“مول الكاسكيطة” , “مول الجنوي”, “مول الفردي ..ومول أشياء أخرى …
مع إنطلاقة سنة 2004 أمَنتُ بقوة مثل العديد من المغاربة بأن فرز نخب فكرية جديدة بالمغرب قادم لا محالة و كنت أتصور بكل تفاؤل وحماس أن هذه النخب ستستثمر بنجاح حرية التعبير التي تضمنها عدد من النصوص و القوانين في المغرب , و كذا هوامش حرية إبداء الرأي والدفاع عن المواقف عبر المساحات التواصلية التي وضعتها الشركات الأمريكية العملاقة رهن إشارة المغاربة و باقي مواطني العالم , لكن بعد أزيد من 15 سنة من الإنتظار تأكدت وأصبح لي اليقين أن المواطن المغربي البسيط لم يجني من هذه الفضاءات إلا هرتقات نجوم من نوع أخر لا يمثلون إلا حثالة المجتمع .لا شغل ولا شاغل لهم إلا البحث عن الشهرة لإستغلالها في جني الأرباح الباردة من اليوتيب أو أي وسيلة أخرى حتى ولو كانت على حساب خصوصيتنا و ركائز هدوئنا النفسي وقناعاتنا الروحية والدينية , هم طينة من الفاشلين يرفضون العمل يرفضون المساهمة في تحمل مسؤولياتهم يرفضون القوانين يرفضون الأعراف و يرفضون كل شيء و الدور الوحيد الذي يمكنهم إتقانه هو العزف على وتر المظلومية ولعب دور الضحية في جميع المواقف والبحث بإستمرار مستميت عن شخص أو مسؤول ليلبسوه جلباب المتآمر . وكل هذا لإخفاء الفشل الذي يحملونه في جيناتهم ونفوسهم والذي لن يفارقهم لا في المغرب و لا في الهند أوحتى في نيوزيلندا أو على سطح القمر.
ماذا كنا ننتظر من مواطنين غير مؤهلين بتاتا لتفكيك و تحليل الوقائع الإجتماعية والسياسية بالمغرب ؟ ماذا كنا ننتظر من مجموعة من “الفهايمية” الذين يختلط عليهم أداب التعبير عن المواقف مع همجية السب والقذف و الإهانة؟ ماذا كنا ننتظر من اليوتيب هل كنا فعلا جادين حين أمنا أنه سيساهم في تنوير المواطن المغربي ودفعه بسلاسة نحو المشاركة والمساهمة في بناء مغرب جديد ؟ ماذا كنا ننتظر من منصة اليوتيب المغربية التي لا يهتم فيها المواطن لا بالمحتويات العلمية ولا المحتويات الثقافية ولا المحتويات الهادفة.
اليوتيب المغربي بات اليوم عاجزا و معه ملايين المغاربة عن خلق نقاشات عمومية عميقة بإمكانها تسريع وتيرة التنمية أو على الأقل خلق أرضية حقيقية للنقاش تمكننا من الوقوف على مكامن الخلل في وطننا الحبيب بشكل موضوعي وعلمي تساهم فيه النخب و المؤسسات و يغديه و يضمن إستمراريته المواطن البسيط.
اليوتيب المغربي لم يفرز لنا للأسف إلا أمثال “مول الكاسكيطة ” الذي يظن في قرارة نفسه المريضه الغبية أن “وصف ونعت المغاربة بالحمير ” فكرة ممتازة وهي وحدها التي كانت تنقصنا لنتحرر من بذل مجهود دائم لكسب قوتنا اليومي وبإمكاننا بالسب والقذف و لعب دور الضحية أن نغير مصير ألاف المرضى في المستشفيات وبإمكاننا أيضا أن نحصل على مستحقاتنا المفترضة من الفوسفاط والسمك ويصبح بسهولة المغرب بلدا غنيا يعيش فيه بترف ورفاهية 40 مليون مغربي دون الحاجة للعمل وكأنها جنة صغيرة لا يسري عليها ما يسري على باقي بقاع العالم وكلها أفكار فاشلة ومدمرة لا تساوي في الميزان الواقعي و لا الفلسفي فلسا أحمر ولا يمكنك بها شرب كأس شاي في أرخص مقهى شعبي في المغرب. وأقصى ما يمكنك الحصول عليه هو كأس شاي مجاني من صديق طيب عائد لتوه من يوم مضني من العمل سيستأنس لا محالة بكلام به جرعة من السب والقذف .
الكلام الخبيث الذي وجهه “مول الكاسكيطة” لعموم المغاربة يعكس لنا الوجه الحقيقي لشريحة فاشلة نتقاسم معها نفس الوطن , تعتقد فعليا أنها ” المنقذ ” و ” البطل ” دافعها الرئيسي هو إنتهاز معاناة شريحة من المواطنين لإبتزاز الإدارات و المؤسسات وجني منافع شخصية.
هذا هو العالم الإفتراضي المغربي ,أنا اليوم أؤمن أنه منصة لتعميم الأفكار البائسة والعقيمة, وصناعة اليأس في النفوس, هو اليوتيب الذي أفرز لنا بعد15 سنة من الإنتظار “مول الكاسكيطة” و مول “الفردي” م “مول الشاقور” وأيضا “مول سي 90” الذين باتوا يضيفون لمعاناة المغاربة معاناة جديدة , تمادت بكل حقارة في وصفهم بالحمير ونكزهم بالأصبع الثالث دون حياء ولا خجل .
الكلام الذي وجهه هذا الحقير الفاشل لملايين المغاربة الذين يتابرون ويعملون كل يوم بنشاط وحيوية لبناء المغرب والمساهمة في الرفع من المستوى المعيشي لأسرهم و ذويهم هو كلام “رعواني مسخوط الوالدين ” بدون مستوى تعليمي قرر أن يصبح محللا إقتصاديا وإجتماعيا وحتى فيلسوفا . تنقصه الأداب الإجتماعية والدينية و”الرجولة” الحقيقية وتنخر فيه من الداخل ديدان الإنتهازية الواضحة التي أوحت له أن مخاطبة الشعب المغربي بتلك الطريقة الإجرامية هي شجاعة ونضال …
وختاما بات لزاما على المغرب أن يسن قوانين تضمن للمواطنين كرامتهم وعدم المساس بخصوصياتهم العقائدية والدينية على منصة يوتيب وإلا فالأكيد أن القليل من الأيام سيفرز لنا فاشلا أو مجرما أخر سيسمي قناته “مول الجنوي” وسيشرع في تلقيننا دروسا في النهب والسرقة والهجوم على مؤسسات الدولة …
عبد الحميد زويت