مهرجان الأندلسيات الأطلسية..أمسية راقية على إيقاعات عيساوية
الصويرة – كان المولوعون بنغمات التراث الصوفي الروحاني على موعد أمس الثلاثاء، في إطار الدورة 17 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية للصويرة الذي ينعقد هذه السنة افتراضيا، مع أمسية راقية أحيتها بمدينة الصويرة طوائف “عيساوة” و”حمادشة”.
ومكنت الأمسية المتتبعين من تخليد عبق وتفرد هذا الفن العريق وهذا الإرث العيساوي والحمدوشي التليد والمتجذر في تاريخ الثقافة الدينية الغنية للمملكة، مع أخذ الظرفية الناجمة عن فيروس كورونا بعين الاعتبار.
وشكلت المناسبة التي تم تسجيلها بدار الصويري دون جمهور، فرصة لاكتشاف لحظات تسام روحاني وتبتل وإنصات لخالدات هذا التراث الموسيقي ونغماته التي تعرج بالروح في مراقي الهيام بالذات الإلهية وتوقير الجناب الأحمدي والآل والعترة، والتي تشكل خالداته مكونا محوريا في التراث اللامادي للبلاد، والذي يظل المغاربة متشبثين به منذ قرون.
وأدت طوائف عيساوة وحمادشة باقتدار رزنامة من القصائد قابلها محبو هذا الصنف الموسيقي بما يليق.
كما شكلت مناسبة للتعريف بغنى التقاليد الموسيقية الشعبية بالصويرة وتعدد الطقوس الصميمة بكل زاوية من الزوايا المبثوثة بالمدينة، والتي يؤبد مريدوها بقاءها مخلدين ذكرها في الآفاق مع نقلها للأجيال الصاعدة والنشء.
وفي وقت سابق من الأمسية، جرى تقديم أغنية “آيلي حياني” في حلة جديدة، وهي التي تعد من أشهر أغاني الريبيرتوار المغربي، والتي أداها أحد دعائم الأغنية المغربية، الراحل محمد فويتح.
وعصرن الأغنية عازف الكمان الألمعي إيلاد ليفي، بمساهمة المغنيين يوهاي كوهين وهشام دينار ولالا تمار، والمعلم الكناوي شريف القادري، وموسيقيين من المغرب ومن الخارج.
ويؤكد هذا الصهر الناجح أن الموسيقى تظل لغة العالم التي تتجاوز الحدود وتقرب الأرواح وترسي جسور الحوار بين المسلمين واليهود المتشبثين بغنى وتنوع الهوية المغربية الضامّة.
ويعمل اليهود المغاربة أنى تواجدوا، على صون ثقافة بلدهم الأم من خلال الحفاظ على عاداتهم الثقافية وتخليد أعيادهم عبر ترديد أغان صداحة. وعلاوة على الموسيقى الأندلسية والملحون والشكوري والشعبي والأغنية “العسرية” التي يلقيها الجميع وتم إحياؤها بالدراجة والعبرية، بمساهمة أجيال من التراجمة.
وعرفت المناسبة بث اللحظات الخالدة للدورات السابقة من المهرجان، مما مكن من تحيين الذاكرة بخصوص هذا الموعد الفني الخريفي وإحياء لحظات لا تنسى من أغان أداها باقتدار فنانون وفنانات موهوبات من قبيل نيطع القايم والعميد بنعمر الزياني، والرائدة ريموند البيضاوية والحاجة الحمداوية، إضافة إلى الراقية ليونور ليال بمعية عمر المتيوي، والثنائي أنا لاشينا ورافي شاكنار ميشرا، ومنعم أدوان، ومغنية الفلامنكو إسبيرنسا فيرنانديز، والمعلم الكبير محمد بريول وفرقة دافيد هاميليش.
وتم تقديم شهادات عرفان وامتنان من ساكنة مدينة موكادور للجنة المنظمة التي لم تدخر جهدا لإنجاح التظاهرة رغم الظرفية غير المسبوقة الناجمة عن فيروس كورونا.
واعتبروا الدورة الراهنة فرصة لضمان تلاق ودي بين المسلمين واليهود -في أرض مغربية- من المولوعين بالموسيقى الراقية، ولو افتراضيا، للغناء سويا، والمخلّدة في وئام يعكس فرادة الإرث اليهودي المغربي الاستثنائي، مؤكدين أن هذا المهرجان يجسد المثال البليغ للتعايش بين مختلف الأديان والثقافات.