تقرير يرصد مداخيل اليوتيبرز المغاربة . ويحذر من غياب النخب عن العالم الإفتراضي
قدرت تقارير أولية صادرة عن جمعيات مختصة في مواكبة نشطاء العالم الإفتراضي قيمة االمداخيل المالية التي يتلقاها اليوتيبرز المغاربة بحوالي 5 مليار سنتيم سنويا مقابل محتويات تسير أغلبها في إتجاه صناعة اليأس والقنوط وتكريس الإتكالية و العدمية في حين تتجه قلة قليلة من الفيديوهات المعروضة على اليوتيب نحو لعب أدوار تثقيفية و توعوية من شأنها المساهمة في رفع المستوى المعرفي للمغاربة.
وكشفت التقارير التي همت عينات مختارة من الفيديوهات المعروضة على اليوتيب من 28 شتنبر 2018 و إلى غاية 28 شتنبر 2019 , أنه وعلى الرغم من كونه قطاعا يدر مداخيل مالية مهمة إلا أنه لا يخضع لمعايير مهنية ولا أخلاقية واضحة , وتبقى أغلب المحتويات دون قيمة حقيقية للتأثير الإيجابي والمتزن , ويغلب طابع الشكايات والتذمر على المحتويات ذات الطابع الإجتماعي التي تقدمها نسبة كبيرة من اليوتيبرز المغاربة الذين شملتهم الدراسة, والبالغ عددهم 340 يوتيبر ضمنهم 98 من الجنس اللطيف.
و تطغى على محتوى اليوتيب المغربي (وفق نفس التقرير) فيديوهات لا تعكس عمق الحضارة المغربية وتنوعها الثقافي , و يغلب على الفيديوهات المتداولة طابع المظلومية والتظلم و الأوصاف ذات الصبغة الذاتية التي لا تعكس في مجملها حقيقة الواقع اليومي للمغاربة وهو ما من شأنه أن يبعث القلق واليأس والقنوط في نفوس المتتبعين ويجعلهم معزولين عن الواقع وعن الحقائق , في الوقت الذي تغيب النخب الفكرية والعلمية بشكل ملموس نتيجة عدم تجاوب الشرائح المجتمعية العريضة في المغرب مع المحتويات ذات القيمة العلمية والأكاديمية , بإستثناء المحتويات التي تستعرض الجوانب التاريخية للمملكة والتي تلقى تجاوبا متوسطا لدى المغاربة , في الوقت الذي تستأثر جميع الفيديوهات التي تظهر المغاربة في مواقف غبية و بليدة أو مقلقة بنسبة عالية من المتتبعين والمشاهدة . وهو مؤشر واضح على خلو الفيديوهات المعروضة من أية قيمة معنوية حقيقية بإمكانها أن تؤثر إيجابيا في تحسين المستوى المعرفي والثقافي للمغاربة.
ولفت التقرير الذي إطلعت ” مراكش24″ على نتائجه الأولية إلى أن عددا مهما من اليوتيبرز المغاربة يتعمدون عدم التصريح لمتابعيهم بمداخيلهم المالية المرتفعة من اليوتيب خشية فقدان نسبة المتابعين , و يفضلون الإبقاء على الأمر سرا , في الوقت الذي تفتقد نسبة كبيرة من الفيديوهات المعروضة لرسالة أخلاقية أو إنسانية نبيلة , وينساق معظم اليوتيبرز المغاربة بشكل سريع نحو المواضيع التي تدعمها شركة اليوتيب بهدف تحقيق مداخيل أكبر. وهو ما يجعل معظم اليوتيبرز ينساقون وفق توجهات شركة يوتيب ما يطرح السؤال حول حقيقة الحرية التي يتيحها الموقع الأمريكي الأشهر في العالم.
وتحقق فيديوهات الفلوغر “vlogueur” من الإناث والذكور أعلى المداخيل المالية على اليوتيب متبوعين باليوتيبرز المتخصصين في نقل البؤس والمأسي الإجتماعية ثم المختصرات الرياضية الدولية والحوادث والمواضيع الإجتماعية و ألعاب الفيديو متبوعة بالسياسة والأخبار الحكومية . فيما تحقق برامج الطبخ والحلويات نسبة مشاهدة عالية أيضا .
وفي الوقت الذي لا يرى المغاربة مانعا من رفع المداخيل المالية للشباب الذي إختار مهنة “يوتيبر” إلا أن عموم المغاربة باتوا في الأونة الأخيرة يتصدون لسياسة خلق البوز من طرف بعض االيوتببرز عبر المساس الواضح بالجانب العقائدي والروحي وهو ما يستوجب تقنين هذا النشاط وجعله ذو حمولة تربوية وأخلاقية , من شأنها رفع المستوى الثقافي لعموم المواطنين المغاربة , والحفاظ على الخصوصية المغربية , و إبراز الجوانب المشرقة للمغرب أيضا بشكل متوازن يضمن للمغاربة حرية التعبير وإبداء الرأي في المواضيع التي تهم المملكة من جهة , ويجنب المتلقي تداعيات القلق النفسي والعصبي الذي يشكله الإستقبال المتواصل للأخبار السلبية البعيدة في مجملها عن شروط الموضوعية الواجب توفرها في ممتهني نقل و نشر الأخبار .
عبد الحميد زويت