نبتة الصبار تتطلع إلى نصيبها من التثمين والقطع مع نمط الاستغلال التقليدي
و م ع
لم تحظ نبتة الصبار التي تنتج فاكهة التين الشوكي في المغرب بالاهتمام، سواء من حيث العناية بهذه الزراعة، أو تثمين فاكهتها إلا في السنين الأخيرة، حيث ما فتئ الاهتمام يتزايد أكثر فاكثر بهذه النبتة الزراعية.
فنبتة الصبار، التي تنتج فاكهة التين الشوكي، معروفة بكونها زراعة تحظى بأهمية كبيرة في اقتصاد المناطق الجافة وشبه الجافة سواء على الصعيد الوطني، أو في مختلف بقاع العالم. كما أن هذه النبتة لها قدرة كبيرة على تحمل النقص في مياه الري، وسهلة الانتشار إذ يسهل الإكثار منها من طرف المزارعين.
ومن مميزات نبتة الصبار أيضا، أنها تضطلع فضلا عن ذلك بمزايا أخرى متعددة من ضمنها الحفاظ على التربية من الانجراف، ومقاومة عوامل التعرية، وهي بذلك تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على التوازنات البيئية.
وتفيد المعطيات المتوفرة حول هذه السلسلة الزراعية أن نبات الصبار يشغل مساحات أرضية تتراوح ما بين 40 إلى 50 ألف هكتار في منطقة الجنوب الغربي من المغرب، أي ما يعادل حوالي 50 في المائة من المساحات المشمولة بهذه النبتة على الصعيد الوطني، مما يجعلها ذات أهمية كبيرة في حياة الساكنة القروية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
وأصبحت زراعة الصبار خلال السنين الأخيرة في الجنوب الغربي للمملكة تحظى باهتمام متزايد من طرف الساكنة المحلية لعدة اعتبارات، من ضمنها على الخصوص أنها توفر موردا للغذاء سواء بالنسبة للإنسان أو بعض أصناف الحيوان، وتوفير مصدر مهم للدخل المادي بالنسبة للعديد من الأسر.
وتجاوبا مع التطور الذي شهده المغرب خلال السنين الأخيرة في ما يتعلق بتثمين المنتجات الزراعية، لاسيما منها المنتجات المجالية، فإن فاكهة الصبار أصبحت تستخدم في الصناعة التحويلية الغذائية، إلى جانب استغلالها في استخلاص زيت الصبار ذات القيمة المالية المرتفعة.
واعتبارا للفوائد المتعددة للصبار، سواء في الجانب المرتبط بكونه سلسلة زراعية أو الشق المتعلق بمزاياه البيئية، لجأ المغرب منذ سنة 1999 إلى إطلاق برنامج للتطوير الجيني لنبتة الصبار، وذلك في أفق بلورة أصناف جينية مغربية قابلة للتطوير، حيث أسندت هذه المهمة للمركز الجهوي التابع للمعهد الوطني للبحث الزراعي بأكادير.
وأوضح المهندس الزراعي عبد العزيز ميموني، مدير المركز الجهوي للمعهد بأكادير، أن التجارب التي أجريت في هذا الإطار خلال سنوات 1999 و 2000 و 2001 و 2005 أفضت إلى اكتشاف، على التوالي، 44 و 56 و 49 و 37 من أصناف الصبار، مشيرا إلى أن هذه التجارب همت عينات من مناطق مختلفة من جهات المملكة، وهي أقاليم طاطا وكلميم وتزنيت ـ سيدي إفني، وأكادير وإنزكان وتارودانت واشتوكة ايت باها والصويرة وآسفي وورززات والرشيدية وبني ملال والجديدة والدار البيضاء والقنيطرة والعرائش وشفشاون وتطوان وطنجة.
وأضاف عبد العزيز ميموني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العينات التي تم الاشتغال عليها، والبالغ عددها 186 عينة، تختلف إحداها عن الأخرى اختلافا كبيرا، وتم إعادة زرعها مرتين قصد إجراء عملية تقييم، حيث جرت عملية الغرس في موقعين اثنين هما مزرعة التجارب الحاملة لاسم “ملك الزهر” في أكادير ، ونظيرتها مزرعة “فم الواد” في العيون.
وسعيا وراء الحصول على نتائج علمية أكثر دقة، بادر المعهد الوطني للبحث الزراعي سنة 2006 بأخذ عينات إضافية للبحث من منطقة سيدي إفني ـ أيت باعمران، بلغت في المجموع 14 عينة، ليصل بذلك مجموع العينات التي اشتغل عليها المعهد 200 عينة.
وقد اسفرت نتائج التجارب التي أجريت على مختلف العينات عن وجود أصناف مختلفة ومتعددة من نبتة الصبار (الحجم، الاشواك…)، وكذا من فاكهة التين الشوكي التي تتنوع من حيث الشكل والوزن والطول ولون الفاكهة ونسبة السكريات فيها … وهذا ما حفز على التوجه صوب تجريب هذه الأصناف المختلفة في استغلاليات زراعية لدى الفلاحين للحصول على مزيد من النتائج المشجعة التي تؤكد الخلاصات المتأتية من التجارب التي توصلت إليها الأبحاث العلمية.
ومن الأكيد أن حرص المزارعين من أصحاب الضيعات الفلاحية على العناية بنبتة الصبار وفق المعايير العلمية التي توصل إليها مهندسو المعهد الوطني للبحث الزراعي أن يفضي إلى نتائج إيجابية، من شأنها أن ترتقي بهذه السلسلة الزراعية إلى اكتساب قيمة مضافة كما هو الشأن بالنسبة لسلاسل زراعية أخرى تصنف ضمن المنتجات المجالية، مثل نخيل التمور وشجر الأركان والورود العطرية وغيرها.