حرية الرأي… كذبة المغرب الكبرى
ينص الدستور المغربي في الفصل 19 على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها…”. لكن وبالعودة إلى الواقع المعاش، سنكتشف أن ذلك يبقى مجرد أضغاث أحلام، وأن انتهاك حرية الرأي والتعبير، إحدى أهم الشعارات التي ترفعها الدولة وأجهزتها. وإن الاعتقالات التعسفية المتتالية، والأحكام التي تصدر بشكل شبه يومي ضد رجال الإعلام لخير دليل على ذلك.
لقد تجاوز المغرب منذ عقود من الزمن ما سمي بسنوات الرصاص، وتصالح منذ بداية الألفية الثانية مع ماضيه، ومع ضحايا الآلة القمعية لسبعينيات القرن الماضي، التي قادها الجنرال أوفقير قبل أن يسلم مشعل قيادتها لتلميذه النجيب إدريس البصري، الذي مافتئ بدوره يتفنن في تقنيات التعذيب والقمع. إلا أن المغاربة وبعد إعلان المغرب رغبته في تجاوز ماضيه، والمضي قدما في خط البلدان الديموقراطية، تفاءلوا خيرا. لكن ماهي إلا سنوات، حتى اخترع عشاق القمع والتعذيب آلات أخرى تناسب العصر الحديث. فحتى بعد إقرار دستور 2011 الذي تضمن ببنود ضامنة لحرية التعبير، لازال بعض من يفترض فيهم الحرص على احترام حرية التعبير يحاولون إسكات الأفواه وتجفيف الأقلام التي تختلف معهم. فقد تابع الرأي العام عدد المحاكمات التي يتابع فيها رجال الإعلام بسبب آراء كتبوها أو أفصحوا عنها، وحجم الغرامات التي حكم عليهم بدفعها. وها نحن نتابع بشكل شبه يومي الاعتقالات والتهم التي تلفق لنشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، والإبعاد الممنهج للمنتسبين لبعض الحركات والجماعات من صفوف الوظيفة العمومية، وحرمانهم من حقهم في التوظيف، وذنبهم الوحيد أنهم هم أو أحد أقاربهم يعلن تعاطفه أو انتمائه مع جماعة أو حركة تتنافى مطالبها ورغبات دكتاتوريي هذا الوطن، ممن يرغبون في أن يصبح الكل يرى العالم من خلال نفس النظارات التي يرونه بها.
إن ما أصبح يعانيه أبناء هذا الوطن من خنق وانتهاك لحرية الرأي والتعبير، لأفظع مما تعيشه الدول الأقل منا ديموقراطية، وأفظع مما كان يعيشه المغاربة في ما مضى من الزمن.
إن ما يعيشه المغرب اليوم من تجاوزات وانتهاكات بداخله، ستؤثر على موقعه بالخارج، كما ستؤثر أيضا ولو بطريقة غير مباشرة، على قضيته الوطنية في المنتظمات الدولية.