لبنانيون وعراقيون بارونات ليل مراكش
الكاتب:
مصطفى صفر
لم تعد الكاباريهات والملاهي الليلية بمراكش، تسير فقط من قبل مغاربة أو أوربيين، كما كان من قبل. بل تحولت فضاءات الترفيه الليلي إلى مجال جديد ل”توحيد الأمة العربية”، يسيرها لبنايون وعراقيون، على شاكلة ملاهي الشرق، بل حتى مغنو “الكاباريهات”، فنانون مشارقة من الجنسية نفسها، لم يطربوا أحياءهم، فانتقلوا إلى المغرب بحثا عن طرب تجاري يدر عليهم ما افتقدوه في بلدانهم الأصلية.
برودة الطقس بعد منتصف الليل، لا تترجمها حركة السير التي بعد أن خفت، استأنفت إيقاعها، لتمتلئ الشوارع الرئيسية والمدارات بناقلات فارهة لا ترى نهارا، وحدها سيارات الأجرة ذات اللون “الكاكي”، تزاحم المتوجهين نحو فضاءات الترفيه الليلي.
مع دنو الساعة الواحدة بالحي الشتوي، تكتظ جنبات المؤسسات السياحية والمطاعم التي تقدم خدماتها بعد منتصف الليل. حراس السيارات بأزيائهم المميزة يشرون إلى سيارات لتزاحم أخرى أثناء الركن، بل يطلبون مفاتيح من بعض الزبائن المميزين، ليركنوا سياراتهم فوق الطوار أو على الصف الثاني.
السياح العرب يقلبون المقاييس
القضية التي فجرت قبل أسابيع حول احتكار ملهى ليلي من قبل السياح العرب، ومنع المغاربة من ولوجه، مازالت تسيطر على ليل مراكش، والمسيرون يتفقدون في كل لحظة هواتفهم المحمولة، التي لا تسمع بسبب صخب الموسيقى، اقتفاء لأخبار تحركات الشرطة المتخصصة واستهدافها محلات بسبب تجاوز القوانين المنظمة أو خرق مواقيت العمل وغيرها من المخالفات التي قد تهدد الملاهي والكاباريهات بالإغلاق المؤقت.
لم يعد المغاربة أسياد ليل مراكش، وبدا أن أدوارهم الليلية في التسيير، أنيطت بالنيابة إلى أشخاص آخرين من جنسيات مختلفة، أهمها لبنان والعراق.
وانعكس تسيير الأجانب العرب للملاهي المراكشية، على ارتفاع عدد زبائن “النشاط” الليلي، ففي كباريه يحمل اسما مقتبسا من حقل الورود والأزهار، نسبة المغاربة ضئيلة جدا، والأغلبية الساحقة من الموجودين فيه، مغربيات جميلات رشيقات، يرتدين ملابس تزيدهن فتنة.
تحدثت مصادر “الصباح” عن تحول في تنظيم ليالي السهر والأنس بالمدينة الحمراء، وأصبح الأمر يتعلق بشبكات متعددة الاختصاصات، تعتمد بالأساس على “ريبيرتوار” المسير، ومن ضمنه شبكة العلاقات التي يتوفر عليها على صعيد العالم العربي، سيما الخليجييين، الذين يتم استقطابهم للحلول بمراكش، والتمتع بالأجواء السياحية التي يبحثون عنها، إذ أن هؤلاء لا تستهويهم، حسب المتحدث نفسه، تضاريس البلدان وعاداتها ومناظرها الخلابة التي تشاهد نهارا، سواء في الجبال أو السهول، بل هذه النوعية من السياح، تقضي عطلتها مستمتعة ليلا، فيما النهار يخصص لاستعادة الحيوية والطاقة، لليلة المقبلة.
فتيات بمواصفات خاصة
جذب الزبائن وضمان عودتهم، يتوقف على مجموعة من المبادئ التي تعمل عليها أماكن الاستقبال الليلي، ويشتد التنافس بين مسيري الملاهي و”الكباريهات”، حول نوعية الجنس اللطيف المقدم في “الوجبات الليلية”، فشروط الجمال والأناقة وغيرها من مواصفات الإغراء، عامل محوري لضمان التنافسية، وضمان بقاء الزبائن مدة أطول مع ما يستتبع ذلك من إنفاق متواصل.
معدل عمر الفتيات في ملهى ليلي يوجد بمنطقة النخيل، لا يتجاوز 23 سنة، فغالبية الفتيات لهن من السن نفسه، بل منهن من يبدين وكأنهن قاصرات.
ابتسامات عريضة يوزعها المسير ذو الجنسية المشرقية، عربونا منه عن رضى وقبول، وتشجيعا لزبوناته اللائي يتفرقن بين موائد الملهى، مثنى مثنى أو ثلاث على الأكثر، ويتوزعن بشكل جغرافي يظهر المحل مملوءا بالحسناوات.
التوقيت مهم بالنسبة إلى الفتيات، إذ عليهن الحلول قبيل افتتاح السهرة الليلية والتوزع بنظام داخل الفضاء الذي اختيرت له أضواء ملونة وخافتة، أما الزبناء، فيتقاطرون بعد ذلك بدءا من مرور نصف ساعة على منتصف الليل.
“فيدورات” بمهام خاصة
يشبهون أبطال حمل الأثقال ويميزهم اللون الأسود للبذلة الرسمية التي يرتدونها، لا تطأ أقدامهم داخل الملهى حيث الزبائن والفتيات، بل هذا الفضاء مخصص بدوره لأناس آخرين غالبيتهم فتيات، يقمن بإسداء الخدمات وسكب المشروبات وتنظيف الموائد وغير ذلك من المهام، حتى هذه العينة من الخدم يتم انتقاؤها بعناية فائقة إرضاء لرغبات الوافدين.
دور “الفيدور”، أو الحارس، لم يعد يقتصر على فك الاشتباكات وإخراج الفضوليين أو السكارى الذين بلغوا حد الثمل، فهذه الأمور أصبحت متجاوزة، وقليلة الحدوث في هذه الفضاءات غالية الثمن.
“فيدورات” الملهى دورهم الأساسي منع الفتيات غير الجميلات أو المشبوهات من الولوج إلى الملهى، فما إن تصل الفتيات إلى البوابة، حتى يخضعن لتفتيش حقائبهن، ويتبادلن حديثا هامسا تتخلله قهقهات، قبل انصرافهن إلى الداخل.
دور “الفيدورات” ينصرف أيضا إلى الهندام الذي ترتديه الوافدة، والذي ينبغي أن يكون منسجما مع الدور الذي ستلعبه داخل الملهى.
“الفيدورات”، لا يتقاضون راتبا من المسير فقط، بل في كل ليلة يأخذون من الوافدات ما يشبه إتاوات مفروضة عليهن، سواء انتهت الليلة بزبون يدفع أكثر، أو اقتصرت على السهر والمؤانسة فقط.
الصباح