لاس بالماس -القطاع السياحي يفقد كل أماله في الإنتعاش و يتراجع ب 99في المائة
لاس بالماس – يعيش القطاع السياحي في جزر الكناري كابوسا حقيقيا إذ بالكاد بعد أن خرج من وضعية جد معقدة جراء حالة الطوارئ الصحية التي شلت مختلف الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية في إسبانيا كلها لمدة ثلاثة أشهر بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد أصبح الأرخبيل يعيش وضعا متأزما بسبب الأزمة السياحية التي عصفت بكل الآمال التي عقدها المسؤولون على هذا القطاع لإنقاذ ما تبقى من الموسم الحالي.
لقد فقدت جزر الكناري منذ بداية العام الحالي ثلاثة ملايين سائح بعد تعليق الرحلات الجوية وشل النشاط الاقتصادي بين شهري مارس ويونيو . وراهن المهنيون والفاعلون في القطاع على استعادة بعض ما ضاع بعد إعادة فتح الأجواء الأوربية منتصف شهر يوليوز الماضي خاصة مع تحسن الوضع الوبائي وانحسار انتشار العدوى ما فتح بارقة أمل في معاودة الانتعاشة إلى الأرخبيل المعروف باستقطابه لملايين السياح الأجانب الذين يفدون على مدار العام نحو الوجهات السياحية المشهورة التي يزخر بها .
لكن مع ظهور بؤر نشيطة لفيروس ( كوفيد ـ 19 ) ومعاودة الارتفاع الكبير المسجل على مستوى عدد حالات الإصابة المؤكدة بالوباء مع بداية شهر غشت خاصة بلاس بالماس العاصمة انقلبت كل المعطيات وأقبرت التطلعات التي كانت تمني النفس بعودة النشاط إلى القطاع السياحي الذي يشكل رافعة أساسية ومحورية في اقتصاد الجزر.
وسجل الأرخبيل خلال هذه الفترة قرابة 6809 حالة إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا المستجد في 4021 بؤرة نشيطة بمعدل 300 حالة إصابة جديدة يوميا وهو ما يمثل الضعف تقريبا مقارنة بعدد حالات الإصابة التي تم الإعلان عنها ما بين شهري مارس وأبريل الماضيين.
ودفع تدهور الوضع الوبائي بالأرخبيل المهنيين والفاعلين في القطاع السياحي إلى التعبير عن تشاؤمهم خاصة مع خشيتهم من احتمال إلغاء الرحلات الجوية القادمة من ألمانيا وهو الإجراء الذي أقدمت عليه بالفعل بريطانيا التي تعد السوق الرئيسية الموجهة للسياح نحو جزر الكناري بما مجموعه 5 ملايين سائح من أصل 13 مليون سائح أجنبي زاروا الأرخبيل في عام 2019.
وعلى الرغم من الرسائل المطمئنة التي ما فتئت تصدر عن الجهات المختصة إلا أن قطاع السياحة الذي يمثل نسبة 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بجزر الكناري يعاني من وطأة تداعيات وضع غير مسبوق حيث تسببت الأزمة الصحية التي نتجت عن تفشي الوباء في فقدان أزيد من 87 ر 3 مليون سائح أجنبي وبالتالي ضياع 4 مليار و 794 مليون أورو كعائدات مالية يوفرها القطاع خلال النصف الأول من السنة الجارية.
وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء وكذا المعطيات الخاصة بالحركة السياحية والرحلات الجوية إلى أن جزر الكناري تبقى من بين أكثر الجهات في إسبانيا تضررا من تراجع القطاع السياحي بعد رفع حالة الطوارئ الصحية حيث لم يتجاوز عدد السياح الأجانب الذين وفدوا إلى الأرخبيل خلال شهر يونيو الماضي 2201 سائحا وهو ما يمثل انخفاضا كبيرا قدرت نسبته ب 8 ر 99 في المائة مقارنة بنفس الشهر من عام 2019 الذي سجل زيارة 931 ألف و 782 سائحا.
كما أنهت جزر الكناري النصف الأول من العام الجاري بوصول 73 ر 2 مليون سائح أجنبي إلى مختلف الوجهات السياحية المشهورة بالأرخبيل وهو رقم يظل بعيدا عن 60 ر 6 مليون سائح الذين استقبلهم ما بين شهري يناير ويونيو من عام 2019 وهو ما يمثل تراجعا بلغت نسبته 87 ر 3 مليون سائح على مدى ستة أشهر ( ناقص 6 ر 58 في المائة ).
وبالنسبة لعائدات القطاع السياحي فقد ترك 2201 سائحا أجنبيا زارو جزر الكناري في شهر يونيو ما قيمته 7 ر 2 مليون أورو وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 76 ر 99 في المائة مقارنة ب 1137 مليون أورو في العائدات التي سجلها القطاع خلال نفس الشهر من عام 2019 .
وعلى الرغم من هذه الانتكاسة الكبيرة التي يعيشها القطاع السياحي بجزر الكناري فإن الحكومة المحلية بهذه الجهة لم تفقد الأمل بعد وهي تمني النفس بمعاودة الانتعاشة وتصحيح الوضع وترى أن الخطوة الأولى في تحقيق هذا الهدف تتمثل في محاصرة والسيطرة على انتشار عدوى فيروس ( كوفيد ـ 19 ).
فحسب ييزا كاستييا المستشارة ( الوزيرة ) في الحكومة المحلية لجهة جزر الكناري المكلفة بالقطاع السياحي فإن ” الفترة ما بين شهري شتنبر وأكتوبر ستكون جد حرجة بالنسبة للقطاع السياحي لكن كل شيء يمكن أن يتغير إذا تمكنا من احتواء انتشار العدوى ومحاصرة تمدد تفشي الوباء وبالتالي السيطرة على الوضع الوبائي في الأرخبيل “.
وفي تحليلها للوضع الوبائي بعد معاودة الارتفاع في عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس على مستوى جزر الكناري تؤكد ييزا كاستييا أن ” الشركات الجوية تتكيف بسرعة مع مثل هذه الحالات والأوضاع لكنها لا تبرمج مواعيد لرحلاتها التي تشتغل في ظل الوضع الحالي بنصف طاقتها الاستيعابية ” مشيرة إلى أنه ” في حالة تقلص حالات الإصابة بالوباء وانخفاض معدل انتشار العدوى سيرغب السياح في القدوم إلى الأرخبيل وبالتالي ستقوم شركات الطيران ببرمجة المزيد من الرحلات الجوية.
وقالت ” من خلال دعم وتعزيز الاستراتيجيات واحترام التدابير والإجراءات الاحترازية والوقائية مع فرض إجراء الاختبارات ( بي سي إر ) يمكن أن تأتي البيانات ابتداء من شهر نونبر المقبل إيجابية ومفعمة بالأمل “.
وتسعى الحكومة المحلية لجزر الكناري التي تدرك أن تحقيق الانتعاشة للقطاع السياحي لن تحدث بين عشية وضحاها إلى إنقاذ السياحة التي تعد ركيزة أساسية في النسيج الاقتصادي للأرخبيل عبر مقاربات متعددة تتضمن تدابير وإجراءات تصب جميعها في دعم القطاع ومساعدته على تجاوز هذه الكبوة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا المستجد.الاثنين 31/08/2020 – 14:00