مراكش- “السياسة الخارجية المغربية والتحولات الإقليمية والدولية الراهنة” ..محورندوة وطنية (عن بعد)
و م ع مراكش –
نظم مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض، أمس الأربعاء، ندوة وطنية (عن بعد)، تمحورت حول السياسة الخارجية المغربية والتحولات الإقليمية والدولية الراهنة، بمشاركة عدد من الباحثين من مختلف الجامعات المغربية.
وتوزعت أشغال هذه الندوة بين جلسة افتتاحية تدخل خلالها عميد كلية الحقوق الأستاذ السيد عبد الكريم الطالب الذي أكد أن المغرب استطاع بفضل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أن يتبوأ مكانة إقليمية ودولية متميزة.
وأضاف أن المغرب استطاع أن ينال احترام المجتمع الدولي بفضل سياسته الخارجية المتوازنة والمبنية على الدفاع عن القضايا والمصالح الوطنية، وعلى نهج التعاون والتضامن، والمساهمة في حل النزاعات وتحقيق السلم والأمن الدوليين، انسجاما مع مقتضيات الدستور الذي يؤكد في ديباجته على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم، وتعزيز علاقات التعاون في الدوائر العربية والإسلامية والإفريقية والدولية.
وأشار إلى أن الدبلوماسية المغربية أبانت عن حنكة عالية في التعامل مع مجموعة من المحطات الصعبة التي واجهت بلادنا خلال السنوات الأخيرة.
أما الأستاذ إدريس لكريني مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات، فتوقف عند المتغيرات التي شهدها العالم من حيث تبدل الأولويات وتنامي المخاطر العابرة للحدود، وكذا التحولات التي مست أركان النظام الدولي مع صعود عدد من القوى الدولية الكبرى، وحدوث تغير على مستوى موازين القوى الدولية والإقليمية.
وأبرز أن المغرب “سعى إلى تكييف سياسته الخارجية مع هذه المتغيرات، مع الحرص على استحضار ثوابت ومحددات هذه السياسة، حيث تمكن في السنوات الأخيرة من خوض مجموعة من المحطات الضاغطة، التي واجهت مصالح المغرب الحيوية، ما مثل مناسبة للوقوف على الملامح الجديدة التي باتت تطبع هذه السياسة في عالم متحول”.
وتوزعت الجلسة العلمية، التي أدارها أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض وعضو المختبر لحسن الحسناوي، على مجموعة من المداخلات، أجمعت كلها على أن النظام الدولي والإقليمي الذين تتفاعل فيهما السياسة الخارجية المغربية، عرفا مجموعة من التغيرات خلال العقود الأخيرة.
وفي هذا الصدد، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس سعيد الصديقي، من خلال مداخلته التي ناقش فيها “السياسة الخارجية المغربية بين النظام الدولي والإقليمي .. القيود والفرص”، أن التغيرات الطارئة في النظام الدولي أعطت مجموعة من الفرص للمغرب لتطوير سياسته الخارجية وتنويع شركائه على المستوى الدولي.
وأوضح أن “البيئة الإقليمية المحيطة بالمغرب، التي يمكن تقسيمها إلى نظامين إقليميين فرعيين، وهما النظام الإقليمي المغاربي والنظام الإقليمي لغرب المتوسط، لازالت تحد من هذه الفرص (…) لذلك وحتى يستفيد المغرب من الفرص التي أنتجتها تغيرات النظام الدولي فهو مطالب بإيجاد حلول للمشاكل التي تعرفها بيئته الإقليمية، رغم أنها تظهر مستعصية على الحل أو على الأقل الحفاظ على الوضع القائم”.
من جانبه، أوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش محمد نشطاوي، من خلال مداخلته “الجوار الحذر، قراءة في طبيعة العلاقات المغربية-الاسبانية”، كون “العلاقات المغربية الاسبانية تتراوح بين الانفراج تارة والأزمات والتوتر تارة أخرى، وهي قضايا يجب أن يشكل الطرفان خلايا لفتح نقاش عميق بينهم لإيجاد حلول لهما تحقق مصالح الجميع”.
وأبرز أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، عبد الفتاح بلعمشي، في مداخلته الموسومة بـ”السياسة الخارجية زمن التوتر .. التوفيق بين التوازنات الدولية والمصلحة الوطنية”، التطورات التي عرفتها قضية الوحدة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، لاسيما على مستوى تقارير مجلس الأمن، والتي أصبحت تتماشى مع التوجهات المغربية المطالبة بإيجاد حل سياسي توافقي لقضية الصحراء.
وأشار إلى أن المغرب حقق، مؤخرا، انتصارات قانونية، إذ أن إعلان “البوليساريو” انسحابها من اتفاقيات وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين يجعلها خارج المسار الأممي. كما أن هناك وضعا جيوسراتيجيا جديدا بدأ يتشكل في المنطقة تحركه قوى دولية تعتبر نفسها غير مستفيدة من الترتيبات القديمة بالمنطقة، وهو ما يفرض على المغرب التعاطي والتأقلم معه للدفاع عن مصالحه.
أما محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، فقد أبرز في مداخلته حول “السياسة الخارجية المغربية تجاه دول الجوار .. قراءة في المحددات والتحولات”، أن السياسة الخارجية المغربية شهدت تحولا استراتيجيا بعد سنة 2016 انطلاقا من ثلاث مرتكزات أساسية، استقلالية وسيادة القرار المغربي، وتنويع الشركاء على المستوى الدولي، الواقعية والبرغماتية في التعاطي مع التطورات الدولية.
وسجل أن المغرب قام بعقد شراكات اقتصادية مع العديد من القوى الدولية الصاعدة، كالصين وروسيا، أو من خلال عدم التسامح مع بعض الدول المعادية للوحدة الترابية.
من جانبه، أبرز الحسين الشكراني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، من خلال مداخلته حول “دبلوماسية المناخ في السياسة الخارجية .. توازن القوة بين الولايات المتحدة والصين الشعبية”، أن قضية التغيرات المناخية أصبحت من الانشغالات الأساسية للمنتظم الدولي، لكونها أصبحت تشكل تهديدا للسلم والأمن الدولي.