لأول مرة بآسفي : محاكمة رمزية للعنف المبني على النوع الاجتماعي
ذ.الکبیر الدادیسی
تحت شعار” من أجل محاكمة عادلة” نظمت جمعية المنتدى المغربي للنساء بشراكة مع هيئة المحامين بآسفي مساء يوم الجمعة 13 يوليوز 2018 بقاعة الجهة بمدينة آسفي لأول مرة بالمدينة “محاكمة رمزية للعنف المبني على النوع الاجتماعي” بحضور حقوقيين وقانونيين من قضاة ، محامين طلبة حقوق ، أطباء ومعالجين نفسانيين وجمهور عريض من الجنسين .
قبل انطلاق المحاكمة تدخلت رئيسة الجمعية ذ.ة بوشرى تونزي لترحب بالشركاء والحضور والنساء اللواتي قبلن تكسير جدار الصمت والبوح بمعاناتهن أمام المحكمة الرمزية وشكر كل المساهمين والمساهمات في إنجاح التجربة، قبل أن تقف على سياق المحاكمة، والظرفية التي جاءت فيها بعد المصادقة على قانون مناهضة العنف ضد النساء وأهميتها في التحسيس والتوعية بخطورة الظاهرة على مكونات المجتمع بأكمله ، بعد ذلك كانت كلمة نقيب المحامين بهيئة أسفي الذي ركز على انفتاح الهيئة على كل الفعاليات والجمعيات لتكريس ثقافة حقوقية تعرف المواطنين والمواطنات بحقوقهم وواجباتهم .
انطلقت المحاكمة التي تشكلت هيئتها من :
• ذ.ة هند الجكني: رئيسة الجلسة
• ذ أسامة لمطاهري: النيابة العامة
• الأستاذ محمد الشقوري :ممثلا للدفاع
• ذ.ة أسماء حميحم : مرافعة باسم الجمعية
• هيئة المحلفين مكونة من:
– المعالج النفساني : عبد القادر زعور
– الطبيب النفساني : عبد الرحيم لوريدي
باسم الحق والعدل أعطيت انطلاقة المحاكمة بدعوة الضحايا (ثلاث نساء) والاستماع لمعاناتهن :
– الشهادة الأولى: بعد أربعين سنة من الزواج وبناء أسرة وتزويج الإبن الوحيد تنقلب حياتها رأسا على عقب بعد أن غدت تتعرض لكل أشكال العنف : الجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والطرد من بيت الزوجية فأصبحت مهددة بالتشرد لولا التضامن والتكافل الأسري .اضطرت في نهاية المطاف أن تعود إلى بيت الزوجية والاشتغال في المنازل وهي في أرذل العمر .
– الشهادة الثانية : مطلقة بخمسة أولاد دون نفقة وتحايل الزوج على القانون بعدما تم الحكم بالحجز على أرض فلاحية وبيعها لقريبته وبالتالي حرمان الزوجة والأبناء من حقهم في النفقة
– الشهادة الثالثة : طالبة جامعية شعبة الحقوق لا تستطيع نسيان التحرش الجنسي الذي كانت تتعرض له من طرف مدرسها بالمدرسة الابتدائية والانعكاسات النفسية والدراسية التي ترتبت عنه وشعورها بالكراهية والحقد اتجاه أفراد المجتمع .
بعد بحث رئيسة المحكمة التفصيل في ثنايا القضايا، تدخلت هيئة المحلفين فركزت مداخلة الطبيب النفساني عبد الرحيم الوريدي لإبراز الآثار النفسية للعنف المسلط على كل ضحية وخاصة ضحايا التحرش الجنسي، وكيفية تخفيف تلك الآثار داعيا إلى اعتماد محاكم الأسرة على ذوي الاختصاص في علم النفس، وهو ما ذهب إليه المعالج النفسي عبد القادر زعور بعد أن بين أن العنف ضد النساء ليس دائما ذكوريا وإنما غالبا ما يكون بتنفيذ أو إيعاز من النساء مستشهدا بالحالات المطروحة أمام هذه المحكمة الرمزية وصعوبة إثبات الإهمال العاطفي والنفسي والعائلي الذي تتعرض له المرأة المعنفة والتأكيد على خطورة التحرش الجنسي خصوصا عندما يكون من طرف المعلم/القدوة فيكون بذلك مدمرا لأن المتحرش به يتجه دائما في علاقته بأفراد المجتمع إلى جنسنة العلاقات الاجتماعية .
أما كلمة الدفاع التي تقدم بها النقيب السابق الأستاذ محمد الشقوري فركزت على الإطار القانوني وضرورة متابعة المذنبين مستعرضا الفصول القانونية التي تتعلق بالحالات مقارنا بين القانون الحالي والقانون الجديد المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء مشددا على مساندته لكل نساء ضحايا العنف
وفي مرافعة الجمعية حاولت ذ.ة أسماء حميحم إبراز خطورة العنف المبني على النوع الاجتماعي لما له من انتهاك لحرمة الأسرة وتهديد لتماسكها وخلخلة دعائم توازنها وانعكاسات ذلك على المجتمع بأكمله :اقتصاديا واجتماعيا وصحيا ونفسيا… ووضحت من خلال الشهادات التي تعرضت فيها النساء لكل أشكال العنف : ضعف الآليات الحمائية والوقائية وغياب البنيات الاقتصادية والاجتماعية لاستقبال ضحايا العنف وإفلات المعنفين من العقاب وتبرير العنف خصوصا إذا كان بين الزوجين وكذا اعتماد المقاربة القانونية الصرفة …مع الـتأكيد على أن المحاكمة العادلة لن تتحقق إلا باستحضار الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والنفسية والقانونية التي تهدف ضمان الحقوق الأساسية للنساء
بعد مرافعة النيابة العامة التي تقدم بها ذ. أسامة المطاهري خلص فيها بعد إبراز حيثيات كل حالة إلى ضرورة متابعة المذنبين، وتشديد العقاب مذكرا بالبنود القانونية المترتبة عن الأفعال المنسوبة للأضناء. أصدرت المحكمة الرمزية للعنف حكمها القاضي – بعد الاستماع لكل الأطراف وبعد ما قدم للمحكمة من أدلة – حكمت المحكمة الرمزية حضوريا بإدانة العنف بكل أشكاله الجسدي ، الاقتصادي ، الاجتماعي والنفسي… والتوصية بعدم إفلات الجناة من العقاب .
وقبل رفع الجلسة تم تقديم التوصيات التالية:
– تفعيل دور القضاء الاستعجالي في قضايا الأسرة خاصة في موضوع النفقة.
– تكفل القضاء بالحجز على أموال المتملصين من دفع النفقة.
– ضمان حق الكد و السعاية بشكل مباشر من طرف القضاء و تقاسم الممتلكات المحققة خلال فترة الزواج.
– خلق مراكز لإيواء ضحايا العنف من النساء .
– ضرورة استعانة القضاء بالأخصائيين النفسانيين والاجتماعيين في إصدار الأحكام.
– تفعيل دور وساطة الجمعيات الفاعلة للتحسيس و التوعية بخطورة العنف المبني على النوع الاجتماعي خاصة في أوساط الشباب المقبل على الزواج.