هل دافع الأتراك عن أردوغان عبثا ؟
كمال أشكيكة
خرج الأتراك ليلة الجمعة 15 يوليوز 2016، جاعلين من أجسادهم أذرعا بشرية، في وجه دبابات الإنقلابيين وطائراتهم… خرج الأتراك دفاعا عن الشرعية،دفاعا عن حقهم في تقرير مصيرهم، ودفاعا عن أصواتهم التي أوصلت أردوغان إلى سدة الحكم. خرج الأتراك ليقولوا للإنقلابيين، نحن من جئنا بالعدالة والتنمية، ونحن من لنا الحق بإزالتها…
لم يكن الإنقلابيون يعرفون كل هذا، وإلا لما قاموا بمحاولتهم الفاشلة. لكن أردوغان واع بأنه جاء إلى الحكم عبر أصوات الشعب، ومن أجل خدمة هذا الشعب، الذي لم يخفى عليه يوما أنه صوت على مسلم، يريد خدمة بلده انطلاقا مما يمليه عليه دينه… عرف العلمانيون من شعب تركيا، أن المسلم قد يحترم دينه ودين الآخرين. فكان أغلبهم من مؤيديه…
ما لم يكن يعرفه الإنقلابيون، كان أردوغان مؤمن به. لما كلم شعبه عبر شاشة أيفون صغيرة. لم يأمرهم بالخروج للدفاع عن رئيس بلدهم، ولا حكومته. بل دعاهم للدفاع عن الشرعية، وعن من اختاروه في معازل الإنتخابات…
لم تكن مكالمة أردوغان تلك هي الدافع الوحيد الذي جعل الشعب يبيت في شوارع تركيا، متأهبا ومتصديا لكل من يريد أن يدخل القصر الرئاسي على ظهر دبابة. بل كانوا يعلمون ما معنى أن يحكم الجيش البلد. شعب تركيا قرر ألا يستسلم لمجموعة من المتمردين، لم يستطيعوا حتى إقناع زملائهم للانضمام إلى محاولتهم هذه، فكيف لهم أن يقنعوا شعبا كهذا أنهم جاؤوا للدفاع عنه…
تركيا استطاعت أن تؤلف قصة حب، عنوانها (أخدم شعبك يدافع عنك)… الأتراك ورئيسهم استطاعوا أن يعزفوا ملحمة مطلعها خدمة الوطن، ومنتهاها حب الوطن… تركيا أصبحت تمثل المدرسة السياسية الإسلامية التي يجب تدريسها لسياسيي العالم.
الأتراك لقنوا لنا جميعا درسا حول الديمقراطية وحب الوطن… فهل بهذا دافع الأتراك عن أردوغان، أم عن حقهم في الإختيار؟