فؤاد الحوري يؤكد أهمية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في النهوض بوضعية المرأة المغربية
الكلمة الافتتاحية للسيد محمد فؤاد الحوري رئيس مجلس
جماعة المشور القصبة بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة
المنظم من طرف جماعة المشور القصبة
بفضــاء الجمعيـــات القصبــــة
من 08 الى 14 مارس 2018
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
أيتها السيدات، أيها السادة:
يطيب لي في البداية أصالة عن نفسي ونيابة عن أخواتي المستشارات وإخواني المستشارين بجماعة المشور القصبة أن أرحب بكافة السيدات والآنسات الممثلات لمختلف فعاليات المجتمع المدني النسائي وكل الهيئات المهتمة بالحقل التنموي في هذا اللقاء السنوي الذي دأبت الجماعة على تنظيمه بمناسبة عيد المرأة.
وبعد، فلقد ظلت قضية المرأة قضية مجتمعية إنسانية بامتياز، على مر العصور واختلاف الثقافات وتعاقب الحضارات و تنوع المجتمعات، ولا تزال تشكل محورا تدور حوله الدراسات والأبحاث، والتي ظلت تتناول المرأة من نواحي متعددة ومجالات مختلفة، وان ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة رسمت للمرأة من خلال القرآن الكريم شخصية متميزة، قائمة على احترام الذات، وكرامة النفس، وأصالة الخلق، وأكدت السنة النبوية هذه المكانة الرفيعة، القائمة على المساواة، والمودة، والعدل، والمعاشرة بالمعروف بينها وبين الرجل؛ حيث يقول النبي الخاتم، رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “النساء شقائق الرجال”.
أيها الحضور الكريم:
إن وضعية المرأة في المغرب عرفت تطورا ملحوظا بفضل الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، واهتمامه الكبير بهذه الفئة المجتمعية والقضايا المتعلقة بها والنهوض بحقوقها.
فقد انخرطت المملكة المغربية في مسارات تعزيز دور المرأة في التنمية البشرية من خلال جملة من المحطات التاريخية، كان من أكثرها دلالة إطلاق جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت في تحسين ظروف عيش العديد من النساء في الحواضر عموما والأرياف على وجه الخصوص، ومكنت من ضمان الاستقلالية المادية لهذه الفئات.
ولعل احتفاءنا هذه السنة باليوم العالمي للمرأة تحت شعار“المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حافز للنهوض بوضعية المرأة” إنما هو في الواقع إبراز للخيارات والإمكانات الهامة والفعالة التي يتيحها هذا الورش الملكي المجتمعي، لتحقيق مكاسب نوعية وكمية لفائدة النساء،والذي جعل في صدارة أولوياته وأهدافه النهوض بوضعية المرأة وضمان كرامتها والاستجابة لرغبتها في مزاولة بعض الأنشطة المدرة للدخل بهدف تمكينها من شروط التنمية الذاتية والرفع من مستواها المعيشي.
أيتها السيدات، أيها السادة:
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية،لتعد بحق وسيلة حقيقية وأداة نبيلة لتغيير واقع النساء من شانها أن تسهم بشكل خاص في إدماجهن كفاعلات في محيطهن الاقتصادي والاجتماعي، الذي يحتل مكانة هامة في الوقت الراهن ويشكل ركيزة أساسية للدفع بعجلة التنمية، فقد ركزت هذه المبادرة الواعدة على تنمية دور المرأة، ومساعدتها من أجل إخراجها من وضعية الهشاشة والفقر والتبعية، مبرزة عمق فلسفة هذا الورش المتمثل في مساعدة النساء على تنمية شخصيتهن وتعزيز قدراتهن على إثبات ذاتهن في مجالات تنموية متعددة.
ولقد استطاعت هذه المبادرة المبتكرة أن تحدث تحولا مجتمعيا، بفضل نهجها لمقاربة تشاركية وحكامة جيدة، تتأسس على مبادئ الديمقراطية والنجاعة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي، ومقاربة النوع والمقاربة الاندماجية للنساء في وضعية صعبة مما جعل مجهودات المغرب في المجال الاجتماعي نموذجا بارزا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ولقد ساهمت جماعة المشور القصبة إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مند انطلاقها سنة 2005 و حتى يومنا هذا،في خلق العديد من المشاريع ،همت مجالات التنمية الاجتماعية التي ترتبط بتيسير ولوج الخدمات والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات الجماعية كتبليط الأزقة وتقوية قنوات الصرف الصحي والإنارة العمومية وتهيئة الفضاءات الخضراء وإقامة مؤسسات اجتماعية للقرب، ودعم قطاع التعليم والصحة والتنشيط الثقافي والرياضي وتنمية القدرات والتكوين المهني ،وكذا دعم إحداث الجمعيات والتعاونيات والأنشطة المدرة للدخل .
هذه المنجزات التي كان لها وقع طيب وتأثير ايجابي على ساكنة الجماعة بمختلف الشرائح المكونة لها من نساء ورجال وشباب وأطفال على حد سواء ولا يفوتنا في هذه المناسبة أن ننوه بالتجربة الرائدة التي ساهمت فيها جماعة المشور القصبة، بشراكة مع التعاونية القرائية لام ألف في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي أبانت عن قدرة النساء المتعطشات للتعلم والمعرفة في تخطي حواجز الأمية ، مع الإشارة إلى التعاونيات النسوية التي تنشط في النفوذ الترابي للجماعة، والتي أبدعت ولازالت في مجال الصناعة التقليدية ، دون أن ننسى بطبيعة الحال السيدات الفاضلات المستشارات بمجلس الجماعة، وكذا السيدات الموظفات وما يسدين من أعمال جليلة تجاه الساكنة المحلية بكل تفان وإخلاص وتقدير للمسؤولية ، وإننا إن شاء الله لا زلنا نتطلع إلى تحقيق المزيد من المكاسب والمنجزات، مستلهمين في ذلك بالتوجيهات الملكية السامية لمولانا أمير المؤمنين نصره الله وأيده.
أيها الحضور الكريم:
لقد أثبتت المرأة دائما القدرة على فرض وجودها باعتبارها قاطرة للتنمية الاقتصادية ومصدر خلق للثروة وتوفير فرص العمل، ومساهمتها الفعالة في التنمية الاجتماعية وقيادة المقاولات التي تساهم بشكل كبير في تقوية النسيج الاقتصادي وتحقيق التماسك الاجتماعي، وإن الرهان الحقيقي والتحدي المطروح اليوم لإنصافها، هو النضال من أجل حقها في التعليم السليم ومحاربة الأمية، والرقي بمستواها الأكاديمي والثقافي، والقضاء على الفقر والهشاشة والتهميش والإقصاء، ومراعاة بنيتها وأنوثتها في فرص العمل، والاهتمام بها في البوادي والأرياف والمناطق النائية، وتوفير الرعاية الصحية الواجبة لها ،وتفعيل دورها الأساسي في الأسرة وفي كافة المؤسسات، ودعم حضورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي المنصف، كل ذلك في إطار الحفاظ على عفتها وكرامتها وأنوثتها كمكون إنساني لا يختلف في شيء مع الشقيق الرجل إلا بالمعرفة والحكمة وحسن التدبر واتخاذ القرارات الجريئة الطموحة والخلاقة.
وإننا لندعو كافة الشركاء والفاعلين في الحقل التنموي ،من هيأت منتخبة وسلطات محلية وفعاليات المجتمع المدني كل في مجال اختصاصه ، إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها والعمل جنبا إلى جنب من أجل رفع هذه الرهانات والتحديات و تجاوز كافة المعيقات ،في أفق تحقيق مشاركة المرأة في التنمية بكافة مستوياتها،وهذا ما يتوافق مع أهداف وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومع الإرادة الملكية السامية لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في إنصاف المرأة المغربية ،و إقرار كافة حقوقها والتي تبلورت جليا في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية من الدستور المغربي لسنة 2011 .
وختاما لا يسعنا إلا أن نهنئ بهذه المناسبة كل نساء الأرض،ونخص بالذكر المرأة المغربية أما وزوجة وأختا وبنتا،والله نسأل أن يعيد عليكن أمثال هذه المناسبة بمزيد من العطاءات وتحقيق المكتسبات والرقي في مختلف المحافل والمجالات انه سميع مجيب وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته