مستشفى مراكش , المستشفى النورى بدمشق,و المستشفى العضدى ببغداد نماذج من المستشفيات الإسلامية
الكاتب:
بهاء أبو شقة
إذا أردنا أن نستعرض بعضًا من المستشفيات الرائدة فى التاريخ الإسلامى، فكان من أعظمها: المستشفى العضدى، وقد أنشأه عضد الدولة بن بويه عام (371هـ 891/م) فى بغداد، وكان يقوم بالعلاج فيه عند انشائه أربعة وعشرون طبيبًا، تزايدوا بعد ذلك، كما كان يضم مكتبة علمية ضخمة، وصيدلية، ومطابع، وكان يخدم فيه عدد ضخم من الموظفين والفراشين، وكان الأطباء يتناوبون علي خدمة المرضى؛ بحيث يكون هناك أطباء بالمستشفى أربعًا وعشرين ساعة يوميًا.
ومن، المستشفيات الإسلامية العظمى أيضًا: المستشفى النورى الكبير بدمشق، والذى أنشأه السلطان العادل نورالدين محمود، فى سنة (549هـ/1154م)، وكان من أجل المستشفيات وأعظمها، واستمرَّ فى العمل فترة طويلة جدًا من الزمان؛ حيث بقى يستقبل المرضى حتى سنة (1317هـ/1899م) أى قرابة ثمانمائة سنة. وكذلك من أعظم المستشفيات فى تاريخ الإسلام: المستشفى المنصورى الكبير، الذى أنشأه الملك المنصور سيف الدين قلاوون فى القاهرة، سنة (549هـ/2254م)، وكان آية من آيات الدنيا فى الدقة والنظام والنظافة، وكان من الضخامة، حيث إنه كان يُعَالجُ فى اليوم الواحد أكثر من أربعة آلاف مريض.
ولا ننسى فى هذا المضمار مستشفى مراكش، والذى أنشأة المنصور أبويوسف يعقوب، ملك دولة الموحدين بالمغرب، والذى حكم من سنة (580هـ/1184م) إلى سنة (595هـ/1199م)، وكان بناء هذا المستشفى آية الإتقان والروعة؛ فقد غُرست فيه جميع أنواع الأشجار والزروع، بل كانت فى داخله أربع بحيرات صناعية صغيرة، وكان علي مستوى عالٍ جدًا من حيث الإمكانات الطبية، والأدوية الحديثة، والأطباء المهرة، لقد كان ـ بحقٍّ ـ دُرَّة فى جبين الحضارة الإسلامية.
وليس هذا فقط، بل كانت هناك المستشفيات المتخصِّصة، التى لا تُعَالِجُ إلاَّ نوعاً مُعَيَّنًا من الأمراض: كمستشفيات العيون، ومستشفيات الجذام، ومستشفيات الأمراض العقلية، وغير ذلك.
وأعجب منه وأغرب أنه كانت توجد فى بعض المدن الإسلامية الكبرى أحياء طبية متكاملة؛ فقد حدَّث ابن جبير فى رحلته التي قام بها فى سنة (580هـ/1184م) تقريبًا، أنه رأى فى بغداد- عاصمة الخلافة العباسية- حيًا كاملاً من أحيائها يشبه المدينَة الصغيرة، يتوسَّطه قصر فخم جميل، تحيط به الحدائق والبيوت المتعدِّدَة، وكان كل ذلك وَقْفًا علي المرضى، وكان يؤُمُّه الأطباء من مختَلفِ التخصصات، فضلاً عن الصيادلة وطلبة الطب، وكانت النفقة جارية عليهم من الدولة ومن الأوقاف التي يجعلها الأغنياء من الأُمَّة لعلاج الفقراء وغيرهم.
وللحديث بقية