من وزان إلى الصويرة.. أسرار رحلة حج اليهود بالمغرب
قبل أسبوع، تدفق الآلاف من اليهود على المغرب للاحتفال بموسم “الهيلولة”، وهو احتفال ديني يهودي مغربي تنطلق طقوسه، كل سنة، وعلى مدى أسبوع كامل، من مدينة وزان، شمال المغرب، مرورا ببني ملال، وسط البلاد، وتنتهي بالصويرة، في الجنوب.
هذه السنة، حج إلى المغرب أزيد من 2000 مغربي من الجالية اليهودية المقيمة في مختلف بلدان العالم، للتبرك بأضرحة الحاخامات والرِّبيين اليهود وأوليائهم المقدسين، ولإحياء صلة الرحم مع الطائفة اليهودية بالمغرب.
بدأ الحج يوم الأربعاء الماضي من ضريح الربي عمران بن ديوان في مدينة وزان، حيث اجتمع اليهود المغاربة مع يهود من مختلف أنحاء العالم، قبل أن يشدوا الرحال إلى قرية آيت بيوض بمدينة الصويرة، للاحتفال بهيلولة الولي “ربي نسيم بن نسيم”.
حج سنوي
عضو الطائفة اليهودية بالمغرب وأحد القائمين على تنظيم هذه الاحتفالات، ألبير الملاح، أوضح أن هيلولة ماي تعتبر حجا سنويا يقيمه اليهود من مختلف بقاع العالم، لما له من شأن ديني كبير في الديانة اليهودية، مؤكدا أن “هجرة اليهود المغاربة من المغرب لا تعني القطيعة أبدا مع أصولهم، فالمغرب يبقى بلدهم الأصلي وأرض الأولياء الصالحين”.
وقال الملاح، في تصريح لـ “أصوات مغاربية”: “هذه الاحتفالات الدينية في مختلف المدن المغربية التي تحتضن أضرحة أوليائنا، تسمح لنا و لأبنائنا بإحياء صلة الرحم، واستعادة ذكرياتنا في بلدنا الأم”.
“هناك يهود مغاربة غادروا المغرب منذ عقود، لكنهم ملتزمون بزيارة المغرب في مثل هذه المنافسات الدينية.”، يردف الملاح.
شمعة في المزاد
من بين الطقوس المقدسة التي تميز احتفالات هيلولات وزان والصويرة وبني ملال،
إقامة مزاد لبيع الشمعة التي تنير ضريح الولي الصالح، وعود الثقاب الذي سيشعلها.
ويصل الثمن الذي يرسو عليه مزاد بيع الشمعة أحيانا إلى 3 آلاف دولار، وقد يبلغ ثمن بيع عود الثقاب ألفي دولار، ويتنافس الوافدون على المزار في هذا المزاد من أجل “الحصول على بركة الولي، حتى يقضي أمورهم ويستجب لأدعيتهم”، وفقهم.
ويشرح رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، منتصر حمادة، بأن اليهود المغاربية يمارسون، في مناسبة الحج هذه، طقوسهم من خلال مجموعة من الأدعية، كما يتم التبرك بأضرحة الأولياء، وتباع أعواد الثقاب والشموع بمبالغ مالية باهظة لإيمانهم بأنها تحتوي على “بركة الأولياء”.
وبحسب الباحث المغربي في الشؤون الدينية، فإن الهيلولة هي موسم زيارة الأولياء اليهود والاحتفاء بذكراهم، لذلك تعتبر مزارات اليهود بالمغرب محجا لليهود المغاربة من مختلف بقاع العالم، لإيمانهم أن زيارة الأولياء تحقق لهم منافع كبيرة، كالشفاء من الأمراض المزمنة أو المستعصية وتحقيق الرغبات.
ومما يميز طقوس الهيلولة، وفق الباحث ذاته، الأناشيد والترانيم والقصائد التي تُتلى أثناء الزيارة، والتي تتوزع بين “البيوط”، وهي قصائد دينية بالعبرية، تلقى من طرف الرجال فقط، إضافة إلى قصائد عبرية وعربية تلقى من طرف النساء.
اهتمام كبير
أثناء موسم حج اليهود إلى المغرب للاحتفال بالهيلولة، يعتبر وجود الأطفال مفروضا لاستفادتهم من “بركة الولي التي ستصاحبهم في حياتهم، وتيسر لهم طريق النجاح”، بحسب توضيح عضو الطائفة اليهودية بالمغرب، ألبير الملاح.
ولا يبخل اليهود على ضريح الولي بأموالهم، إذ يساهمون في توفير لوازم الضريح، ومستلزمات طقوس الحفل، وأماكن إيواء الوافدين، ومؤونة تكفيهم لمدة أسبوع، وتكفي القائمين على العناية بالضريح لمدة سنة، إلى حين موعد الموسم الموالي.
أما مديرة المتحف اليهودي في الدار البيضاء، زهور ارحيحل، فقد أكدت أن الهيلولة تتجلى أساسا في زيارة الأولياء والصالحين اليهود بالمغرب، وهي تقليد مرادف لموسم زيارة أضرحة الأولياء لدى المسلمين.
وذكرت ارحيحل أنه وفقا للدراسات الإثنوغرافية، فإن المغرب يتوفر على حوالي 625 ضريحا لحاخامات يهود، مؤكدة، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أن المغرب أرض مقدسة بالنسبة لليهود تحوي مئات المقابر لحاخامات كبار، والتي تم الحفاظ عليها منذ قرون.
المصدر: أصوات مغاربية