحكي لنا عن والدته وما تنصحه به، ورأينا أيضا كيف يحكي السيد رئيس المعارضة، (نعم للمعارضة أيضا رئيس، وربما -حسب ما ألاحظه أنا- فرئيس المعارضة هذا يتمتع بصلاحيات أكبر بكثير من صلاحيات رئيس الحكومة). عن والدته بل كيف استطاع أن يقنع مخرج برنامج تلفزي كي يدرج شهادتها في حق إلياسها. كل هذا لا يهمنا، ما يهمنا هو أني سأقتدي بهما، وسأصاب بالعدوى، وأتكلم أنا أيضا عن والدتي. والدتي هي تلك المرأة التي تجهل القراءة والكتابة، والتي لا تعرف في علوم السياسة إلا رمز من ستصوت عليه، إن لم تخرج على الإطار، وتصبح ورقتها لاغية. والدتي لا تعرف ما معنى الإشتراكية، ولا الليبرالية، ولا الشيوعية… كل ما تعرف والدتي هو أن في المغرب قطبين اثنين، إما أن تكون مع بنكيران، أو ضده. كل ما رأتني أشاهد برنامجا تلفزيونيا سياسيا، تسألني ذلك السؤال البسيط، هذا مع بنكيران أم ضده.
والدتي ككثيرات من نساء المغرب، ترى في بنكيران ذلك الرجل التقي، الذي يتكلم بلغة أقرب بكثير لتلك التي تتحدث هي بها، ذلك الرجل الذي حتى وإن كذب، تلمس في لغته الصدق… أمي ومعها العديد من المغربيات، يرون في رئيس الحكومة، نظافة اليد، (نحن لا نزكي أحدا)، لكن هذا ما تراه والدتي. قالت لي ذات يوم والدتي وهي تكلمني عن بنكيران، أتعلم يا بني، أن كثرة الأعداء دليل على النجاح؟
ربما نختلف مع السيد رئيس الحكومة في الكثير من الأشياء، لكن شئنا أم أبينا، فبنكيران استطاع أن ينجح في تقريب السياسة من المواطن، مما سيخلق لمن سيخلفه على رأس الحكومة أزمة تواصل حقيقية. فبمشاهدتك لباقي الفرقاء السياسيين، تلاحظ أنهم كلما حاولوا التقرب من فئات الشعب البسيطة، ازدادوا بعدا، كلما حاولوا التكلم بلغة عامة الشعب، غلبت عليهم لغتهم، وهذا طبيعي، فالطبع يغلب التطبع… حتى وإن اختلفت معه في الكثير من الأشياء، إلا أنه سيبقى هو أول من إستطاع أن يشد والدتي لمشاهدة برنامج حواري سياسي.