هل انقلب الناخبون الكبار على أصوات المغاربة؟
الكاتب:
عبد الصمد بنعباد
خلفت نتائج الانتخابات الجماعية جدلا واسعا في المغرب، بلغت حد اتهام الناخبين الكبار بالانقلاب على توجهات التصويت، بعدما حرمت العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة من قيادة الجهات، ومكنت حزب الأصالة والمعاصرة المعرض من ترؤس خمس جهات من أصل 12 جهة.
وحصل حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) على خمس جهات، رغم أنه احتل الرتبة الثانية في عدد الأصوات، حيث حصل على مليون و300 ألف صوت، بنسبة 19% من الأصوات المعبر عنها، في حين جاء العدالة والتنمية في المرتبة الأولى وحصل على مليون و700 ألف صوت، بنسبة 25%.
نجاح حزب الأصالة والمعاصرة على خمس جهات من أصل 12، في مقابل حصول العدالة والتنمية على جهتين فقط، أثار لغطا حول أدوار الناخبين الكبار الذين جاءت نتائج تصويتهم مخالفة لإرادة الناخبين وتوجهات أصواتهم.
أحمد بوز ونمط الاقتراع
قال الباحث وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الرباط، أن التفاوت بين نتائج التصويت وبين عدد المقاعد، مرده إلى نمط الاقتراع المعتمد في المغرب، والذي لا يسمح بوجود حزب فائز بأغلبية مطلقة، وأيضا لا يسمح بتطابق عدد الأصوات مع عدد المقاعد”.
وتابع أحمد بوز في تصريح ، أن “الأحزاب والدولة معنيون بتغيير نمط الاقتراع بما يجعل لأصوات المواطنين علاقة مباشرة مع عدد المقاعد، وبالتالي الخروج من هذه الثنائية”.
وأضاف أحمد بوز، أن نتائج مكاتب الجهات، ليست وليدة انقلاب أو خيانة الناخبين الكبار لتوجهات الناخبين، فهذا يفترض وجود أحزاب قادرة على ضبط العلاقة بمرشحيها، وبالتالي هي من تتحكم في من ترشح، والحال أننا أمام مرشحين يختارون أحزابا تقبلهم، وهم يضمنون لها الأصوات فقط”.
وسجل أستاذ التعليم العالي، أن “العلاقة بين الحزب وبين مرشحيه قائمة على عدد الأصوات التي يمكن أن يحصلها المرشح لفائدة الحزب لا أكثر”.
وشدد على أن “حزبين في المغرب فقط ضبطا مرشحيهم خلال هذه الانتخابات، وهما حزب العدالة والتنمية والحزب التقدم والاشتراكية، على اعتبار أن قيم التربية التنظيمية والتكوين السياسي حاضرة بقوة لدى الحزبين”.
عبد الرحيم العلام: العدالة والتنمية يدفع ثمن تحالفاته
من جهته اعتبر عبد الرحيم العلام، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن “الحزب العدالة والتنمية دفع ثمن التصويت (العلني) من طرف الناخبين الكبار في انتخابات مكاتب الجهات”.
وتابع عبد الرحيم العلام في تصريح ، “القانون الذي نجح العدالة والتنمية في تمريره وكان يعتقد أنه من خلاله سيضبط عملية التصويت، تسبب في إجبار بعض الناخبين الكبار على الخضوع للضغط والإغراء”.
وأفاد الباحث، أن “الناخبين الكبار لم يحترموا توجه الأصوات التي أعطت العدالة والتنمية المرتبة الأولى لاعتبارات موضوعية، من بينها نمط الاقتراع”.
وأضاف العلام، أن “التصويت العلني أضعف بعض الناخبين الكبار، الذين كان التصويت السري يحميهم ويمنحهم فرصة للانقلاب على من يبتزهم دون أن يكون له حق معرفة من صوت عليه ومن صوت ضده”.
وسجل الباحث، أن “العدالة والتنمية راح ضحية تحالفاته الهجينة، لأنه تحالف مع فاسدين سياسيين ومقاولين انتخابيين، وبالتالي لا يمكنه الحديث عن وفاء الأحزاب والتي يكون هدف مرشحيها الاستفادة من المالية العمومية ما أمكن”.
وشدد على أن “الناخبين الكبار هم القيود المقبلة على الحكومة التي ستشكل في 2016، بعد عام من الآن، وأنه من خلال عمليات التصويت الحالية، فإن مجلس المستشارين الذي شكله هذا النوع من الناخبين سيكون معرقلا لعمل الحكومة في حال شكل العدالة والتنمية الحكومة المقبلة”.
وزاد العلام أن “كتلتة المنتخبين التي يمكن وصفها بالعقائدية والمبدأية، هم أعضاء العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية وفيدرالية اليسار اليدمقراطي”.
وحسم تصويت حزبي “الحركة الشعبية” (الأغلبية) و”التجمع الوطني للأحرار” (الأغلبية) ضد مرشحي حزب العدالة والتنمية (الأغلبية) انتخابات مجالس الجهات لصالحه حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض)، المعروف اختصارا بـ”البام”، ليحصل على خمس جهات من بين 12 جهة، فيما حصلت باقي الأحزاب على رئاسة الجهات السبع المتبقية، فيما اعتبر عودة من النافذة لمن طردتهم صناديق الاقتراع من المدن إلى القرى والبوادي.
وتصدر حزب الأصالة والمعاصرة لائحة الأحزاب الفائزة برئاسة الجهات، وذلك برسم انتخابات رؤساء مجالس الجهات، التي جرت الإثنين، حيث ظفر الحزب برئاسة خمس جهات متبوعا بكل من أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال (جهتان لكل حزب) ثم حزب الحركة الشعبية (جهة واحدة).
وتضم الجهة مجموعة من المدن والقرى والمحافظات، وتكون إحدى المدن الكبرى عاصمة للجهة، ولأول مرة خول الدستور المغربي رئيس الجهة صفة الآمر بالصرف، أي حق التصرف في مزانية الجهة، بدون الرجوع إلى السلطات المركزية أو الولاة (المحافظين).
واعتمد المغرب تقسيما جهويا جديدا للمملكة، ضم 12 جهة، وستكون للمجالس، التي انتخب رؤساء مجالس بعضها اليوم، مهمة تدبير مصالح هذه الجهات إداريا واقتصاديا.
ورغم أن الانتخابات محلية، لكنها تكتسي أهمية خاصة، في السياق السياسي الذي يعرفه المغرب، فقد اعتبر العاهل المغربي في آخر خطاب له في 20 آب/ أغسطس الماضيأن هذه الانتخابات ستكون حاسمة لمستقبل المغرب.