مشاورات دولية رفيعة المستوى في اليابان حول إعلان مراكش التاريخي
نظم تحالف الأمم المتحدة للحضارات بالتعاون مع منظمة أديان من أجل السلام في العاصمة اليابانية طوكيو، يومي 12-13 ماي الجاري مشاورات رفيعة المستوى بعنوان “الشراكة مع قادة الأديان في الشرق الأوسط للنهوض بحماية الأقليات في الدول ذات الأغلبية المسلمة انطلاقا من إعلان مراكش”، وذلك بمشاركة نحو ستين رجل دين من مختلفي الديانات.
وقد شارك في هذه المشاورات وفد رفيع المستوى من علماء المسلمين وقادتهم الدينيين، من بينهم معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في أبوظبي والدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومعالي الدكتور عبد الله معتوق المعتوق مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وآية الله أحمد مبلغي عميد جامعة العلوم الإسلامية بطهران، والشيخ حمزة يوسف هانسون رئيس كلية الزيتونة في كاليفورنيا وشخصيات اخرى
تهدف هذه المشاورات والتي تأتي في سياق الفعاليات الممهدة لقمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7 المزمع عقده آخر الشهر الجاري، إلى دعم وتأييد مخرجات مؤتمر مراكش لحماية الأقليات الذي عقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس ملك المغرب وبإشراف معالي الشيخ بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وقد صدر عنه إعلان مراكش التاريخي لحماية الأقليات الدينية في العالم الإسلام.
وقد حظي إعلان مراكش الذي يعتبر تجديدا وتفعيلا معاصرا لوثيقة المدينة المنورة، بإشادة وتنويه العديد من صناع القرار والفاعلين في مجال الحوار بين الأديان ومنظمات حقوق الإنسان، باعتباره وثيقة عالمية، تحتضن القيم الدينية والأخلاقية المدعمة لمبادئ السلام والوئام ويؤصل للمواطنة التعاقدية.
وجاء في كلمة معالي الشيخ عبد الله بن بيه خلال الجلسة الافتتاحية أن روح الأخوة في الإنسانية وفي حب السلام والدعوة إلى الخير، هي التي جمعت هذه النخبة من القادة الدينيين، الذين لا ييأسون من غريزة الخير في الإنسان، انطلاقا من إيمان غير المنحرف الذي يدعوهم إلى الخير،مشبها التديُّن بالطاقة الذي يمكن أن تستعمل في الخير فتنبت بها الحدائق الغناء والمروج الخضراء، فإذا انحرفت استعملت للشر وعملت بها القنابل النووية للتدمير والتي سبق أن كانت اليابان شاهدة على فادحة ضررها.
وقال الشيخ بن بيه إن إعلان مراكش تأسس على صعيد لا يعترف بالفروق المزيفة،وقد مثل مبادرة إسلامية للبحث عن علاج لداء التأويلات الهدامة من صيدلية الإسلام نفسها، ومن مرجعية ديننا الحنيف، حيث أجمع جميع الحضور من العلماء والمفكرين والباحثين على أهمية هذا المسعى الذي يهدف إلى التأصيل من خلال النصوص والكليات الشرعية للإمكانية المجتمع المتعدد الذي ينعم فيه الجميع مسلمين وغير مسلمين على اختلاف عقائدهم وأعراقهم وفئاتهم بسائر حقوقهم في إطار مواطنة كاملة وغير منقوصة.
من جانبه نوّه سعادة الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بكون إعلان مراكش تناول بالتحليل والتفعيل نموذجا حضاريا أصيلا يتمثل في وثيقة المدينة المنورة مؤكدا على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تجسد الصورة المعاصرة لهذا النموذج حيث تقوم على قيم المحبة والاعتدال والتعايش وضمان حرية التدين للجميع وهو ما أكد عليه التأسيس لثقافة تشريعية تحارب التطرف تتنشر المحبة والتسامح من خلال التشريع لقانون مكافحة التمييز والكراهية.
وختم مداخلته بتقديم بعض المقترحات العملية لتفعيل إعلان مراكش من بينها: رصد الأبحاث والدراسات التي قامت بتأصيل مبدأ المواطنة التعاقدية وتزويد المؤسسات بهذه البحور والدراسات ومخاطبة الدول لإصدار التشريعات التي تحقق مبدأ المواطنة على غرار الخطوة الريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، إطلاق مبادرات مشتركة لتعزيز التعايش المشترك.
وقد أشاد الحضور من غير المسلمين بأهمية إعلان مراكش واعتبروه خطوة عملية في سبيل بناء مجتمعات يسود فيها الوئام والإخاء وروح العدالة، والتزموا بدورهم بالاضطلاع في طوائفهم بنشر مضامين الإعلان ومراميه.