النص الكامل للمذكرة التوضيحية الصادرة بشأن مدونة الصحافة والنشر الجديدة
التقديم :
إن التنسيقية الوطنية للدفاع عن حرية الصحافة والنشر الإلكتروني والإعلام الرقمي. المنضوي تحت لوائها أكثر من 282 منبر وصحيفة، و1000 صحفي محرر وتقني يعمل في المجال الصحافة الإلكترونية، وشركات الإيواء والطبع الإلكتروني، وعدة منظمات حقوقية وطنية ودولية وجمعيات واتحادات ونقابات مهنية للصحافة. تجتمع بالرباط من أجل صياغة مذكرة توضيحية حول مدونة الصحافة والنشر والتوقيع عليها ورفعها إلى البرلمان والحكومة المغربية والجهات الوصية والمعنية.
الخلفية :
لقد أثار صدور مذكرة الصحافة والنشر الجديدة، زوبعة من التداعيات والانتقادات وردود الأفعال حول ما تضمنته بعض المقتضيات القانونية، من إجحاف وحيف في حق الممارسين الصحافيين المهنيين، ومن تقويض للحريات العامة وحقوق الإنسان. وهو ما اعتبرته التنسيقية الوطنية للدفاع عن حرية الصحافة والنشر الإلكتروني والإعلام الرقمي تناقضا مع أحكام الدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق ووقع عليها المغرب. وتعارضا مع التوجهات الملكية السامية لصاحب الجلالة، عبر خطاباته الملكية ورسائله السامية في شان الصحافة والإعلام، وما ارتبطت بهما من قضايا الأمة. وعلى رأسها التشغيل وتوفير فرص العمل، والتنمية البشرية، وتأهيل الدخل الذاتي والمستوى الاجتماعي لدى الفرد.
السياق العامة :
إن أغلب الجرائد والصحف والمنابر الإعلامية، التي تستنكر بعض فصول هذه المدونة المجحفة، تحمل في معظمها تصاريح وإشهادات، موقعة من طرف وكلاء الملك. يعود تاريخها إلى ما بين 3 سنوات و أكثر من 30 سنة. ويرأس إداراتها مدراء للنشر، يتمتعون بالخبرة الميدانية، والممارسة المسؤولة، والحضور المهني. ويعتبرون من خيرة رواد الصحافة والنشر ببلادنا، الذين ساهموا في صنع تاريخ المشهد الإعلامي، وتأهيل القطاع الصحفي بمختلف دعاماته ووسائله، وترسيخ قيم ومبادئ الحريات العامة وحقوق الإنسان. وذلك من خلال اشتغالهم الطويل وممارستهم الواسعة في الصحف الحزبية والمستقلة والمعتمدة بالمغرب، أو عبر منابرهم الورقية وجرائدهم المستقلة الجهوية والوطنية.
وتماشيا مع التطور الهائل لتكنولوجيا الاتصال الرقمي، وما أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار جامح للصحافة الإلكترونية، عملت هذه الجرائد الورقية إلى تحويل أو عرض صحفها إلى منابر إلكترونية ومواقع إعلامية رقمية وفقا للضوابط القانونية المتعارف عليها شرعا.
وأمام هذا المد الإعلامي الإلكتروني، سعت الدولة تحت إشراف الوزارة الوصية والتنظيمات النقابية والفدرالية الشريكة والعاملة في القطاع، إلى صياغة قوانين جديدة، تستجيب من جهة إلى التطلعات المنشودة لسنوات عديدة. من أجل تحرير قطاع الصحافة من القيود القبلية والبعدية. خاصة منها السالبة للحرية، الذي مافتئت تنادي به جميع مكونات الجسم المهني للصحافة. ومن جهة أخرى إحداث تشريعات حديثة تتماشى والتحولات التي يعرفها الإعلام الرقمي بالمغرب.
وفي الوقت الذي كانت أسرة الإعلام تنتظر انفتاح النقاش والحوار حول قانون الصحافة على مستوى جهات المملكة، وإشراك جميع الفعاليات المهتمة والهيئات والجمعيات والاتحادات والنقابات المعنية، عمدت الجهة المشرفة على تنظيم الحوار الوطني إلى إعمال سياسة الإقصاء الممنهج، واعتماد منطق الأكثر تمثيلية، عددية بالنسبة للتنظيمات، وأكبر عدد مبيعات الجرائد الورقية. في حين تم تغييب بشكل شبه تام للصحافة الإلكترونية.
وبذلك تم إحداث مشروع قانون مبتور، مجحف، وعرضه على برلمان الأمة والمصادقة عليه. في توقيت قياسي، وظرفية غير ملائمة، تزامنت مع شهر يوليوز 2016. المعروف بفترة العطل والراحة والاستجمام. مما يطرح أكثر من سؤال، حول اختيار هذا التوقيت بالذات، لتمرير قانون الصحافة والنشر. علما ان القانون رقم 13 . 90 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، والقانون رقم 13 . 89 الخاصة بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، تم تقديمهما على التوالي خلال شهري أبريل ويونيو 2016 . وهما قانونان تنظيميان، لا يمكن طرحهما أو المصادقة عليهما قبل المناقشة والتصويت على قانون الصحافة رقم 13 . 88. الذي ينظمهما ويضبطهما. مما يتضح أن نواب الأمة، تم الاحتيال عليهم، من خلال اختيار هذا التوقيت، وطريقة برمجة هذه القوانين الثلاث، لمناقشتها والمصادقة عليها.
السياق الخاص :
منذ صدور مدونة الصحافة والنشر في الجريدة الرسمية سنة 2016. وضعت الوزارة الوصية مهلة سنة كأجل للجرائد ومدراء النشر للملائمة مع هذا القانون الجديد. وللأسف هذه الفترة، لم تواكبها أية إجراءات تواصلية، أو حملات إعلانية. سواء من طرف الإدارة أو من لدن النقابة الوطنية للصحافة أو فدرالية الناشرين، اللذان يتلقيان أموالا طائلة من المنح والدعم العمومي، للقيام بهذه الأدوار التوعوية والأنشطة التواصلية والبرامج التأهيلية. التي قد تمكن على الأقل خلال فترة الملائمة، مدراء النشر والصحافيين وكافة العاملين في قطاع الإعلام، من الإطلاع والتكيف مع القوانين الثلاث ومساطيرها الإجرائية.
وما أوشك انصرام المهلة المطلوبة للملائمة، حتى عمدت السلطات القضائية في شخص السادة وكلاء الملك، والضابطة القضائية، إلى استدعاء أغلب مدراء الجرائد الإلكترونية على وجه التحديد، وحثهم على الملائمة أو السحب أو التوقف عن الإصدار والنشر. والغريب في الأمر أن عموم هذه الجرائد كانت تتوجه إلى المحاكم خلال سنة 2016. 2017 في شأن تحويل منابرها، من دعامة ورقية إلى إلكترونية. وكانت تتسلم وصولات، دون إشارة إلى أي إجراء يتعلق بالملائمة. حيث كان الاعتقاد السائد أن الصحف المتواجدة قبل صدور القانون لا يعنيها هذا الإجراء. مستندة في ذلك على القاعدة الدستورية العامة التي تنص على عدم رجعية القوانين.
إلا أن جميع المنابر الإعلامية، سواء المصرح بها أو التي هي في طور التأسيس، فوجئت قبل انتهاء مدة الملائمة بشهر واحد، بقرارات وكلاء الملك، الداعية لتنفيذ إجراءات القانون. وهي مدة غير كافية حتى بالنسبة للجرائد التي تتوفر فيها الشروط المطلوبة. مما انعكس سلبا على سير هذه الإجراءات القانونية. حيث لم يتجاوز عدد الجرائد الملائمة 81 منبرا لحد الآن. رغم مرور شهر على انقضاء أجل الملائمة.
وللتصدي لهذه الإجراءات المجحفة والقوانين المتعسفة، في حق الصحافة الوطنية المغربية، التي كانت تنمي النفس بمدونة أكثر حرية وممارسة، وبمجتمع إعلامي، يتماشى والركب الحضاري التكنولوجي الرقمي. بادرت مجموعة من الجرائد والصحف الإلكترونية، إلى التكثل والتنسيق في ما بينها لحماية المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان. والحفاظ على مصداقية التزامات الحكومة المغربية وتوقيعاتها على المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الشأن. وذلك عبر خلق تنسيقية وطنية، تحمل اسم : التنسيقية الوطنية للدفاع عن حرية الصحافة الإلكترونية والإعلام الرقمي. بهدف التصدي لبعض مقتضيات مدونة الصحافة والنشر، المعيبة والرهيبة. وتعديلها وفق ما هو متعارف عليه في دستور المملكة والعهد الدولي.
الإشكالية :
إن التنسيقية إذ تقر ببعض محاسن هذا القانون الجديد للصحافة والنشر وتعتبره خطوة مهمة إلى الأمام، فإنها في ذات الآن، تعترف بنكوصه الى الوراء بثلاثة خطوات. ذلك ان إشكالية تقنين المهنة وتأهيل الوضعية المهنية للصحافي، لا يمكنها التعارض والتنافي مع المبادئ والقيم، التي أنشئت من أجلها حرية الصحافة والأعلام. المرتكزة أساسا على حق الإنسان في التعبير والرأي وممارسة الصحافة، دون قيد أو شرط مسبقين.
وقد سجلت التنسيقية الوطنية مجموعة من التناقضات والأخطاء، التي تحبل بها بعض المقتضيات القانونية للمدونة. ناهيك عن اللبس والغموض في بعض الأحكام، التي ترتب عنها الاختلاف في الإجراءات والشروط بين المحاكم المكلفة بتطبيق مسطرة الملائمة.
ويمكن إجمال هذه التناقضات والأخطاء في ما يلي :
• المدونة غير دستورية لكون ان:
– بعض مقتضياتها تتعارض مع الفصل السادس من الدستور الذي ينص على أن القوانين ليس لها أثرا رجعيا.
– المجلس الوطني للصحافة هيئة مهنية وليست له صفة دستورية. وتم تنصيبه كهيئة قضائية وتقريرية. يجمع بين التنظيم والوساطة والتحكيم، والتأديب وإصدار العقوبات، واستخلاص الاموال وتحصيلها من الديون العمومية. في حين ان الهيئات التي نص عليها الدستور لا تتجاوز سلطة الاستشارة وتنظيم المهنة. على غرار الهيئات المهنية الاخرى الغير الدستورية. كهيئات الموثقين والأطباء والصيادلة، ومثلها من المؤسسات المهنية المحدثة بظهائر شريفة موقعة بالعطف. والتي تنحصر أهدافها في تنظيم وتأطير وتأهيل المهنة، وتقديم المشورة وإبداء الرأي لدى القطاع الوصي.
ومما يبعث عن الاستغراب، هو تنصيب المجلس الوطني للصحافة نفسه فوق سيادة الوزارة الوصية. واعتبرها مجرد عضو استشاري تنتذبه الحكومة في اجتماعاته حسب ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون 13. 90 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة. مما يطرح السؤال العميق والهام حول حياد ومصداقية هذا المجلس الذي بوأ نفسه حكما وخصما.
– المادة 16 من قانون الصحافة والنشر رقم 13. 88 التي تشترط شروط تعجيزية من ضمنها الإجازة لامتهان صفة مدير النشر، تتعارض مع الفصل 35 من الدستور. الذي ينص على ضمان تكافؤ الفرص للجميع والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا.
– فرض قيود قبلية وشروط بعدية على ممارسة الصحافة، يعد انتهاكا لمقتضيات الدستور المغربي الذي ينص في مواده 25 و27 و28 على أن حرية الفكر مكفولة بكل أشكالها، وأن حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة.
• تعارض المدونة مع الخطب والرسائل والتوجهات الملكية السامية
– إن فرض مستوى تعليمي معين للولوج إلى الوظيفة والشغل، يحد من فرص العمل والخيارات المتاحة ويحيل على البطالة والتشرد، ويساهم في توسيع دائرة الاقصاء الاجتماعي، والتهميش والهشاشة والفقر. وهو ما يتعارض مع توجهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. الذي يؤكد في أغلب خطاباته السامية، على تأهيل العنصر البشري، وتوفير الدخل الذاتي، وتمكين جميع فئات المجتمع بمختلف مستوياتها الاجتماعية والتعليمية من تكافؤ الفرص، والولوج إلى سوق الشغل.
ففي الوقت الذي أكد فيه صاحب جلالة على أن الباكالوريا، يجب أن لا تكون عقد في حياة المواطن. وأن الإنسان يمكنه أن يرتقي وينجح في حياته دون الحصول على شهادة الباكالوريا، ذهبت المدونة معاكسة للتوجهات الملكية بإحداث عقدة جديدة في وجه المواطن المغربي، تتمثل في ضرورة الحصول على الإجازة لممارسة الصحافة. حيث أكد جلالته في خطاب عيد العرش المجيد يوليوز 2015.
” كما أن الإصلاح المنشود لن يستقيم إلا بالتحرر من عقدة شهادة الباكالوريا. هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للتلميذ وأسرته. إن لم يحصل عليهاف قد ضاع مستقبله…. ونوضح لهم بأن الإنسان يمكن أن يرتقي وينجح في حياته دون الحصول على شهادة الباكالوريا.”
– إن استهداف الصحافة الإلكترونية والحد من نجاعتها ونشاطها الإعلامي، من خلال القيود والشروط التي تضمنتها المدونة، ينحى بالمغرب بمنئى عن التطور الحضاري التكنولوجي، وهو ما أكده جلالته في رسالته السامية الموجهة إلى الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام بالرباط، يوم 27 يناير 2009. حيث ربط جلالته التفاعل مع العالم المتقدم بضرورة الانفتاح على التطور التكنولوجي الإعلامي. وتمكين المواطن من ولوج الشبكات غير المادية للمعرفة. والانخراط في إعلام عالمي، يقوم على منطق الروابط والشبكات ذات الأسس المعرفية والتكنولوجية المتقدمة.
• تناقض المدونة مع المواثيق الدولية للأمم المتحدة.
– إن المقتضيات المتضمنة في قانون الصحافة والنشر رقم 13-88 والنظام الأساسي للصحافيين المهنيين رقم 13-89 وقانون المجلس الوطني للصحافة، الرامية إلى تقليص حرية تأسيس المنابر الإعلامية، وتقويض حق ممارسة الصحافة، بداعي تأهيل المهنة. يعتبر حقا أريد به باطل، وانسلاخا تاما من الالتزامات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها ووقعها المغرب. والتي تأكد في إعلانها العالمي لحقوق الإنسان الصادر في شهر دجنبر 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعلن عنه في دجنبر 1966 على أن : لكل شخص، الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء، دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
• تعارض المدونة مع قيم مهنة الصحافة
– إن تأهيل الصحافة يتوقف على وضع ميثاق أخلاقي يضبط بموجبه قواعد ممارسة المهنة، وليس تشريع ترسنة من القوانين. منها قانون الصحافة والنشر، وقانون النظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وقانون المجلس الوطني للصحافة، وقانون حماية المعطيات الشخصية، وقانون محاربة الجريمة الإلكترونية، وقانون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والقانون المتعلق بالسمعي البصري، وقانون الشغل، وقانون المركز السينمائي المغربي، وقانون الوكالة الوطنية لتقنيات الاتصال. هذا فضلا عن المواد المتضمنة في القانون الجنائي. وهي تشريعات كفيلة بالحد من حرية التعبير والرأي وتثقيل كاهل ممارسة مهن الصحافة. وهذا ما اعتبرته بعض المنظمات الإعلامية الدولية كمنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة صحافيون بلا حدود، تراجعا خطيرا في حرية الصحافة بالمغرب.
– فمجرد إلقاء نظرة على إحدى قوانين المدونة، يتجلى بوضوح، مدى عدم تجانس أحكامها التشريعية وانسجام مقتضياتها التنظيمية، مما أسقطها في اللبس والغموض والتكرار والتناقض والأخطاء. وانعكس ذلك على مستوى الإجراءات المنظمة. منها على سبيل المثال لا الحصر :
1 – في ما يتعلق بإدارة النشر : فإن شرطي البطاقة المهنية والإجازة يعتبران حجر عثرة يصعب تجاوزها. بالنظر لاستحالة توفرهما معا في آن واحد. مما أثار زوبعة من اللبس والتناقض حول كيفية تطبيق هذين الشرطين. خاصة وأن الفقرة الأولى من المادة 16 من القانون رقم 13. 88 تنص على شرط الإجازة بالنسبة لمدير النشر بصفته شخصا ذاتيا. في حين تم إسقاطها من الفقرة الثاني من نفس المادة عند وجوب تعيين مدير النشر من طرف صاحب المقاولة الصحفية. مع التنصيص على ضرورة الالتزام بالشروط المشار إليها أعلاه في الفقرة الأولى، التي تنص على توفر الإجازة. فكيف يمكن تطبيق هذا الإجراء القانوني المتناقض الذي يجمع بين توفر الإجازة من عدمها في الآن ذاته؟
2 – في ما يخص المقاولة الصحفية : فقد تم توزيعها بين الشخص الذاتي وصفة الاعتباري في قانون الصحافة والنشر. في حين تم إقصاء المقاولة الذاتية من قانون المجلس الوطني للصحافة، والاحتفاظ بذات الصفة الاعتبارية وحدها، والإقرار بعضويتها وانخراطها. دون الإشارة إلى الشخص الذاتي.
3 – فيما يتعلق بتأهيل مهنة الصحافة والصحافي المهني، فإن اعتماد مدونة الصحافة النشر على منطق المقاولات والشركات، كشرط أساسي للولوج إلى المهنة وممارستها، سيحدث انقلابا جدريا في اسس منظومة أخلاقيات مهنة الصحافة. حيث ستخضع قيم ومبادئ الحريات العامة إلى منطق الربح والخسارة والسوق والتجارة، يحكمه وازع العدد والأرقام والهيمنة والاحتكار. مما سيفضى لا محالة إلى صحافة نخبوية بورجوازية. بعيدة عن هموم الشعب المغربي ومعاناته اليومية. ويقضي اساسا على الصحافة المحلية والجهوية. التي لا تقوى على الاستجابة لشروط تأسيس المقاولة المنصوص عليها في قانون الصحافة والمتمثلة في تشغيل عدد من الصحافيين مع تحديد سقف أجورهم. من جهة ومن جهة أخرى لا يمكنها مجاراة صحف المؤسسات التجارية ذات الرأسمال الكبير. مما يعني القضاء نهائيا على صحافة القرب وموت الصحف المحلية الجهوية. وهو ما يتناقض مع التوجهات الملكية والدستورية والحكومية.
• الخلاصة والتوصيات :
– إن التنسيقية إذ تقر بالجهود المبذولة في إخراج هذه المدونة إلى حيز الوجود، وتنوه بكافة الأطر والكفاءات الساهرة على صياغة مقتضياتها القانونية، فإنها تؤكد في نفس الوقت على أن ثمة تغرات وتناقضات وأخطاء وغموض في بعض مواد قوانينها الثلاث. خاصة عدم وضوحية المقتضيات المتعلقة بالتأسيس والنشر والمقاولة وصفة الصحفي المهني ونظام المجلس الوطني.
وبدل من دعوة الجرائد والصحف للملائمة مع القوانين الجديدة للصحافة، فإن التنسيقية الوطنية تدعو الجهات المعنية إلى ملائمة المدونة مع القوانين والسياسات الجاري بهما العمل وطنية ودوليا. وترفع بهذا الصدد توصياتها التالية من خلال هذه المذكرة التوضيحية إلى كل من البرلمان والحكومة والقطاع الوصي ووزارة العدل ووزارة الداخلية وباقي الجهات المعنية، وتدعوهم من خلالها إلى :
ملائمة المدونة مع التوجهات الملكية السامية الرامية إلى النهوض بالتنمية البشرية وتأهيل الذاتي
ملائمة المدونة مع مقتضيات الدستور المغربي
ملائمة المدونة مع المواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة والمصادق عليها من طرف المغرب
ملائمة المدونة مع السياسة المنتهجة من قبل الحكومة في مجال إدماج الشباب في سوق الشغل والحياة العامة.
تصحيح وتوضيح وتعديل بعض المقتضيات القانونية للمدونة وملائمتها مع وضعية الموارد البشرية العاملة، وتكيفها مع المعطى الجغرافي لجهات المملكة
فتح نقاش جاد وحوار وطني وجهوي، خاص بالصحافة الإلكترونية لصياغة وبلورة التصورات القانونية والتشريعية المرتبطة بالصحافة والإعلام والاتصال التكنولوجي الرقمي.
إحداث مدونة خاصة بالصحافة والنشر الإلكتروني والإعلام الرقمي
إحداث نصوص تشريعية خاصة بمنظومة الصحافة الجهوية والمحلية.
إن هذه المذكرة التوضيحية هي دعوة وطنية لتشكيل مشهد إعلامي، متنوع في حمولته، ومنفتح على حساسيات محيطه، ومتحرر من القيود القبلية، ومتشبع بقيم الديمقراطية والحرية حقوق الإنسان.
والسلام
عن المكتب التنفيذي