مسؤولون من الدرك والأمن الوطني ضمن شبكة للإتجار الدولي في المخدرات
ذكرت جريدة الأخبار أن محاكمة شبكة الاتجار الدولي في المخدرات، التي يتابع فيها مسؤولون كبار في جهاز الأمن الوطني وموظفون بالجمارك والداخلية، بلغت أطوارها الحاسمة. فقد أجرت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف قسم جرائم الأموال بالرباط، زوال أول أمس (الاثنين)، مواجهات ساخنة بين المتهم الرئيسي في هذا الملف ومتهمين آخرين.
وللمرة الثانية يتسلح المتهم (م. ب)، الذي يعتبر قطب الرحى في هذه القضية، وتطرحه معطياتها بارونا كبيرا في مجال التهريب الدولي للمخدرات، بلازمة الإنكار لكل التهم الموجهة إليه، غير آبه بأسئلة القاضي وهو يذكره بسوابقه القضائية وعملياته المتعددة المرتبطة بتهريب أطنان من المخدرات وعلاقاته المشبوهة مع كبار المسؤولين الأمنيين والجمركيين وضباط الدرك الملكي الذين جرهم لمؤانسته بسجن العرجات ضواحي سلا، ناهيك عن مكالماته الهاتفية وتسجيلات صوتية تم التقاطها من طرف عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية.
هذا وأكد المتهم، الذي أصر على إنكار التهم الغليظة التي تلاحقه، أنه كان رجل أعمال وصاحب استثمارات مهمة في مجال العقار والنقل البري والبحري خولت له إمكانية ربط علاقات وصفها بالعادية مع بعض مسؤولي الأمن والدرك والجمارك، وحتى مع بعض رجال الأعمال الذين لم يكن يعلم مسبقا بتعاطيهم للمخدرات، من قبيل المدعو (م.إ) و(ر. ت)، بعيدا عن الاتهامات التي تتحدث عن علاقات مشبوهة مع هؤلاء المسؤولين قائمة على الارتشاء والتواطؤ من أجل التغاضي عن جرائم التهريب والتجارة الممنوعة.
وخلال جلسة أول أمس (الاثنين)، فجرت الهيئة القضائية حقائق مثيرة بسطتها أمام المتهم وطالبته بتوضيحها وتعليل المشبوه منها، والذي حبس أنفاسه وجعله مرتبكا في كثير من الأحيان، قوة الحجج التي حاصرته بها الهيئة بناء على مخرجات البحث القضائي الذي خضع له المتهم لدى قاضي التحقيق، ودفعته للتنازل عن الكثير من اليقينيات التي تظاهر بها في البداية، حيث أقر بتعرفه وتعامله مع بعض الكولونيلات المعتقلين على ذمة التحقيق بسجن العرجات، وعلى رأسهم القائد الجهوي للدرك بأكادير، وقائد سرية إنزكان والقائد الجهوي للدرك بسطات ورئيس أمن إنزكان، والقائد الجهوي للدرك بالبيضاء، إلى جانب جمركيين ومسؤولين آخرين كلهم جرى اعتقالهم في هذا الملف بعد صك اتهامات خطيرة لهم يجري البحث فيها حاليا.
وذكر رئيس الجلسة المتهم بعلاقته مع كولونيل في الدرك وتوسط الأخير له في إحدى القضايا مقابل تسلم مبلغ 28 مليون سنتيم عبر مرؤوس له يدعى حسن. كما سألته الهيئة عن علاقته برئيس أمن إحدى المناطق الأمنية بسوس وقائد سرية بالمنطقة نفسها، والذي ظل بفضل أوامره يتحرك هو وأتباعه أحرارا رغم مذكرات البحث المحررة وطنيا ومحليا في حقهم.
واستفسر القاضي المتهم عن علاقته بكولونيل في الدرك بمنطقة البيضاء، وحصر هذه العلاقة في معاملة تجارية عادية همت اقتناء سيارة من زوجة المسؤول الدركي لصالح زوجته، بمبلغ لم يتذكر قيمته، قبل أن يذكره القاضي بأنه ناهز 40 مليون سنتيم، كما سأله رئيس الهيئة عن علاقته بكولونيل آخر، وطبيعة هذه العلاقة، فأكد أنه تعرف عليه خلال جلسة مع القائد الجهوي السابق لجهوية سطات، الذي يجاوره بالعمارة نفسها بحي أكدال، دون أن يكشف عن دواعي امتداد هذه العلاقة في الزمن إلى حدود اعتقاله، وطبيعتها.
كما سأل القاضي المتهم عن علاقته بمتهم آخر تكرر اسمه باستمرار منذ انطلاق الجلسات ولدى قاضي التحقيق، يدعى (م. ا) حيث اعترف بعلاقته معه في حدود معاملات تجارية عادية بحكم اشتغالهما في مجالات النقل الدولي والتصدير والاستيراد، نافيا معرفته بالمطلق للمدعو (ر.ت) الرقم التطواني البارز في مجال الاتجار الدولي في المخدرات، والذي تمت ملاحقته لسنوات من طرف «الأنتربول» .
وكشفت جلسة، أول أمس، حقائق خطيرة على لسان الهيئة القضائية، وهي تواجه موظفا بالحمارك بموضوع حيازته لمبلغ قارب مليارا ونصف المليار بحسابه البنكي، وهو لا يتقاضى أكثر من 4 آلاف درهم شهريا، معززة بتعويضات جزافية لا تصل إلى 10000 درهم كل شهرين. وبرر المتهم الشاب، الذي كان مسؤولا عن جهاز المسح الضوئي بمصالح الجمارك بمنطقة الشمال، امتلاكه للمبلغ المالي الضخم بمزاولته لأنشطة عقارية تدر عليه دخلا محترما جعله يراكم الأموال التي ضبطت بحسابه البنكي، فضلا عن الأجر الذي يتحصل عليه من وظيفته، قبل أن يواجهه القاضي بمعطيات مخالفة لتصريحه، حيث ذكره بمبلغ الإتاوة التي يتقاضاها عن كل عملية يقوم بها لصالح بارونات وشبكات المخدرات، إذ كانت تقدر بعشرين مليون سنتيم، وإقامته الدائمة بشقة مملوكة لمتهم في قضية مخدرات.