نظام المقاول الذاتي حل بديل للاندماج في منظومة إنتاج القيمة.
في مواجهة انتشار القطاع غير المهيكل وآثاره الوخيمة على الاقتصاد الوطني، يوفر نظام المقاول الذاتي، الذي تم إحداثه في عام 2015، للذين يزاولون أنشطتهم بهذا القطاع بصفة فردية، حلا بديلا للاندماج في منظومة، حيث يجنون أرباحا من إنتاج القيمة.
وعلى عكس التعقيدات الإدارية التي يتطلبها تأسيس مقاولة كلاسيكية، فإن هذا الإطار القانوني المبتكر يفتح أبواب ريادة الأعمال بعملية تسجيل مبسطة من ثلاث خطوات تتوج بالحصول على بطاقة المقاول الذاتي.
فبعد خمس سنوات من إطلاقه، لا زال هذا المخطط الوطني لريادة الأعمال يواصل كسب المزيد من النقاط، بعد أن فاق عدد التسجيلات الفعلية في السجل الوطني للمقاولين الذاتيين في متم يونيو الماضي 230 ألف تسجيل، مما يبرز الاهتمام والحماس الذي أصبح يحظى به هذا الإطار القانوني الهادف إلى تعزيز روح المقاولة، وجعل تأسيس المقاولات الصغيرة جدا رافعة لخلق مناصب الشغل وإنتاج القيمة.
ويتيح نظام المقاول الذاتي العديد من الميزات، كالإعفاء من المحاسبات المالية، ونظام ضريبي مبسط، وإمكانية إصدار الفواتير وممارسة النشاط من المنزل، التي ساهمت في ضخ دماء جديدة في الدينامية المقاولاتية بالمغرب، خصوصا وأن هذه الأخيرة أصبحت موضوع تعبئة شاملة لكافة الجهات الفاعلة لجعلها رافعة رئيسية للتنمية السوسيو-اقتصادية.
وتتعدد الفئات المستهدفة بهذا النظام (صناع تقليديون، وحملة المشاريع، وعمال مستقلون يرغبون في مغادرة القطاع غير المنظم، أو مقيمون أجانب في وضعية قانونية..)، شأنها شأن قائمة الأنشطة المؤهلة، والتي تشمل الصناعة والتجارة، والصناعة التقليدية والخدمات.
وبحسب مقاولين ذاتيين تمكنوا من ولوج هذا الإطار القانوني، فإن هذا الانتقال نحو القطاع المنظم يتيح آفاقا تنموية مهمة ويضمن المزيد من الفرص التجارية. وفي هذا الصدد، قالت، زاهية (س) ، مصممة أزياء، إن “الحصول على بطاقة المقاول الذاتي مكنني من الخروج من دائرة الظل. فقد أصبحت قادرة على تقديم نفسي وإظهار إبداعاتي دون مشاكل في معارض بجميع أنحاء المغرب”.
من جهته، أشاد زكريا فهيم، رئيس اتحاد المقاولين الذاتيين، بأهمية هذا النظام، الذي يتيح إمكانية ” إطلاق نشاط في القطاع المنظم بطريقة جد مبسطة” ، داعيا إلى الإهتمام أكثر بالمقاولين الذاتيين، الذين يعدون، اليوم، من “البناة الحقيقيين للنموذج الاقتصادي والاجتماعي الجديد بالمغرب”.
وشدد السيد فهيم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أهمية تنويع الحلول التمويلية المخصصة لهذه الفئة، بعيدا عن القنوات التقليدية، مع العمل على إطلاق مستعجل لحلول التمويل الجماعي الموجهة للمشاريع ذات البعد الاجتماعي، بالنظر إلى الوزن الكبير للمقاولين الذاتيين الاجتماعيين. علاوة على تمويل المشاريع المبتكرة ذات القيمة المضافة العالية، مضيفا “يجب أن نكون أكثر كفاءة وأن نقدم يد العون للمقاولين الذاتيين وممولي المقاولين”.
وفي ظل السياق الصحي الراهن الذي لم تستثن تبعاته المقاولين الذاتيين، وفي خطوة لدعم المقاولين الذاتيين، أشار السيد فهيم إلى إطلاق الاتحاد لمنصة للتواصل بين المقاولين الذاتيين والمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الكبرى، من المرتقب أن يتم تشغيلها في غضون شهر.
كما أكد السيد فهيم على ضرورة تسريع ورش التغطية الاجتماعية وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية التي من المفترض أن تشكل الحمض النووي للمقاولين الذاتيين، إضافة إلى مواكبة العاملين على مستوى الجهات.
وكان الولوج إلى التمويل في صميم البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات ‘انطلاقة”، الذي يستهدف الفئات التي تواجه صعوبات في الحصول على التمويل، بما في ذلك المقاولين الذاتيين، حيث يوفر لهم هذا البرنامج عروضا مميزة، تشمل قروضا قد تصل إلى 1.2 مليون درهم بنسبة فائدة محددة في 2 في المئة بالوسط الحضري و 1.75 في المئة بالوسط القروي.
ويتواصل الدعم المؤسساتي لهذه الفئة حتى في ذروة الأزمة الصحية لكوفيد-19، التي أثرت بشدة على النشاط الاقتصادي، وذلك من خلال آلية ضمان للقروض البنكية لصالح المقاولين الذاتيين بمبلغ محدد في 15000 درهم بسعر فائدة منعدم.
وهكذا، فإن نظام المقاول الذاتي، باعتباره إطارا قانونيا مبتكرا وسهل الولوج، والذي يستفيد من منظومة شركاء بارزين بالقطاعين العام والخاص، يغطون المراحل الرئيسية من حياة المقاولة، يكون قد أعطى دفعة حقيقية للدينامية المقاولاتية بالمغرب، وسيواصل، بكل تأكيد، ضمان تحقيق اندماج أكثر مرونة في القطاع المنظم.