مهرجان الملحون والأغنية الوطنية يتوج دورته التاسعة بتوقيع إصدارات حديثة ومداخلات علمية رصينة
على غرار الدورات السابقة توج مهرجان الملحون والأغنية الوطنية دورته الحالية (التاسعة) بتوقيع وتقديم ثلاثة إصدارت توثيقية وإبداعية حول فن الملحون، إلى جانب برمجة ندوة علمية كبرى ضمت 12 مداخلة علمية رصينة أكد من خلالها المشاركون على القيمة الحضارية الأصيلة لأدب فن الملحون وخصوصيته الإبداعية المتفردة، وذلك على امتداد قرون من التراكم القيمي والفني في رحاب الثقافة المغربية وروافدها الغنية، مؤكدين في السياق ذاته أن التصنيف الشرفي للملحون ضمن القائمة التمثيلية لمنظمة اليونسكو تراثا إنسانيا للبشرية جمعاء، يزكي فرادة الرسالة الحضارية، الفنية والإبداعية لهذا الفن العريق الذي ينهل من معين الثقافة المغربية الأصيلة، مؤكدين على ضرورة استثمار هذا المنجز من أجل إرساء أسس بنية فنية بأبعاد تنموية قائمة على مرتكزات صناعة ثقافية مندمجة.
توقيع ثلاثة إصدارات توثيقية حول فن الملحون
احتضنت قاعة ندوات مدينة اللغات والثقافات بكلية اللغة العربية بمراكش، عشية يوم الخميس 24 أكتوبر 2024 فعاليات توقيع ثلاثة إصدارات علمية وتوثيقية حديثة صادرة عن منشورات جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد.
أولى هذه المنشورات موسوم ب “على عتبة التسعين -حوار مع الذات- ” للأستاذ عبد الرحمن الملحوني، وهو كتاب يدخل ضمن كتب السيرة، قارب فصوله الأستاذ “محمد بو عابد” على ضوء تدوين مجموعة من الكتاب الراسخين لسيرهم الذاتية كالأستاذ أحمد شحلان “سن الذهب” والأستاذ عبد الغني أبو العزم ” ما بعد الضريح”.
توقف الباحث والناقد عند المسار العلمي والمهني الحافل للأستاذ عبد الرحمان الملحوني باعتباره رائدا من رواد أدب فن الملحون، معددا ما راكمه من منجزات علمية وإعلامية تنتصر لقيم الهوية المغربية بزخمها الابداعي الغني، بما يجعل منها منطلقا لتوثيق إرث الماضي وتثمين الحاضر ونبراسا مستشرفا لضياء المستقبل.
وفي مطارحة وصفية لثاني الكتب المحتفى بها “قصائد الورشان” للأستاذ السعيد بنفرحي، أشار المؤلف ذاته إلى الدلالة الرمزية لقصائد طائر الورشان في مراميها البلاغية والابداعية للقبض على الزمن والمكان المنفلتين، مشيرا إلى ما تحبل به من قيم تاريخية، جغرافية، توجيهية أخلاقية، تعبيرية، فنية وجمالية.
أما ثالث الكتب المحتفى بها “أحميدة الباهري رحلة نغم” للباحث والإعلامي أنس الملحوني. فقد انبرى له الأستاذ عبد العزيز أبايا محددا ماهية الخطاب المقدماتي وجماليته، وتدفق المعاني والمعلومات الثاوية في متن الكتاب، وعرج على الآليات التي قدم بها الكاتب شخصية الفنان أحميدة الباهري وما يحفل به من مرتكزات الموضوعية والأمانة العلمية، استنادا على رزنامة من الوثائق والشواهد والمجالسات الحواراية والتحليلات الأنتروبولوجية.
تتبع المؤلف المسار الفني الحافل للفنان احميدة الباهري وإشعاعه الإبداعي طيلة عقود من البدل والعطاء رفقة مجموعة من فرق الظاهرة الغيوانية.
أدار هذا اللقاء باقتدار الأستاذ نور الدين الصوفي الدرقاوي.
أكاديميون يتداولون حول قضايا فن الملحون في ندوة علمية موسعة
توجهت أنظار الباحثين والدارسين وعموم المهتمين بالشأن الثقافي وبفن الملحون على وجه التحديد عشية يوم الجمعة 25 أكتوبر 2024 إلى مدرج العلامة الشرقاوي إقبال بكلية اللغة العربية بمراكش لمتابعة أشغال ندوة علمية موسعة اتخذت من شعار الدورة التاسعة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية تيمتها المركزية: “إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية..تداعيات وتحديات” ، افتتح فعاليات هذا المحفل الفكري عميد كلية اللغة العربية الدكتور أحمد قادم، وترأس أشغاله باقتدار الدكتور عبد الجليل الكريفة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وقرر مجرياته الأستاذ أنور أصبان.
شارك في الجزء الأول من هذه الندوة الموسعة ثلة من الأساتذة الباحثين والأكاديميين المتخصصين الذين نسجوا من خلال مداخلاتهم العلمية المحكمة تقاطعات حضارية، تاريخية، توثيقية، فنية وإبداعية من فن الملحون. حيث قارب الأستاذ “أحمد زنيبر” موضوع “الشعر الملحون في ضيافة الجامعة المغربية -قضايا وموضوعات -” وقدم الأستاذ “السعيد بنفرحي” إضاءة توثيقية حول “أولياء سلا في الملحون – الولي سيدي عبد الله بن حسون نموذجا-“، فيما تناول الأستاذ “منير البصكري” “منظومة القيم الإنسانية والجمالية في الشعر الملحون”، وتوقفت الأستاذة “حنان بندحمان” عند “الشعر الملحون -ذاكرة متشظية من ديوان الشيخ التهامي المدغري”، أما الأستاذ “نور الدين شماس” فقدم “إطلالات على عروض الشعر الملحون”، من جهتهما تناول الأستاذان “عبد العزيز أبايا” و”عز الدين المعتصم” على التوالي تيمتين بحثيتين حول “العلامة ابن المؤقت المراكشي و سؤال الإصلاح في المغرب الحديث – قراءة في كتاب الجيوش الجرارة في كشف الغطاء عن حقائق القوة الجبارة” و”صور ومظاهر الحضارة المغربية في الشعر الملحون”
تتواصل صبيحة يوم غد السبت 26 اكتوبر 2024 بالمدرج ذاته أشغال الجزء الثاني من الندوة الموسعة ذاتها، حيث سيتوقف الأستاذ مصطفى البوعزاوي عند تيمة “التعلق بالله في شعر الملحون -حفريات في الأبعاد والتجليات- ” ، فيما سيقدم الأستاذ عبد الله المعاوي “تأملات في الكوميديا الملحونية -الشيخ محمد ابن عمر نموذجا-“، من جهته سيفكك الأستاذ “عصام الأمحراك “الوظائف الدلالية لطبونيمية مدينة مراكش من خلال قصيدة ‘ الطير’ للشيخ الجيلالي امثيرد”، وسيتوقف الأستاذ مولاي علي الخاميري عند “الأسس اللفظية والوصفية لمفاهيم الولاية والصلاح بمراكش -نماذج من شعر الشيخ الجيلالي امثيرد-” فيما سيخلص الأستاذان عز الدين لشعل ومحمد مسرار في مداخلاتيهما على التوالي إلى “السخرية في قصيدة ‘المرشح’ لشاعر الملحون مولاي اسماعيل العلوي السلسولي” و”البعد الديني في الشعر الملحون: مرجعية فكرية ومشترك عقدي”
من المنتظر أن يقرر أشغال هذه الجلسة الأستاذ كمال أحوذ
ثمن الحاضرون الذين غصت بهم جنبات مدرج العلامة الشرقاوي إقبال بكلية اللغة العربية بمراكش مخرجات الندوة العلمية وما أسفرت عنه من نتائج بحثية جادة، والتي جرى تدبيجها في العددين العاشر والحادي عشر من “مجلة التراث المغربي الأصيل” لسنة 2024 تحت عنوان “احتفالية الذكرى الأولى على إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو” وهي أعمال مهداة إلى فضيلة الأستاذ الباحث الدكتور عبد العزيز أعمار المكرم في هذه الدورة.
جدير بالذكر تنظم فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية من طرف “جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد” تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في الفترة الممتدة ما بين 22 و26 أكتوبر 2024 بمدينة مراكش، وذلك بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة، جامعة القاضي عياض، ولاية مراكش أسفي، مجلس الجهة والمجلس الجماعي لمدينة مراكش.